151-نحو أسرة مسلمة: التجاوز عن الأخطاء الدنيوية في الحياة الزوجية

 

نحو أسرة مسلمة

151ـ التجاوز عن الأخطاء الدنيوية في الحياة الزوجية

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ حَيَاةُ تَعَاوُنٍ وَتَآلُفٍ وَحُبٍّ وَوِئَامٍ، وَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ وَالرَّاحَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَجِبُ أَنْ يَفْهَمَ جَيِّدَاً قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رواه الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ قَوْلَ سَيِّدِنَا أَبِي ذَرٍّ لِزَوْجَتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إِذَا رَأَيتِينِي غَضِبْتُ فَرَضِّنِي، وَإِذَا رَأَيْتُكِ غَضِبْتِ رَضَّيْتُكِ، وَإِلَّا لَمْ نَصْطَحِبْ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الزَّوَاجُ حُقُوقٌ شَرْعِيَّةٌ، وَحُسْنُ تَعَامُلٍ، وَمَسْؤُولِيَّةٌ، فَلِلْمَرْأَةِ حُقُوقٌ، كَمَا عَلَيْهَا وَاجِبَاتٌ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾. وَيَجِبُ على الرَّجُلِ أَوَّلَاً أَنْ يَعْرِفَ الوَاجِبَ الذي عَلَيْهِ نَحْوَ الزَّوْجَةِ، ثمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَتَزَوَّجْ أَوْ لَا.

وَيَجِبُ على الزَّوْجِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الوَاجِبَ الذي عَلَيْهِ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَا مِنْ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ وَالمَجَلَّاتِ وَمَوَاقِعِ النِّتِّ الهَابِطَةِ، وَإِلَّا كَانَتْ حَيَاتُهُ جَحِيمَاً، وَمَا أَحَاطَتِ المَخَاطِرُ في بُيُوتِ النَّاسِ وَهَدَّدَتِ البيُوتَ بِالانْهِيَارِ إِلَّا بِسَبَبِ عَدَمِ الرُّجُوعِ الحَقِيقِيِّ إلى سِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي قَالَ لَنَا في حَقِّهِ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾.

وَمِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ أُمَرَ نِسَاءَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَحَدَّثْنَ للأُمَّةِ عَنْ تَعَامُلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بَيْتِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنُوا مِنَ الاتِّبَاعِ، قَالَ تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفَاً خَبِيرَاً﴾.

كُونُوا على حَذَرٍ مِنَ المَفَاهِيمِ الخَاطِئَةِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هُنَاكَ صُوَرٌ خَاطِئَةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الرِّجَالِ عَنِ الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعَنِ التَّعَامُلِ مَعَ المَرْأَةِ، حَيْثُ تَعَلَّمَ البَعْضُ أَنَّهُ يَجِبُ الحَذَرُ مِنَ الزَّوْجَةِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشُدَّ عَلَيْهَا الوَطْأَةَ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ يَدْخُلُ بِهَا، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ:

رَأَيْتُ الهَمَّ في الدُّنْيَا كَثِيرَاً   ***   وَأَكْثَرُهُ مَا يَكُونُ مِنَ النِّسَاءِ

فَلَا تَأْمَنْ لِأُنْثَى قَطُّ يَـوْمَاً   ***   وَلَو قَالَتْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ

وَقَالَ آخَرٌ:

إِنَّ النِّـسَاءَ شَـيَاطِينٌ خُـلِقْنَ لَنَا    ***   نَـعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَـرِّ الشَّيَاطِينِ

فَهُنَّ أَصْلُ البَلِيَّاتِ التي ظَهَرَتْ   ***   بَيْنَ البَرِيَّةِ في الدُّنْيَا وَفي الدِّينِ

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عِنْدَمَا صَارَتْ هَذِهِ المَفَاهِيمُ الخَاطِئَةُ عَنِ المَرأَةِ في نُفُوسِ بَعْضِ الرِّجَالِ، سَاءَتِ العَلَاقَةُ في الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَكَثُرَتِ الشَّكَاوَى مِنَ النِّسَاءِ، مِنْ سُوءِ مُعَامَلَةِ الزَّوْجِ لَهَا، وَقُبْحِ أَخْلَاقِهِ مَعَهَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قَوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

لَا تَكُنْ شَدِيدَ المُلَاحَظَةِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ السَّبِيلَ الأَمْثَلَ في تَعَامُلِنَا مَعَ نِسَائِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ، مِنْ سُبُلِ التَّعَامُلِ الصَّحِيحِ مَعَ الزَّوْجَةِ أَنْ يَتَجَاوَزَ الرَّجُلُ عَنِ الأَخْطَاءِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَأَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ عَنهَا، لِأَنَّهُ يَتَعَامَلُ مَعَ بَشَرٍ قَالَ فِيهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رواه الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَيَا أَيُّهَا الزَّوْجُ، لَا تَكُنْ شَدِيدَ المُلَاحَظَةِ على زَوْجَتِكَ في الأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَتَذَكَّرْ قَولَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلَا تَنْسَ أَنَّ المَرْأَةَ كَثِيرَةُ الأَعْمَالِ في البَيْتِ، هُنَاكَ طَعَامٌ وَشَرَابٌ، وَهُنَاكَ أَوْلَادٌ وَنَظَافَةٌ وَمُتَابَعَةُ أَعْمَالِ البَيْتِ.

