154ـ مع الحبيب المصطفى: «رسالة ولد لوالده»

 

 مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

154ـ «رسالة ولد لوالده»

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ من أَعظَمِ نِعَمِ اللهِ تعالى على الإنسَانِ الأُسرَةَ الصَّالِحَةَ، يَجِدُ الإنسَانُ رَاحَتَهُ الجَسَدِيَّةَ والمَعنَوِيَّةَ في الأُسرَةِ الصَّالِحَةِ، يَجِدُ هُدُوءَ نَفسِهِ وقَلبِهِ فِيهَا، يَجِدُ فِيهَا الطُّمَأنِينَةَ، يَجِدُ فِيهَا السَّكَنَ والرَّاحَةَ والمَوَدَّةَ، وخَاصَّةً في خِضَمِّ هذهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا، قال تعالى: ﴿واللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: مَهمَا حَاوَلَ أَعدَاءُ هذهِ الأُمَّةِ، ومَهمَا تَكَالَبُوا على المُسلِمِينَ، فإنَّهُم أَعجَزُ وأَحقَرُ من أن يُطفِئُوا نُورَ اللهِ تعالى، وسَتَبقَى هذهِ الأُمَّةُ عَصِيَّةً على أَعدَائِهَا، رَغمَ النَّوَازِلِ والمِحَنِ، ورَغمَ كَثْرَةِ المَشَاكِلِ والفِتَنِ، ومَهمَا أَفسَدُوا من شَبَابِ هذهِ الأُمَّةِ وشَابَّاتِهَا، ومَهمَا تَمَرَّدَ كَثِيرٌ من الأَبنَاءِ على آبَائِهِم، ولَعَلَّ هذهِ المِحنَةَ القَاسِيَةَ تَرُدُّ الآبَاءَ والأُمَّهَاتِ، والأَبنَاءَ والبَنَاتِ إلى دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ رَدَّاً جَمِيلاً.

عِتَابُ الأَبنَاءِ للآبَاءِ:

أيُّها الإخوة الكرام: ما سَادَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ إلا بَعدَ أن التَزَمَ الآبَاءُ والأُمَّهَاتُ بالوَاجِبَاتِ التي عَلَيهِم نَحْوَ أَبنَائِهِم وبَنَاتِهِم، وكذلك التَزَمَ الأَبنَاءُ والبَنَاتُ بالوَاجِبَاتِ التي عَلَيهِم نَحْوَ آبَائِهِم وأُمَّهَاتِهِم.

أَيُّهَا الآبَاءُ والأُمَّهَاتُ، أَبنَاؤُنَا أَمَانَةٌ في أَعنَاقِنَا، ويَجِبُ عَلَينَا حِفظُ الأَمَانَةِ، وقد حَذَّرَنَا اللهُ تعالى من تَضيِيعِ الأَمَانَةِ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: لَئِن عَاتَبَ الآبَاءُ والأُمَّهَاتُ الأَبنَاءَ والبَنَاتِ، فكذلكَ عَاتَبَ الأَبنَاءُ الآبَاءَ والأُمَّهَاتِ.

أولاً: هذا رَجُلٌ يُعَاتِبُ وَالِدَهُ على العُقُوقِ، وقد أَهمَلَ تَربِيَتَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَتِي، عَقَقتَنِي صَغِيرَاً، فَعَقَقتُكَ كَبِيرَاً، وأَضَعتَنِي وَلِيدَاً، فَأَضَعتُكَ شَيخَاً، وإنَّكَ لا تَجنِي من الشَّوكِ العِنَبَ.

ثانياً: لقد عَقَقتَ ابنَكَ قَبلَ أن يَعُقَّكَ:

أيُّها الإخوة الكرام: جَاءَ رَجُلٌ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ يَشكُو إِلَيهِ عُقُوقَ ابنِهِ، فَأَحضَرَ عُمَرُ الوَلَدَ وأَنَّبَهُ على عُقُوقِهِ لِأَبِيهِ ونِسيَانِهِ لِحُقُوقِهِ.

فَقَالَ الوَلَدُ: يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، أَلَيسَ للوَلَدِ حُقُوقٌ على أَبِيهِ؟

قَالَ: بَلَى.

