151ـ مع الحبيب المصطفى: «مُتَبَرٍّ مِنْ وَالِدَيْهِ, رَاغِبٌ عَنْهُمَا»

 

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

151ـ «مُتَبَرٍّ مِنْ وَالِدَيْهِ، رَاغِبٌ عَنْهُمَا»

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ مُخبِرَاً عن صِفَاتِ عِبَادِ الرَّحمنِ: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾. فمن أَرَادَ أن يَجعَلَ وَلَدَهُ زِينَةً لَهُ في الحَيَاةِ الدُّنيَا، وبَهْجَةً للنَّاظِرِينَ إِلَيهِ حتَّى يَدعُوَ النَّاظِرُ إِلَيهِ لِوَالِدَيهِ، وخَلِيفَةً لَهُ من بَعدِ مَوتِهِ لِيَذْكُرَهُ بِدَعوَةٍ صَالِحَةٍ، فَليُحسِنْ تَربِيَتَهُ، وليَكُنْ قُدوَةً صَالِحَةً وحَسَنَةً لَهُ في كُلِّ شَيءٍ، يَرعَى نَشأَتَهُ، ويُوَجِّهُهُ إلى الطَّرِيقِ المُستَقِيمِ، وأن لا يَنصَرِفَ عن ذلكَ إلى تِجَارَتِهِ وأَموَالِهِ.

أيُّها الإخوة الكرام: لقد أَوصَى اللهُ تعالى الأَبنَاءَ بالآبَاءِ والأُمَّهَاتِ كَثِيرَاً، ولم يُوصِ الوَالِدَينِ بالوَلَدِ كَثِيرَاً، لأنَّ الأَبَوَينِ جُبِلا على عَاطِفَةٍ أَصلِيَّةٍ فِيهِمَا.

فَبِرُّ الوَالِدَينِ فَرِيضَةٌ لازِمَةٌ، وعُقُوقُهُمَا حَرَامٌ، وكَبِيرَةٌ من الكَبَائِرِ، ولا يُنكِرُ فَضْلَ الوَالِدَينِ إلا كُلُّ نَذْلٍ ولَئِيمٍ، ومَهمَا فَعَلَ الأَبنَاءُ فلن يَستَطِيعُوا أن يُكَافِئُوا الوَالِدَينِ بما قَامُوا نَحوَهُم من عَطْفٍ ورِعَايَةٍ، وتَربِيَةٍ وعِنَايَةٍ.

من أَقبَحِ مَظَاهِرِ العُقُوقِ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ من أَقبَحِ مَظَاهِرِ العُقُوقِ التي انتَشَرَت في مُجتَمَعِنَا، أن يَتَبَرَّأَ الوَلَدُ من وَالِدَيهِ، وخَاصَّةً إذا رَفَعَ اللهُ تعالى مُستَوَاهُ الاجتِمَاعِيَّ، والنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَاداً لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ».

قِيلَ لَهُ: مَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ الله؟

قَالَ: «مُتَبَرٍّ مِنْ وَالِدَيْهِ، رَاغِبٌ عَنْهُمَا، وَمُتَبَرٍّ مِنْ وَلَدِهِ، وَرَجُلٌ أَنْعَمَ عَلَيْهِ قَوْمٌ فَكَفَرَ نِعْمَتَهُمْ، وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ» رواه الإمام أحمد عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عنهُما.

أيُّها الإخوة الكرام: عُقُوقُ الوَالِدَينِ لَهُ صُوَرٌ عَدِيدَةٌ، ومَظَاهِرُ كَثِيرَةٌ، فالتَّرَفُّعُ على الوَالِدَينِ والتَّكَبُّرُ عَلَيهِمَا لِسَبَبٍ من الأَسبَابِ، كَأن يَكثُرَ مَالُهُ، أو يَرتَفِعَ مُستَوَاهُ العِلمِيُّ أو الاجتِمَاعِيُّ من العُقُوقِ.

ومن العُقُوقِ وخَاصَّةً في هذهِ الأَزمَةِ أن يَدَعَ الوَلَدُ وَالِدَيهِ من غَيرِ مُعِيلٍ لَهُمَا، فَيَدَعَهُمَا يَتَكَفَّفَانِ النَّاسَ، ويَسأَلانِهِم.

ومن العُقُوقِ أن يُقَدِّمَ غَيرَهُمَا عَلَيهِمَا، كَأن يُقَدِّمَ صَدِيقَهُ أو زَوجَتَهُ أو حَتَّى نَفسَهُ عَلَيهِمَا.

ومن العُقُوقِ أن يُنَادِيَهُمَا باسمِهِمَا مُجَرَّدَاً.

