240ـ مع الحبيب المصطفى :قلبه الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

.

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

240ـ قلبه الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مِنْ حِكْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ خَلَقَ الأَضْدَادَ، كَمَا خَلَقَ اللَّيْلَ والنَّهَارَ؛ والحَرَّ والبَرْدَ؛ والدَّاءَ والدَّوَاءَ؛ وَكَذَلِكَ خَلَقَ الأَرْوَاحَ، مِنْهَا الطَّيِّبَةَ والخَبِيثَةَ؛ وَكَذَلِكَ القُلُوبَ، مِنْهَا الشَّرِيفَ الزَّكِيَّ؛ وَمِنْهَا الخَسِيسَ الخَبِيثَ؛ مِنْهَا الرَّحِيمَ؛ وَمِنْهَا الشَّقِيَّ الذي لا يَعْرِفُ مَعْنَى الرَّحْمَةِ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الذي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَيَعْلَمُ مَا تُخْفِي الصُّدُورِ، هُوَ العَلِيمُ وَحْدَهُ بالقُلُوبِ الزَّكِيَّةِ، والأَرْوَاحِ الطَّيِّبَةِ التي تَصْلُحُ لِاسْتِقْرَارِ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ تعالى على خَلْقِهِ مِن إِيمَانٍ وَقُرْآنٍ وَحِكْمَةٍ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ وتعالى أَعْلَمُ بِمَنْ يَصْلُحُ لِتَحَمُّلِ رِسَالَتِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا إلى عِبَادِهِ، وَيَقُومَ بِحَقِّهَا، وَيَصْبِرَ على أَوَامِرِهِ، وَيَشْكُرَهُ على نِعَمِهِ، وَيُعَظِّمَهُ وَيَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ؛ وهُوَ العَلِيمُ سُبْحَانَهُ بِمَنْ لا يَصْلُحُ لِذَلِكَ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ كَذَلِكَ مَنْ يَصْلُحُ لِأَنْ يَكُونَ وَارِثَاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَمَا أَنْ كَانَ صَاحِبَاً لَهُ.

روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ؛ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ؛ فَمَا رَأَى الْـمُسْلِمُونَ حَسَنَاً فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئَاً فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ.

قَلْبُهُ الشَّرِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: قَلْبُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ خَيْرُ القُلُوبِ وَأَزْكَاهَا، وَأَوْسَعُهَا وَأَقْوَاهَا، وَأَتْقَاهَا وَأَنْقَاهَا، وَأَلْيَنُهَا وَأَرَقُّهَا، وَهُوَ القَلْبُ الوَاعِي اليَقْظَانُ، الفَيَّاضُ بِأَنْوَارِ الإِيمَانِ والقُرْآنِ ﴿اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾.

قَالَ تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ﴾:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: القُرْآنُ العَظِيمُ هُوَ رِسَالَةُ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى لِعِبَادِهِ، نَزَلَ من اللهِ العَظِيمِ، إلى عَظِيمِ المَلائِكَةِ وَأَمِينِ وَحْيِ السَّمَاءِ سَيِّدِنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، إلى عَظِيمِ المَخْلُوقَاتِ، وَخَيْرِ الخَلْقِ، وَخَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ، قَالَ تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْـمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: هَذِهِ الآيَاتُ الكَرِيمَةُ فِيهَا إِيحَاءٌ وَإِشَارَةٌ وَاضِحَةٌ إلى تَخْصِيصِ قَلْبِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِنُزُولِ القُرْآنِ عَلَيْهِ دُونَ سَائِرِ القُلُوبِ، وَذَلِكَ لِكَمَالِ اتِّسَاعِهِ الذي مَنَحَهُ اللهُ تعالى إِيَّاهُ، وَقُوَّةِ تَحَمُّلِهِ لِتَنَزُّلاتِ القُرْآنِ العَظِيمِ، الذي لَو أُنْزِلَ على الصُمِّ الرَّاسِيَاتِ، والجِبَالِ الشَّامِخَاتِ، لَتَصَدَّعَتْ وَتَشَقَّقَتْ من خَشْيَةِ اللهِ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعَاً مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

وإِنَّ قَلْبَاً نَزَلَ عَلَيْهِ القُرآنُ الكَرِيمُ بِأَسْرَارِهِ وَأَنْوَارِهِ، وَحُرُوفِهِ وَمَعَانِيهِ، وَرُوحِهِ وَحَقَائِقِهِ؛ حَقَّاً إِنَّ هذا القَلْبَ أَوْسَعُ القُلُوبِ وَأَقْوَاهَا، قَالَ تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحَاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورَاً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.

