76-مع الصحابة وآل البيت :المخرج من الفتن عند سيدنا سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

76ـ المخرج من الفتن عند سيدنا سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: نَحْنُ نَعِيشُ أَيَّامَ فِتَنٍ وَمِحَنٍ قَاسِيَةٍ، اشْتَدَّتْ فِيهَا الخُصُومَاتُ وَالنِّزَاعَاتُ وَالعَدَاوَاتُ، وَوَقَعَتِ الأُمَّةُ في حَيْرَةٍ عَظِيمَةٍ؛ أَيَّ طَرِيقٍ تَسْلُكُ، وَلِمَنْ تُنَاشِدُ، وَمَاذَا تَصْنَعُ؟

أَتَسِيرُ خَلْفَ الشَّرْقِ، أَمْ خَلْفَ الغَرْبِ؛ وَمَوْقِفُ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ مِنَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ وَاضِحٌ وُضُوحَ الشَّمْسِ في رَابِعَةِ النَّهَارِ، لَا يَخْفَى على عَاقِلٍ؟

الْتَجَأَتِ الأُمَّةُ إلى كُلِّ الدُّوَلِ وإلى كُلِّ القِوَى فَمَا أَغْنَتْ فَتِيلَاً، وَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ شَيْئَاً، وَالبَلَاءُ يُصَبُّ على الأُمَّةِ مِنْهُمْ صَبَّاً.

المَخْرَجُ مِنَ الفِتَنِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ الانْحِرَافَ عَنْ مَسَارِ الإِسْلَامِ سَبَبٌ للهَلَاكِ وَالدَّمَارِ، وَالحَيَاةُ التي نَعِيشُهَا دَارُ ابْتِلَاءٍ وَامْتِحَانٍ وَاخْتِبَارٍ، يُبْتَلَى فِيهَا الإِنْسَانُ وَيُخْتَبَرُ، فَقَدْ تَكُونُ الفِتْنَةُ صَغِيرَةً، وَقَدْ تَكُونُ كَبِيرَةً ضَخْمَةً، وَقَدْ تَكُونُ فِتْنَةً تُفَرِّقُ وَتَدْفَعُ إلى الخُصُومَةِ وَحَمْلِ السِّلَاحِ، وَأَحْيَانَاً تَكُونُ الفِتَنُ مَعَ الأَعْدَاءِ الذينَ أَعْلَنُوا الحَرْبَ على الإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ الأَشَدَّ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ.

وَقَدْ حَذَّرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الأُمَّةَ مِنَ الفِتَنِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَرَسَمَ لَهَا الطَّرِيقَ طَرِيقَ الخَلَاصِ وَالنَّجَاحِ فِيهَا، حَذَّرَ الأُمَّةَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنَاً كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْـمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنَاً وَيُمْسِي كَافِرَاً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنَاً وَيُصْبِحُ كَافِرَاً، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَلَا يُصْبِحُ هُنَاكَ ثَبَاتٌ على الحَقِّ وَلَا على الإِسْلَامِ، وَتَعْصِفُ الفِتَنُ بِالنَّاسِ، فَلَا يَدْرُونَ كَيْفَ يَسِيرُونَ، وَيُصْبِحُونَ في حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِهِمْ، بِسَبَبِ مَبَادِئَ وَدَعَوَاتٍ، وَسَفْكٍ للدِّمَاءِ، وَانْتِهَاكِ الحُرُمَاتِ، وَالنَّاسُ ضُعَفَاءُ في دِينِهِمْ، لَا يَفْقَهُونَ مِنْ دِينِهِمْ إلا قَلِيلَاً، بِسَبَبِ انْتِشَارِ الجَهْلِ في الدِّينِ، رَغْمَ اتِّسَاعِ دَائِرَةِ العُلُومِ الكَوْنِيَّةِ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ».

قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟

قَالَ: «الْقَتْلُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

يُرْفَعُ العِلْمُ؛ يَعْنِي العِلْمَ الشَّرْعِيَّ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ إلا مَنْ رَحِمَ اللهُ تعالى، العِلْمُ الذي يُوَافِقُ سِيرَةَ وَنَهْجَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهَا يَقْتُلُ الجَارُ جَارَهُ وَالعَمُّ عَمَّهُ، وَلَا يَدْرِي القَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا المَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ، وَيَسْتَحِرُّ القَتْلُ، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَهَرْجَاً».

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْهَرْجُ؟

قَالَ: «الْقَتْلُ».

فَقَالَ بَعْضُ الْـمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنَ الْـمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بِقَتْلِ الْـمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضَاً، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ».

فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ».أَيْ: رُعَاعٌ؛ وَالهَبَاءُ فِي الأَصْلِ مَا ارْتَفَعَ مِنْ تَحْتِ سَنَابِكِ الْخَيْلِ؛ وَالشَّيْءُ المُنْبَثُّ الَّذِي تَرَاهُ فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ، فَشُبِّهُوا بِهِ؛ وَالمُرَادُ: الحُثَالَةُ مِنَ النَّاسِ.

ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: وَايْمُ اللهِ، إِنِّي لَأَظُنُّهَا مُدْرِكَتِي وَإِيَّاكُمْ، وَايْمُ اللهِ، مَا لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجٌ، إِنْ أَدْرَكَتْنَا فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عِنْدَمَا أَحَسَّ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ بِخُطُورَةِ الفِتَنِ وَفَدَاحَتِهَا، سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ المَخْرَجِ مِنْهَا، فَأَرْشَدَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى المَخْرَجِ أَيَّامَ الفِتَنِ.

هَذَا سَيِّدُنَا حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَاذَا يَفْعَلُ إِنْ أَدْرَكَ الفِتَنَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْـمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ».

فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟

قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْـمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» رواه الإمام مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَرْشَدَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الفِتَنِ بِقَوْلِهِ: «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْـمَاشِي، وَالْـمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ، وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «تَلْزَمُ بَيْتَكَ».

فَقَالَ: فَإِنْ دُخِلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟

قَالَ: «فَإِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ» رواه أبو داود.

لِيَكُونَ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ عِنْدَمَا اخْتَارَ القَتْلَ على أَنْ يَرْفَعَ سَيْفَهُ في وَجْهِ أَخِيهِ.

تَرْعَى الضَّأْنَ وَالنَّاسُ يَخْتَصِمُونَ على المُلكِ؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عِنْدَمَا حَصَلَتِ الفِتْنَةُ بَيْنَ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ وَسَيِّدِنَا مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، خَرَجَ سَيِّدُنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إلى الصَّحْرَاءِ، مُعْتَزِلَاً الفِتْنَةَ، فَلَحِقَهُ ابْنُهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ، فَجَاءَهُ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ.

فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ: أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ، وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْـمُلْكَ بَيْنَهُمْ؟

فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ، فَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ».

وَالمُرَادُ بِالغَنِيِّ هُنَا غِنَى النَّفْسِ، هَذَا هُوَ الغَنِيُّ المَحْبُوبُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وروى الحاكم عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: قِيلَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَلَا تُقَاتِلُ، فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِكَ؟

قَالَ: لَا أُقَاتِلُ حَتَّى يَأْتُونِي بِسَيْفٍ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ وَشَفَتَانِ، يَعْرِفُ الْكَافِرَ مِنَ الْـمُؤْمِنِ، قَدْ جَاهَدْتُ وَأَنَا أَعْرِفُ الْجِهَادَ، وَلَا أَنْجَعُ بِنَفْسِي (أَيْ: وَلَا أَنْفَعُ نَفْسِي بِالإِمَارَةِ) إِنْ كَانَ رَجُلَاً خَيْرَاً مِنِّي.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ على الابْتِعَادِ عَنِ الفِتَنِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْـمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْـمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرَاً أَوْ لِيصْمُتْ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُوَجِّهُ الأُمَّةَ هَذَا التَّوْجِيهَ، جَاءَ في مُخْتَصَرِ مِنْهَاجِ السُّنَّةِ، يَقُولُ سَيِّدُنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ مَنَازِلَ، فَمَضَتْ مَنْزِلَتَانِ، وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ، فَأَحْسَنُ مَا أَنْتُمْ كَائِنُونَ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونُوا عَلَى الَّتِي بَقِيَتْ.

ثُمَّ قَرَأَ: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْـمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلَاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانَاً﴾. هَؤُلَاءِ الْـمُهَاجِرُونَ، وَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ.

ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾. وَهَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ، وَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ قَدْ مَضَتْ.

ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلَّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾. قَدْ مَضَتْ هَاتَانِ، وَبَقِيَتْ هَذِهِ الْـمَنْزِلَةُ، فَأَحْسَنُ مَا أَنْتُمْ كَائِنُونَ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونُوا بِهَذِهِ الْـمَنْزِلَةِ الَّتِي قَدْ بَقِيَتْ؛ أَنْ تَسْتَغْفِرُوا لَهُمْ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ كَانَتْ مَوَاقِفُهُ كَمَوَاقِفِ سَيِّدِنَا سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، يَكُونُ بِإِذْنِ اللهِ تعالى نَاجِيَاً.

اللَّهُمَّ أَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 6/ محرم /1438هـ، الموافق: 6/تشرين الأول / 2016م