قَالَ: فَمَا هِيَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ؟

قَالَ عُمَرُ: أَن يَنتَقِيَ أُمَّهُ، ويُحسِنَ اسمَهُ، ويُعَلِّمَهُ الكِتَابَ ـ أي: القِرَاءَةَ ـ

قَالَ الوَلَدُ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، إنَّ أَبِي لم يَفعَلْ شَيئَاً من ذلكَ؛ أمَّا أُمِّي فَإِنَّهَا زِنجِيَّةٌ كَانَت لِمَجُوسِيٍّ، وقَد سَمَّانِي جُعَلاً ـ أي: خُنفُسَاً ـ ولم يُعَلِّمْنِي من الكِتَابَةِ حَرفَاً وَاحِدَاً.

فَالتَفَتَ عُمَرُ إلى الرَّجُلِ وقَالَ لَهُ: جِئتَ إِلَيَّ تَشكُو عُقُوقَ ابنِكَ وقد عَقَقْتَهُ قَبلَ أن يَعُقَّكَ، وأَسَأتَ إِلَيهِ قَبلَ أن يُسِيءَ إِلَيكَ.

رِسَالَةُ وَلَدٍ لِوَالِدِهِ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنْ كَانَ كَثِيرٌ من الآبَاءِ والأُمَّهَاتِ يَشكُونَ إلى اللهِ تعالى عُقُوقَ أَبنَائِهِم وبَنَاتِهِم، فكذلكَ هُنَاكَ الكَثِيرُ من الأَبنَاءِ والبَنَاتِ من يَشكُونَ إلى اللهِ تعالى عُقُوقَ آبَائِهِم وأُمَّهَاتِهِم، ويَقُولُونَ: الحَمدُ للهِ القَائِلِ: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. فاحتَسَبَ هؤلاءِ الأَبنَاءُ الأَمرَ عِندَ اللهِ تعالى، فَصَاحَبُوا آبَاءَهُم وأُمَّهَاتِهِم بالمَعرُوفِ، امتِثَالاً لأمرِ اللهِ تعالى، مَعَ جُرُوحٍ بَلِيغَةٍ في قُلُوبِهِم، حتَّى خَاطَبَ بَعضُهُم أَبَاهُ بِقَولِهِ:

يَا أَبَتِي، اِسمَعْ إلى شَكوَايَ أَبُثُّهَا إِلَيكَ، ومُشكِلَتِي أَضَعُهَا بَينَ يَدَيكَ، فَمُشكِلَتِي يَا أَبَتِي أَنَّكَ مُشكِلَتِي، فَأَينَ أَنتَ يَا أَبَتَاهُ؟

بَيتُكَ الذي بَنَيتَهُ يُنَادِيكَ، عُشُّكَ الذي رَعَيتَهُ يُنَاجِيكَ، اِبنُكَ الذي نَسِيتَهُ يَبحَثُ عَنَكَ لِيَدنُو مِنكَ، فَأَينَ أَنتَ يَا أَبَتِي؟

أَنتَ في عَمَلِكَ، أَنتَ بَينَ شُرَكَائِكَ، أَنتَ بَينَ أَصحَابِكَ، أَنتَ بَينَ المَسؤُولِينَ وأَصحَابِ الجَاهِ، اِعلَمْ يَا أَبَتِي أَنَّهُم جَمِيعَاً أَعدَائِي، لأنَّهُم أَخَذُوكَ مِنِّي، وأَبعَدُوكَ عَنِّي، بالرَّغمِ من عِلمِي أَنَّكَ لا تَعمَلُ إلا من أَجلِي وأَجلِ أُمِّي وإخوَانِي.

يَا أَبَتِي، دَعنِي أُقَدِّمْ لَكَ الشُّكْرَ كُلَّهُ على ما بَذَلتَهُ من أَجلِي، وفي سَبِيلِ رَاحَتِي وسَعَادَتِي، فقد بَذَلتَ ليَ أَسبَابَ الرَّاحَةِ والرَّفَاهِيَةِ من مَأكَلٍ ومَشرَبٍ ومَسكَنٍ على قَدْرِ جُهْدِكَ وطَاقَتِكَ، ولكِنَّكَ يَا أَبَتِي قد قَصَّرتَ في أَهَمِّ الجَوَانِبِ، وأَعظِمِ المَطَالِبِ، إِنَّهَا مَطَالِبُ الرُّوحِ والقَلبِ والإيمَانِ.

