54ـ مع الصحابة وآل البيت: عدل الصِّدِّيق رَضِيَ اللهُ عَنهُ

.

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

54ـ عدل الصِّدِّيق رَضِيَ اللهُ عَنهُ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مِمَّا تُصْلِحُ بِهِ حَالَ الدُّنْيَا قَاعِدَةَ العَدْلِ الشَّامِلِ، الذي يَدْعُو إلى الأُلْفَةِ، وَيَبْعَثُ على الطَّاعَةِ، وَتُعَمَّرُ بِهِ البِلَادُ، وَتَنْمُو بِهِ الأَمْوَالُ، وَيَكْبُرُ مَعَهُ النَّسْلُ، وَيَأْمَنُ بِهِ السُّلْطَانُ.

وَلَيْسَ شَيْءٌ أَسْرَعَ في خَرَابِ الأَرْضِ، ولا أَفْسَدَ لِضَمَائِرِ الخَلْقِ من الجَوْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَقِفُ على حَدٍّ، ولا يَنْتَهِي إلى غَايَةٍ، وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ قِسْطٌ من الفَسَادِ حَتَّى يُسْتَكْمَلَ.

وَنُقِلَ عَن بَعْضِ البُلَغَاءِ قَوْلُهُ: إِنَّ العَدْلَ مِيزَانُ اللهِ الذي وَضَعَهُ للخَلْقِ، وَنَصَبَهُ للحَقِّ، فَلَا تُخَالِفْهُ في مِيزَانِهِ، ولا تُعَارِضْهُ في سُلْطَانِهِ، وَاسْتَعِنْ على العَدْلِ بِخُلَّتَيْنِ: قِلَّةِ الطَّمَعِ، وَكَثْرَةِ الوَرَعِ.

فَإِذَا كَانَ العَدْلُ من إِحْدَى قَوَاعِدِ الدُّنْيَا التي لا انْتِظَامَ لَهَا إلا بِهِ، ولا صَلَاحَ فِيهَا إلا مَعَهُ، وَجَبَ أَنْ يُبْدَأَ بِعَدْلِ الإِنْسَانِ في نَفْسِهِ، ثمَّ بِعَدْلِهِ في غَيْرِهِ؛ فَأَمَّا عَدْلُهُ في نَفْسِهِ، فَيَكُونُ بِحَمْلِهَا على المَصَالِحِ وَكَفِّهَا عَن القَبَائِحِ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: وَمَن ظَلَمَ نَفْسَهُ فَهُوَ لِغَيْرِهِ أَظْلَمُ، وَمَن جَارَ عَلَيْهَا فَهُوَ على غَيْرِهِ أَكثَرُ جَوْرَاً؛ وَأَمَّا عَدْلُهُ مَعَ غَيْرِهِ فَهُوَ تَرْكُ التَّسَلُّطِ بالقُوَّةِ، وَتَرْكُ الاسْتِطَالَةِ، وَكَفُّ الأَذَى؛ وَلَن تَجِدَ فَسَادَاً انْتَشَرَ في الأَرْضِ إلا بِسَبَبِ الخُرُوجِ عَن حَالِ العَدْلِ.

وُجُوبُ العَدْلِ والمُسَاوَاةِ بَيْنَ الضَّعِيفِ والقَوِيِّ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: الأُمَّةُ لا تُقَدَّسُ إلا بالعَدْلِ، والفَرْدُ لا يُقَدَّسُ إلا بِالعَدْلِ، والجَمَاعَةُ لا تُقَدَّسُ إلا بِالعَدْلِ، روى ابن ماجه عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ: «أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟».

قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ؛ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتَىً مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا؛ فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا؛ فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدَاً؟

قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ».

وروى ابنُ حِبَّانَ عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُدْعَى بالقَاضِي العَادِلِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَلْقَى من شِدَّةِ الحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى، أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ في عُمُرِهِ».