أيُّها الإخوة الكرام: لِيَعلَمِ العَاقُّ والعَاقَّةُ أنَّ إحسَانَ الوَالِدَينِ عَظِيمٌ، وفَضْلَهُمَا سَابِقٌ، ولا يَتَنَكَّرُ لَهُ إلا جَحُودٌ ظَلُومٌ غَاشِمٌ، قد أُغلِقَت في وَجْهِهِ أَبوَابُ التَّوفِيقِ، ولو حَازَ الدُّنيَا بِحَذَافِيرِهَا.

من أَقبَحِ الصِّفَاتِ التَّنَكُّرُ للجَمِيلِ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ الإحبَاطَ كُلَّ الإحبَاطِ أن يُفَاجَأَ الوَالِدَانِ بالتَّنَكُّرِ للجَمِيلِ، الوَالِدَانِ يَتعَبَانِ في تَنشِئَةِ الوَلَدَ تَنشِئَةً صَالِحَةَ، وهُمَا يَتَطَلَّعَانِ إلى الإحسَانِ مِنهُ عِندَ العَجْزِ والشَّيخُوخَةِ، ويُؤَمِّلانِ الصِّلَةَ بالمَعرُوفِ، فإذا بهذا الوَلَدِ يَتَخَاذَلُ ويَتَنَاسَى ضَعْفَهُ وطُفُولَتَهُ، ويُعجَبَ بِشَأنِهِ وفُتُوَّتِهِ، ويَغتَرَّ بِعِلمِهِ وثَقَافَتِهِ، ويَتَرَفَّعَ بِجَاهِهِ ومَرتَبَتِهِ، فَيُؤذِيهِمَا بالتَّأَفُّفِ والتَّبَرُّمِ، ويُجَاهِرُهُمَا بالسُّوءِ وفُحْشِ القَولِ، ويَقهَرُهُمَا ويَنهَرُهُمَا، هُمَا يُرِيدَانِ حَيَاتَهُ، وهوَ يُرِيدُ مَوتَهُمَا، حتَّى صَارَ الأَبَوَانِ يَتَمَنَّيَانِ لو كَانَا عَقِيمَينِ.

رِسَالَةُ وَالِدٍ لِوَلَدِهِ العَاقِّ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد سَمِعنَا في الدَّرسِ المَاضِي رِسَالَةَ الأُمِّ المَكلُومَةِ المَجرُوحَةِ إلى وَلَدِهَا العَاقِّ، ولنَسمَعِ اليَومَ إلى رِسَالَةٍ من أَبٍ رَحِيمٍ أَدَّبَ وَلَدَهُ لَعَلَّهُ أن يَنَالَ ثِمَارَ هذا الأَدَبِ أَيَّامَ شَيخُوخَتِهِ، ولكن بِسَبَبِ قَرِينِ سُوءٍ انقَلَبَ الوَلَدُ البَارُّ إلى عَاقٍّ، وانقَلَبَ الوَلَدُ الطَّائِعُ إلى عَاصٍ.

قَالَ الوَالِدُ لِوَلَدِهِ في رِسَالَتِهِ:

يا وَلَدِي، هذا يَومُكَ، لا أَعتَقِدُ أَنَّكَ مُنكِرٌ لِحَقِّ أَبِيكَ عَلَيكَ، فبالرَّغمِ من العُقُوقِ الذي يَصدُرُ مِنكَ إلا أَنَّهُ لَكَ في قَلبِي مَحَبَّةٌ، وبِلِسَانِي لَكَ دَعوَةٌ، ومن عَينِي لَكَ دَمعَةٌ، ومن جَوَارِحِي لَكَ حَرَكَةٌ، ما زِلتُ أَنشُدُكَ عَسَاكَ تَعُودُ.

فلقد أَعدَدتُ فِيكَ الرُّجُولَةَ والشَّهَامَةَ والوَفَاءَ، أَعدَدتُ فِيكَ العِزَّةَ والكَرَامَةَ والإبَاءَ، أَعدَدتُ فِيكَ الأخلاقَ الطَّيِّبَةَ، أَعدَدتُ فِيكَ المَعَانِيَ النَّبِيلَةَ، والقِيَمَ الفَاضِلَةَ، أَقُولُ هذا لَكَ يا وَلَدِي، والأَلَمُ يَعصِرُ قَلبِي، والحُزنُ يَقطَعُ أَوصَالِي لما أُشَاهِدُهُ مِنكَ.