فَأَفَاضَ من بَحْرِ أَسْرَارِ قَلْبِهِ الشَّرِيفِ، على قُلُوبِ أَتْبَاعِهِ، وَأَشَعَّ في مَرَايَا قُلُوبِهِم من مَشَارِقِ أَنْوَارِهِ؛ وَمَنْ تَدَبَّرَ قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورَاً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. فَهِمَ المَعْنَى.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ للهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ»:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: أَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِينَ هُوَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَخَيْرُ مَنْ سَارَ على الأَرْضِ، وَصَاحبُ اللِّوَاءِ يَوْمَ العَرْضِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، وَصَاحِبُ الشَّفَاعَةِ العُظْمَى يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ، وَلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المَقَامُ العَظِيمُ، وَهُوَ صَاحِبُ الحَوْضَ المَوْرُودِ، والمَقَامِ المَحْمُودِ، واللِّوَاءِ المَعْقُودِ، لِأَنَّ قَلْبَهُ الشَّرِيفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَتْقَى القُلُوبِ وَأَنْقَاهَا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ للهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ» رواه الإمام البخاري عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَجَاءَ في صَحِيحِ الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَن اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئَاً؛ يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئَاً».

هذا القَلْبُ المُشَارُ إِلَيْهِ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ هُوَ قَلْبُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا بُنَيَّ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ»:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَفْقَهَ حَقِيقَةً عُظْمَى، وَأَنْ نُدْرِكَ دَقِيقَةً كُبْرَى، وَهِيَ أَنَّ مَحَلَّ التَّقْوَى الحَقِيقِيَّ إِنَّمَا هُوَ القَلْبُ، روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «التَّقْوَى هَا هُنَا ـ وأَشَارَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى صَدْرِهِ الشَّرِيفِ ـ».

القَلبُ مَدَارُ صَلاحِ الأَعْمَالِ أَو فَسَادِهَا، لِأَنَّ القلْبَ هُوَ المَلِكُ، وَبَقِيَّةُ الأَعْضَاءِ هِيَ جُنُودُهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الجُنُودُ تَبَعَاً للمَلِكِ، روى الشيخان عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ».

وَمِنْ أَجْلِ هَذِهِ الحَقِيقَةِ الُمهِمَّةِ وَجَدْنَا سَيِّدَنا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَهْتَمُّ اهْتِمَامَاً بَلِيغَاً بِقُلُوبِ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ، وَيَرْعَاهَا أَيَّمَا رِعَايَةٍ، وَيَخُصُّهَا بِمُعْظَمِ الاهْتِمَامِ، لِيَفُوزُوا بِمَا أَعَدَّهُ اللهُ تعالى لِعِبَادِهِ المُتَّقِينَ، وَلِيَكُونُوا بِمَعِيَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الآخِرَةِ، كَمَا كَانُوا بِمَعِيَّتِهِ في الدُّنْيَا.

روى الترمذي عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا بُنَيَّ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ».

ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا بُنَيَّ، وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ».

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: هذا هُوَ حَبِيبُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرَبِّي أَصْحَابَهُ على ذَلِكَ، ليَفُوزُوا بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْألُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: كُلُّنَا رَاحِلُونَ إلى اللهِ تعالى، كُلُّنَا رَاجِعُونَ إلى اللهِ تعالى، كُلُّنَا مُنْقَلِبُونَ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾. فَهَلْ سَيَنْقَلِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا إلى اللهِ تعالى بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، أَمْ بِقَلْبٍ غَيْرِ سَلِيمٍ؟

هَلْ سَنَكُونُ بِمَعِيَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ لِأَنَّ سُنَّتَهُ العَطِرَةَ وَسِيرَتَهُ العَظِيمَةَ كَانَتْ تُعَلِّمُ البَشَرِيَّةَ جَمْعَاءَ كَيْفَ يَكُونُ القَلْبُ سَلِيمَاً؛ أَمْ ـ لا قَدَّرَ اللهُ تعالى ـ سَيُحَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، لِأَنَّا غَيَّرْنَا وَبَدَّلْنَا؟

هَلْ قُلُوبُنَا امْتَلَأَتْ حُبَّاً للهِ تعالى، وَحُبَّاً لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَحُبَّاً للمُؤْمِنِينَ، وَرَحْمَةً بِخَلْقِ اللهِ أَجْمَعِينَ، أَمْ هِيَ خَاوِيَةٌ من ذَلِكَ لا قَدَّرَ اللهُ تعالى؟

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: سَلَّمَنَا اللهُ تعالى قُلُوبَاً سَلِيمَةً، ولا يَقْبَلُهَا يَوْمَ القِيَامَةِ إلا سَلِيمَةً ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولَاً﴾. فَهَلْ بالإِمْكَانِ أَنْ نَحْيَا حَيَاةَ السُّعَدَاءِ بِسَلامَةِ صُدُورِنَا على خَلْقِ اللهِ تعالى، وَخَاصَّةً على أَهْلِ الإِيمَانِ؟ اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِذَلِكَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 21/ جمادى الأولى /1437هـ، الموافق: 29/ شباط/ 2016م