هَلاكُ الأُمَمِ بِسَبَبِ تَرْكِ العَدْلِ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: العَدْلُ أَسَاسُ المُلْكِ، وَقَد أَحْسَنَ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ حِينَ أَعْلَنَهَا مُدَوِّيَةً في خِطَابِهِ الذي أَلْقَاهُ على الأُمَّةِ عِنْدَمَا تَسَلَّمَ خِلافَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي؛ وَإِنْ أَسَأْت فَقَوِّمُونِي؛ الصِّدْقُ أَمَانَةٌ، وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ، وَالضَّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيٌّ عِنْدِي حَتَّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقَّهُ إنْ شَاءَ اللهُ؛ وَالْقَوِيُّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللهُ. كَذَا في الرَّوْضِ الأُنْفِ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: الجَوْرُ والظُّلْمُ لَيْسَا من وَصْفِ المُؤْمِنِ الحَقِّ، بَلْ من وَصْفِ اليَهُودِ والـمُشْرِكِينَ، روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، أَنَّ قُرَيْشَاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْـمَرْأَةِ الْـمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ؛ فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟».

ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الـشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ؛ وَايْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».

وروى الشيخان عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا.

فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ، فَقَالَ: «مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى؟».

قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا(بِالفَحْمِ)، وَنُحَمِّلُهُمَا (نَحمِلُهُمَا عَلَى جَمَلٍ)، وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا (ظَهرُهُمَا لِبَعضِهِمَا البَعْضِ)، وَيُطَافُ بِهِمَا.

قَالَ: «فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ».

فَجَاؤُوا بِهَا، فَقَرَؤُوهَا، حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ وَضَعَ الْفَتَى الَّذِي يَقْرَأُ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا وَرَاءَهَا.

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَهُ؛ فَرَفَعَهَا، فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ الرَّجْمِ.

فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَرُجِمَا.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُمَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَقِيهَا مِن الْحِجَارَةِ بِنَفْسِهِ.وفي روايةٍ:«فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الِحجَارَةِ قَامَ عَلى صَاحِبَتِهِ يَحنِي عَلَيهَا حَتى يَقِيَهَا الِحجَارَةَ حتى قُتِلا جَمِيعَاً».

﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد أَوْجَبَ الإِسْلامُ على النَّاسِ بِكُلِّ شَرَائِحِهِم أَنْ يُقِيمُوا العَدْلَ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْجَبَهُ على كُلِّ رَاعٍ الذي سَيَكُونُ مَسْؤُولاً عَن رَعِيَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، من خِلالِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه الشيخان عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.

أَوْجَبَ الإِسْلامُ العَدْلَ بَيْنَ المُتَخَاصِمِينَ دُونَ النَّظَرِ إلى كَوْنِهِم أَصْدِقَاءَ أَو أَعْدَاءَ، أَغْنِيَاءَ أَو فُقَرَاءَ، عُمَّالاً أَو أَصْحَابَ عَمَلٍ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

لَقَد كَانَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قُدْوَةً في عَدْلِهِ، يَأْسِرُ القُلُوبَ، وَيُبْهِرُ الأَلْبَابَ، فَالعَدْلُ في نَظَرِهِ دَعْوَةٌ عَمَلِيَّةٌ للإِسْلامِ، فِيهِ تُفْتَحُ قُلُوبُ النَّاسِ للإِيمَانِ، لَقَد عَدَلَ بَيْنَ النَّاسِ في العَطَاءِ، وَطَلَبَ مِنْهُم أَنْ يَكُونُوا عَوْنَاً لَهُ في هذا العَدْلِ، وَعَرَضَ القِصَاصَ من نَفْسِهِ في وَاقِعَةٍ تَدُلُّ على العَدْلِ، والخَوْفِ من اللهِ سُبْحَانَهُ وتعالى، روى البَيْهَقِيُّ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَامَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَقَالَ: إِذَا كُنَّا بالغَدَاةِ فَأَحْضِرُوا صَدَقَاتِ الإِبِلِ نَقْسِمُهَا، وَلَا يَدْخُلْ عَلَيْنَا أَحَدٌ إلا بِإِذْنٍ.

فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا: خُذْ هذا الخِطَامَ لَعَلَّ اللهَ يَرْزُقَنَا جَمَلَاً؛ فَأَتَى الرَّجُلُ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَد دَخَلَا إلى الإِبِلِ فَدَخَلَ مَعَهَا.

فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فَقَالَ: مَا أَدْخَلَكَ عَلَيْنَا؟ ثمَّ أَخَذَ مِنْهُ الخِطَامَ، فَضَرَبَهُ؛ فَلَمَّا فَرَغَ أَبُو بَكْرٍ من قَسْمِ الإِبِلِ دَعَا بالرَّجُلِ فَأَعْطَاهُ الخِطَامَ وَقَالَ: اسْتَقِدْ.

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : واللهِ لا يَسْتَقِدُ، لا تَجْعَلْهَا سُنَّةً.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَن لِي من اللِه يَوْمَ القِيَامَةِ؟

فَقَالَ عُمَرُ: أَرْضِهِ؛ فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ غُلَامَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِرَاحِلَةٍ وَرَحْلِهَا وَقَطِيفَةٍ وَخَمْسَةِ دَنَانِيرَ؛ فَأَرْضَاهُ بِهَا.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْألُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: كُلٌّ مِنَّا مَسْؤُولٌ، من القِمَّةِ إلى أَدْنَى وَاحِدٍ فِينَا، فَإِذَا أَرَدْنَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ في دُنْيَانَا وَآخِرَتِنَا التي إِلَيْهَا مَعَادُناَ، فَعَلَيْناَ بالعَدْلِ.

وَإِذَا أَرَدْنَا دَوَامَ المُلْكِ لَنَا، وَعَدَمَ زَوَالِهِ حَتَّى مَوْتِنَا، فَعَلَيْناَ بالعَدْلِ.

وَإِذَا أَرَدْنَا رِضَا اللهِ تعالى عَنَّا، ثمَّ رِضَا الخَلْقِ، فَعَلَيْناَ بالعَدْلِ.

وَإِذَا أَرَدْنَا سَلَامَتَنَا يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى أَعْدَلِ العَادِلِينَ، فَعَلَيْناَ بالعَدْلِ.

وَإِذَا أَرَدْنَا عَاقِبَةً حَمِيدَةً في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، فَعَلَيْناَ بالعَدْلِ.

وَإِذَا أَرَدْنَا ذِكْرَاً صَالِحَاً بَيْنَ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِنَا، فَعَلَيْناَ بالعَدْلِ.

وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ لا يُسَوِّدَ اللهُ وُجُوهَنَا في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، فَعَلَيْناَ بالعَدْلِ.

وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ لا نَنْدَمَ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، فَعَلَيْناَ بالعَدْلِ.

وَإِلَّا: فَسَيَتَخَبَّطُ تَارِك ُالعَدْلِ في الظُّلُماتِ دُنْيَا وَأُخرَى، قَالَ تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورَاً فَمَا لَهُ مِن نُّور﴾.

وَسَوْفَ يَكُونُ من أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَسَيَأْخُذُهُ اللهُ تعالى أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ عَاجِلَاً أَمْ آجِلَاً.

وَسيُبْغِضُهُ اللهُ تعالى، وَيُلْقِي في قُلُوبِ عِبَادِهِ بُغْضَهُ.

وَسَيُحْرَمُ من شَفَاعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَبِمَوْتِهِ يَسْتَرِيحُ العِبَادُ والبِلَادُ والحَجَرُ والشَّجَرُ حَتَّى الدَّوَابُّ.

اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِمَا يُرْضِيكَ عَنَّا. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 1/ جمادى الآخرة /1437هـ، الموافق: 10/آذار/ 2016م