فبالأَمسِ القَرِيبِ كُنتَ حَرِيصَاً على صَلاةِ الجَمَاعَةِ، كُنتَ مُوَاظِبَاً على صِلَةِ الأَرحَامِ، كُنتَ غَيُورَاً على دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فماذا جَرَى لَكَ يا وَلَدِي؟

يَا وَلَدِي لَقَد ذَرَفتُ دُمُوعَ الفَرَحِ لمَّا سَمِعتُ بِقُدُومِكَ، وقَطَرَاتُ دَمِي بَذَلتُهَا لِسَعَادَتِكَ، لا أَذْكُرُ أَنِّي ارتَحتُ في نَومِي وأَنتَ مُستَيقِظٌ، وشَبِعتُ يَومَاً وَأَنتَ جَائِعٌ.

يا وَلَدِي: أَلَيسَ من الظُّلمِ أن تَقتُلَ القَلبَ الذي أَحَبَّكَ، وتُشَيِّبَ الرَّأسَ، وتُدمِعَ العَينَ التي لم تَنَمْ باستِيقَاظِكَ؟ أَلَيسَ من الظُّلمِ أن أَرَاكَ بَينَ ثُلَّةٍ من العُصَاةِ التَّائِهِينَ؟ أَلَيسَ من العَارِ عَلَيكَ تَلوِيثُ سُمعَةِ عَائِلَتِكَ؟ أَلَيسَ من المُحزِنِ أن أُنَادِيَكَ فلا تُجِيبُنِي، فواللهِ لم أَعَقَّ وَالِدِي يَومَاً حتَّى تَعُقَّنِي.

هذا يَومُكَ يا وَلَدِي، فقد طَعَنَ وَالِدُكَ وَوَالِدَتُكَ في السِّنِّ، يا وَلَدِي لقد مرَّت عليَّ وعَلَى وَالِدَتِك لَيَالٍ لم تَنَمْهَا أُمُّكَ لأنَّكَ لم تَلعَقْ ثَدْيَهَا بَعدُ.

هل تَخَيَّلتَ يَومَاً أن تَحمِلَ أُمَّكَ أو أبَاكَ كالرَّجُلِ اليَمَانِيِّ الذي حَمَلَ أُمَّهُ على ظَهْرِهِ لِيَطُوفَ بها بالبَيتِ العَتِيقِ، فَقَالَ: يا ابنَ عُمَرَ، هل تُرَانِي أَدَّيتُ حَقَّهَا؟

فَقَالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ: ولا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ من طَلْقَاتِهَا.

أينَ أَنتَ من ذلكَ؟ يا بُنَيَّ، لم أَطلُبْ مِنكَ يَومَاً شَيئَاً لا تَستَطِيعُ القِيَامَ بِهِ، أم أَنَّكَ لا تَستَطِيعُ أَدَاءَ الصَّلاةِ وصَومَ رَمَضَانَ ودُخُولَ الجَنَّةِ؟

نَعَم: «رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُل الْجَنَّةَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

هذا يَومُكَ يا وَلَدِي، فالدَّمعَةُ التي غَرغَرتَ بها عَينِي، لِتَقتُلَنِي بها أَلفَ مَرَّةٍ، حِينَ أَتَذَكَّرُكَ وأَنتَ تَلعَبُ في حِجرِي، فَيَومَاً ظَهرِي لَكَ مَطِيَّةٌ تَركَبُهَا، ومَرَّةً كَتِفِي لَكَ مَنَارَةٌ تَعلُوهَا، ومَرَّةً ألتَزِمُ الصَّمتَ أَمَامَ الجُلُوسِ لأَدَعَكَ تَتَكَلَّمُ باسمِ الجَمِيعِ، ألا تَذْكُرُ يا وَلَدِي كم كُنتُ مَسرُورَاً مِنكَ حِينَ أَتَيتَنِي تَركُضُ خَائِفَاً من أَخِيكَ (يابا، يابا عِندَكَ أخوي؟) ألا تَذْكُرُ يا وَلَدِي كم أَرسَلتُ الدُّمُوعَ عَلَيكَ، لمَّا عَلِمتُ أَنَّكَ سَتَغِيبُ عن نَاظِرَيَّ لِتَنَالَ شَهَادَةَ التَّفَوُّقِ في الجَامِعَةِ؟

ولكن يا لَيتَكَ لم تَذهَبْ، ذَهَبتَ مُطِيعَاً، ورَجَعتَ عَاقَّاً، فَارَقتَنَا والدُّمُوعُ تَسِيلُ مِنكَ على الخَدِّ حُزنَاً وأَلَمَاً على شِدَّةِ البُعدِ، ورَجَعتَ يا وَلَدِي ودُمُوعُ الفَرحَةِ تَغمُرُنَا.