يَا أَبَتِي، لِمَ لَمْ تُحَفِّظْنِي القُرآنَ؟ لِمَ لَمْ تُعَلِّمْنِي السُّنَّةَ؟ لِمَ لَمْ تُفَقِّهْنِي في دِينِي؟ اِسمَحْ لِي أن أَقُولَ لَكَ يَا أَبَتِي، وأنا واللهِ قَلبِي يَقطُرُ دَمَاً: لقد هَيَّأتَ لِي يَا أَبَتِي جَوَّ المَعصِيَةِ، وأَحَطتَنِي بِسِيَاجِ الخَطِيئَةِ، فَتَنَفَّستُ رَائِحَةَ الشَّهْوَةِ، والتَقَطتُ كُلَّ ما يُفتِنُ، قد أَلقَيتَنِي يَا أَبتِي في بَحْرِ الشَّهَوَاتِ، ولم تُلبِسْنِي طَوقَ النَّجَاةِ، ثمَّ تُرِيدُنِي أن أَكُونَ مَعصُومَاً؟

يَا أَبَتِي، واللهِ إنَّ قَلبِي يُحِبُّكَ، ولكنَّ شَهَوَاتِي غَلَبَتْنِي، واسمَحْ لِي أن أقُولَ كَلِمَةَ حَقٍّ: أَنتَ السَّبَبُ يَا أَبَتِي، من الذي أَدخَلَ جِهَازَ التِّلفَازِ إلى بَيتِنَا الذي انفَتَحَ على العَالَمِ أَجمَعَ؟

من الذي جَاءَ بالنِّتِّ إلى بَيتِنَا؟

من الذي أَعطَانِي أَجهِزَةَ الاتِّصَالِ ـ النَقَّالِ ـ الحَدِيثَةَ؟

نَعَم، لَقَد بَكَيتُ أنا من أَجلِ التِّلفَازِ والنِّتِّ وجِهَازِ النَّقَّالِ، ولكن أَنتَ تَعلَمُ عِلمَ اليَقِينِ بأنَّ الفسَادَ في هذهِ الأَجهِزَةِ أَعظَمُ بِكَثِيرٍ من الصَّلاحِ، ولكن يَا أَبَتِي أَينَ حَزمُكَ؟

اِسمَحْ لِي أن أَقُولَ لَكَ يَا أَبَتِي: لَقَد كُنتَ حَازِمَاً عَلَيَّ من أَجلِ الدُّنيَا الفَانِيَةِ، لقد كُنتَ حَازِمَاً عَلَيَّ من أَجلِ دِرَاسَتِي ونَيْلِ الشَّهَادَاتِ العَالِيَةِ، ولكن واللهِ يَا أَبَتِي، ما أسمَنَتْ ولا أَغنَتْ من جُوعٍ، نَعَم يَا أَبَتِي، لقد أَعطَيتَنِي ما أُرِيدُ على حِسَابِ دِينِي من خِلالِ عَاطِفَتِكَ التي ما ضَبَطتَهَا بِضَوَابِطِ الشَّرِيعَةِ.

يَا أَبَتِي، اِسمَحْ لِي أن أَقُولَ لَكَ: لَقَد أَمَرتَنِي بالمَعصِيَةِ، وحَذَّرتَنِي من الطَّاعَةِ، لقد أَمَرتَنِي بالاختِلاطِ مَعَ بَنَاتِ عَمِّي وعَمَّتِي، وخَالِي وخَالَتِي، وأَنتَ تَعرِفُ ذلكَ حَرَامَاً، لقد طَلَبتُ مِنكَ يَومَاً أن لا أُجَالِسَ هؤلاءِ القَرِيبَاتِ ولا زَوجَةَ الأَخِ، ولكِنَّكَ غَضِبتَ غَضَبَاً شَدِيدَاً، وهَدَّدتَنِي إن لم أَمتَثِلْ أَمرَكَ بِأَنَّكَ تَغضَبُ عَلَيَّ.

يَا أَبَتِي، لَقَد رَأَيتُكَ حَازِمَاً على أُمِّي من أَجلِ دُنيَايَ، من أَجلِ طَعَامِي وشَرَابِي ودِرَاسَتِي، ولكن ما رَأَيتُكَ حَازِمَاً عِندَمَا تَوَسَّطْتُهَا أن تُحَقِّقَ لِي شَهَوَاتِي التي قَادَتْنِي إلى الهَاوِيَةِ، فَحَقَّقتَ لِي ما أُرِيدُ عن طَرِيقِهَا، لأنَّ عَاطِفَتَهَا كذلكَ كَانَت عَاطِفَةً رَعنَاءَ.

يَا أَبَتِي، لماذا تَنَاسَيتَ أَنِّي أَمَانَةٌ في عُنُقِكَ؟ وسَيَسأَلُكَ اللهُ عَنِّي يَومَ القِيَامَةِ؟ هل نَسِيتَ أَنتَ وأُمِّي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»؟ رواه الشيخان عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما.

