29ـ مشكلات وحلول: شاب يعمل مع والده منذ زمن وهو لا يعطيه أجراً

 

السؤال: أنا شاب كنت أعمل مع والدي منذ كنت صغيراً، وكل ما أنتجه يأخذه والدي دون أن يكون لي منه شيء، فتركت العمل مع والدي وافتتحت عملاً لنفسي، ثم إني كبرت وتزوجت وصار عندي أولاد، ولا أملك الآن بيتاً، ووالدي يملك بيتاً صغيراً، فطلبت منه أن يعطيني هذا البيت لقاء عملي معي السابق الذي يقارب العشر سنوات، فرفض ذلك، ثم إنه أعطاني البيت لأسكن فيه فقط، ويأخذ مني أجرة على سكن البيت، فبماذا تنصحونني؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أخي الكريم: أنا أعتذر لكم أولاً عن تأخر الرد، بسبب ضيق الوقت وكثرة المشاغل، فأرجو المعذرة.

ثانياً: يا أخي الكريم هذه ليست مشكلتك فقط، بل هي مشكلة أكثر الشباب اليوم، والآباء بكل أسف عن هذا الأمر غافلون، وربما أن أرى هذا من ظلم الوالد للولد من حيث لا يقصد الظلم.

ثالثاً: أرى أنه من حسن التعامل بين الآباء والأبناء، أن لا يضيع الآباء جهد الأبناء، وأن لا يستغلوا جهد أبنائهم في تثمير أموالهم على حساب الأبناء، لأن هذا التصرف قد يوغر صدر الإخوة على بعضهم البعض بعد وفاة أبيهم.

رابعاً: ومن حسن التعامل بين الآباء والأبناء أن يخصص الآباء لأمثال هؤلاء الأبناء، الذين يعملون والآباء يأخذون ثمرة أعمالهم، أن يخصصوا لهم شيئاً في حال حياتهم، لا وصيةً بعد وفاتهم، لأنه لا وصية لوارث ، وهذا التخصيص لا يعتبر جوراً وحيفاً، لأنه من حق الأبناء وخاصة إذا وعد الآباء الأبناء، والمؤمن إذا وعد وفى.

خامساً: إذا خصص الآباء لبعض الأبناء شيئاً لقاء جهدهم فلا حرج عليهم شرعاً، بل قد يكون عليهم الحرج إذا لم يخصصوا طالما أنهم وعدوا أبنائهم بشيء.

وبناء على ذلك:

فلا حرج عليك أن تطالب والدك بأن يعطيك شيئاً لقاء تعبك ولا إثم عليه إن فعل ذلك بل أرجو الله تعالى أن يكون بذلك مأجوراً.

وإذا رأيت والدك مصراً على موقفه فلا تحزن، واعلم بأن الله تعالى سيجعل لك فرجاً ومخرجاً عاجلاً أم آجلاً إن شاء الله تعالى ببركة برك لأبيك.

وأحذرك يا أخي من إساءة العشرة مع والدك إذا بقي مصراً على قراره، وأذكرك بقول الله تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون}.

فإذا طلب منا الله تعالى أن نصحبهم في الدنيا بالمعروف إذا أمرونا بالشرك لا قدر الله فكيف إذا كانت المسألة تتعلق بحطام الدنيا؟

فمن باب أولى وأولى أن نصحبهم في الدنيا بالمعروف.

وأدعوك يا أخي الكريم أن تكثر من الدعاء لربك عز وجل فخزائن الله تعالى ملآنة، وخزائنه لا تنفذ أبداً، وثق تماماً بأن هذا الأمر الذي حصل معك ومع أمثالك هو نوع من أنواع الاختبار والابتلاء فاصبر وصابر، وتحل بالأخلاق الكريمة مع والديك فإن الله تعالى يقول: {إن مع العسر يسراً}. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يغلب عسر يسرين) رواه البيهقي في شعب الإيمان.

أسأل الله أن يفرج كربك، ويغفر ذنبك، ويقضي حوائجك، ويوسع عليك من غير فتنة. ولنا مثل ذلك. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.