فيا للأَسَفِ، رَجَعتَ لا تَعرِفُ أُمَّكَ ولا أَبَاكَ، لِمَ يا وَلَدِي؟ ألَم تَذهَبْ لِتَتَعَلَّمَ حُسْنَ المُعَامَلَةِ، وخِدمَةَ الإنسَانِيَّةِ، أَلَم تَذهَبْ لِتَتَعَلَّمَ كَيفَ تُسَاهِمُ بِنَهضَةِ وَطَنِكَ؟

يا وَلَدِي، ألا تَذْكُرُ كَم مَعرَكَةً ومُشَادَّةً جَرَت بَينِي وبَينَ أُمِّكَ حَولَ مَائِدَةِ الطَّعَامِ، وأنا أنتَظِرُكَ لِتَأكُلَ مَعِيَ، وهيَ تَقُولُ لِي: تَنَاوَلْ طَعَامَكَ، فَلَقَد أَكَلَ قَبلَ قَلِيلٍ، وأنا أُصِرُّ على الانتِظَارِ.

أَلَم تَذْكُرْ أَسعَدَ لَحَظَاتِ أُمِّكَ مَعَكَ؟ نَعَم، كَانَت أَسعَدُ لَحَظَاتِ أُمِّكَ مَعَكَ عِندَمَا كُنتَ صَغِيرَاً، تُمسِكُ شَعرَهَا بِشِدَّةٍ، لأنَّهَا أَدرَكَت أَنَّكَ كَبُرتَ، فَكَانَت تَحلُمُ بِكَ بَارَّاً وَفِيَّاً لَهَا ولأبِيكَ، والكَلامُ يَطُولُ يا وَلَدِي، فهذا يَومُكَ، فامدُدْ يَدَكَ لليَدِ التي أَعَانَتْكَ، وللعَينِ التي سَهِرَتْ عَلَيكَ، وللقَلبِ الذي تَفَطَّرَ لأجلِكَ، وللِّسَانِ الذي يَملِكُ تَدمِيرَ حَيَاتِكَ بأَقَلَّ ما تَتَصَوَّرُ، ولكنَّهَا حِنِّيَّةُ الأُمِّ، ومَحَبَّةُ الأَبِ.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد حَضَّنَا دِينُنَا الحَنِيفُ أن نُحسِنَ إلى من كَانَ سَبَبَاً في وُجُودِنَا في هذهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا بَعدَ اللهِ عزَّ وجلَّ، ونَبَّهَنَا اللهُ تعالى إلى حَالَةِ كِبَرهِمَا، لأنَّهُمَا يَكُونَانِ فِيهَا أَحَوجَ إلَينَا، ولأنَّ الصَّبْرَ قد يَقِلُّ عِندَهُمَا، فَيَحرُمُ على المَرءِ في هذهِ الحَالَةِ، وفي حَالِ قُوَّتِهِمَا كذلكَ، أن يَقُولَ لَهُمَا كَلِمَةَ: أُفٍّ، كَلِمَةٌ من حَرفَينِ، ولكنَّهَا سَيِّئَةُ المَعنَى.

وأمَّا ما زَادَ عَلَيهَا من شَتْمٍ وضَرْبٍ ـ والعِياذُ باللهِ تعالى ـ فهذا مَحْضُ العُقُوقِ والخِذلانِ، واستِحقَاقُ السَّخَطِ والعُقُوبَةِ من الجَبَّارِ المُنتَقِمِ.

أيُّها الإخوة الكرام: المَطلُوبُ من الأولادِ تُجَاهَ آبَائِهِم ـ وكُلُّنَا أَولادٌ ـ أن يَقُولُوا القَولَ الكَرِيمَ الحَسَنَ الذي يُدخِلُ السُّرُورَ إلى قُلُوبِهِم، وأن يُلاقُوهُم بالابتِسَامَةِ والتَّرحِيبِ، فَضْلاً عن تَقبِيلِ رُؤُوسِهِم وأيدِيهِم وأرجُلِهِم، وقَضَاءِ حَوَائِجِهِم ولو على حِسَابِ كُلِّ حَاجَاتِ أَنفُسِهِم.

يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ: لا تَمشِ بَينَ يَدَيْ أَبِيكَ، ولكنِ امشِ خَلفَهُ أو إلى جَنبِهِ ، ولا تَدَعْ أَحَدَاً يَحُولُ بَينَكَ وبَينَهُ، ولا تَمشِ فَوقَ إِجَّارٍ ـ سَطْحٍ ـ أَبُوكَ تَحتَهُ، ولا تَأكُلْ عِرقَاً قد نَظَرَ أَبُوكَ إِلَيهِ، لَعَلَّهُ قد اشتَهَاهُ. رواه الطَّبَرَانِيُّ في الأَوسَطِ.

اللَّهُمَّ وَفِّقنَا لِبِرِّهِم أَحيَاءً ومَيِّتِينَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 29/شوال /1435هـ، الموافق: 25/آب / 2014م