يَا أَبَتِي، لقد عَاقَبتَنِي أَشَدَّ أَنوَاعِ العُقُوبَاتِ، وزَجَرتَنِي أَشَدَّ أَنوَاعِ الزَّجْرِ، وغَضِبتَ عَلَيَّ أَشَدَّ أَنوَاعِ الغَضَبِ، عِندَمَا قَصَّرتُ في دِرَاسَتِي، ولكن واللهِ ما رَأَيتُكَ بِمِثلِ هذا عِندَمَا قَصَّرتُ في دِينِي، ما رَأَيتُكَ بِمِثلِ هذا عِندَمَا عَلِمتَ أَنِّي أُصَاحِبُ البَنَاتِ، ما رَأَيتُكَ بِمِثلِ هذا عِندَمَا عَلِمتَ أَنَّ لِي قُرَنَاءَ سَوْءٍ، ما رَأَيتُكَ بِمِثلِ هذا عِندَمَا عَلِمتَ أَنِّي أَدخُلُ من خِلالِ الشَّبَكَةِ العَنكَبُوتِيَّةِ ـ لَعنَةُ اللهِ عَلَيهَا ـ إلى مَوَاقِعَ تُسخِطُ الرَّبَّ عزَّ وجلَّ، وتَجُرُّ العَارَ، وتَهدِمُ البُيُوتَ.

يَا أَبَتِي، اِسمَحْ لِي أن أَقُولَ كَلِمَةَ حَقٍّ: لَقَد رَبَّيتَنِي لِكَي أَكُونَ عَبدَاً للدُّنيَا، عَلَيهَا أَعِيشُ، ومن أَجلِهَا أَلهَثُ، وعَلَيهَا أَمُوتُ، ولم تُرَبِّنِي لِكَي أَكُونَ عَبدَاً للهِ كَمَا يُحِبُّ اللهُ ورَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

يَا أَبَتِي، سَامِحْنِي أن أَقُولَ: لَقَد رَبَّيتَنِي على الاهتِمَامِ بالدُّنيَا أَكثَرَ من الاهتِمَامِ بالدِّينِ، لَقَد رَبَّيتَنِي على الخَوفِ مِنكَ أَكثَرَ من الخَوفِ من اللهِ تعالى، ولَقَد كُنتَ تُرِيدُنِي عَبدَاً للدُّنيَا، لا عَبدَاً للهِ، فماذا تَتَوَقَّعُ يَا أَبَتِي مِنِّي بَعدَ كُلِّ هذا؟ سَامَحَكَ اللهُ يَا أَبَتِي، سَامَحَكَ اللهُ يَا أَبَتِي، سَامَحَكَ اللهُ يَا أَبَتِي، لَقَد ضَيَّعتَ لِي دِينِي ودُنيَايَ بِتَقصِيرِكَ مَعِيَ، وكُنْ على يَقِينٍ يَا أَبَتِي أَنِّي سَأَعِيشُ حَيَاةَ الشَّقَاءِ والضَّنكِ في الدُّنيَا قَبلَ الآخِرَةِ، وفي الآخِرَةِ العَذَابَ الأَشَدَّ، إن لم يَرحَمْنِي رَبِّي عزَّ وجلَّ بِتَوبَةٍ صَادِقَةٍ.

وفي الخِتَامِ، أَقُولُ لَكَ يَا أَبَتِي: كُنْ مُطمَئِنَّاً عَنِّي، فَلَقَد دَلَّنِي اللهُ عزَّ وجلَّ على من يَدُلُّنِي عَلَيهِ، فَأَرجُوكَ يَا أَبَتِي الدُّعَاءَ لِيَ بالثَّبَاتِ على الحَقِّ، وأنا خَادِمٌ لِنَعلِكَ على سَائِرِ الأَحوَالِ، فَأَرجُوكَ الرِّضَا عَنِّي، وخَاصَّةً بَعدَ هذهِ الرِّسَالَةِ.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: لِنَتَّقِ اللهَ تعالى في أَنفُسِنَا وفي أَبنَائِنَا، ولنُرَبِّهِم على حُبِّ اللهِ تعالى ورَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وعلى خَوفِهِ ورَجَاءِ ما عِندَهُ، لَعَلَّهُم يَكُونُونَ حُجَّةً لَنَا لا عَلَينَا يَومَ القِيَامَةِ.

اللَّهُمَّ وَفِّقنَا لما يُرضِيكَ عَنَّا. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 9/ذو القعدة/1435هـ، الموافق: 4/أيلول/ 2014م