وَتَذَكَّرْ أَنَّهَا شَدِيدَةُ الغَيْرَةِ، سَرِيعَةُ التَّأَثُّرِ، عَاطِفَتُهَا أَوْسَعُ مِنْ عَقْلِهَا، هَكَذَا خُلِقَتْ، وعلى هَذَا جُبِلَتْ، لِحِكْمَةٍ أَرَادَهَا اللهُ تعالى، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ».

قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ».

قُلْنَ: بَلَى.

قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا؛ أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ».

قُلْنَ: بَلَى.

قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَهَذَا تَوْصِيفٌ لِخَلْقِ المَرْأَةِ، وَلَيْسَ تَنْقِيصَاً مِنْ شَأْنِهَا، وَحَاشَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ شَأْنِ مَخْلُوقٍ، فَكُنْ على حَذَرٍ مِنْ ذَمِّ المَرْأَةِ بِمَا خُلِقَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ آثِمٌ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبَاً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. وَلِكُلٍّ مِنَ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَظِيفَةٌ، وَخَلَقَ اللهُ تعالى كُلَّاً مِنْهُمَا خَلْقَاً أَهَّلَهُ لِتَحَمُّلِ وَظِيفَتِهِ، قَالَ تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾.

«غَارَتْ أُمُّكُمْ»:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِيَسْتَحْضِرْ كُلُّ زَوْجٍ طَبِيعَةَ الزَّوْجَةِ عِنْدَ التَّعَامُلِ مَعَهَا، وَخَاصَّةً في سَاعَةِ الغَضَبِ، وَإِلَّا اسْتَحَالَتِ الحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ.

روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ.

فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ».

ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ.

وفي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا تَعْنِي أَتَتْ بِطَعَامٍ فِي صَحْفَةٍ لَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَجَاءَتْ عَائِشَةُ مُؤْتَزِرَةً بِكِسَاءٍ وَمَعَهَا فِهْرٌ (حَجَرٌ) فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَةَ.

فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ فِلْقَتَيِ الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: «كُلُوا، غَارَتْ أُمُّكُمْ، كُلُوا، غَارَتْ أُمُّكُمْ».

ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَحْفَةَ عَائِشَةَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَعْطَى صَحْفَةَ أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى حُسْنِ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَى حُسْنِ تَصَرُّفِهِ، وَإِلَى حَلِّهِ لِمَا حَصَلَ، وَكَيْفَ أَنَّهُ عَلَّلَ مَوْقِفَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ». قَدَّرَ حَالَتَهَا النَّفْسِيَّةَ، وَلَمْ يَنْهَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَعَامَلَ مَعَهَا بِاللُّطْفِ وَالحِكْمَةِ، وَقَدَّرَ مَا يَجْرِي عَادَةً بَيْنَ الضَّرَائِرِ مِنَ الغَيْرَةِ، لِأَنَّ المَرْأَةَ مَجْبُولَةٌ على ذَلِكَ، وَمُرَكَّبٌ هَذَا في نَفْسِهَا، وَهَذَا المَوْقِفُ يَحْتَاجُ إلى حِكْمَةٍ وَخُلُقٍ حَسَنٍ رَفِيعٍ، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ في حَقِّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.

لَقَدْ كَانَ مَوْقِفُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا دَرْسَاً عَمَلِيَّاً للأُمَّةِ في حُسْنِ الأَخْلَاقِ، وَشِيَمِ الرِّجَالِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ الحَيَاةَ الزَّوْجِيَّةَ تَحْتَاجُ إلى غَضِّ الطَّرْفِ أَحْيَانَاً عَنْ بَعْضِ الأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الزَّوْجُ شَدِيدَ المُلَاحَظَةِ على مِثْلِ هَذِهِ الأُمُورِ، وَأَنْ يُقَدِّرَ طَبِيعَةَ المَرْأَةِ وَالجِبِلَّةَ التي جُبِلَتْ عَلَيْهَا.

الحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ تَحْتَاجُ إلى لِينِ القَوْلِ، وَخَاصَّةً في سَاعَةِ الغَضَبِ، وَتَحْتَاجُ إلى سَتْرِ العُيُوبِ، وَغَضِّ الطَّرْفِ، وَالنَّصَيحَةِ لَا الفَضِيحَةِ، وَالتَّلْمِيحِ لَا التَّصْرِيحِ، لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ على حُبِّ مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهَا، وَهَذَا الذي ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِحْسَانِ إلى الزَّوْجَةِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ التَّدْقِيقَ الشَّدِيدَ على الزَّوْجَةِ، وَخَاصَّةً في الأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ قَدْ تَدْفَعُ إلى المُكَابَرَةِ وَالنُّفُورِ وَالإِصْرَارِ، فَتَأْخُذُ النَّفْسَ العِزَّةُ بِالإِثْمِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ خَرَابُ البُيُوتِ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الأَخْلَاقِ مَعَ كَمَالِ الإِخْلَاصِ للهِ تعالى. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 5/ ربيع الأول /1438هـ، الموافق: 4/ كانون الأول / 2016م