93-مع الصحابة وآل البيت:تأثر سيدنا أسامة بعتاب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ

 

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

93ـ تأثر سيدنا أسامة بعتاب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ الذي يَكُونُ سَرِيعَ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ إِذَا سَمِعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَو سَمِعَ حَدِيثَاً مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ الحَقُّ سَرِيعُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ إِذَا حَدَثَ مِنْهُ خَطَأٌ أَو وَقَعَ في ذَنْبٍ مِنَ الذُّنُوبِ؛ سَرِيعُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ لِمَوَاعِظِ اللهِ تعالى، وَمَوَاعِظِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ سَرِيعُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ للتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ الذي جَاءَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، وَفِي السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وَسَرِيعُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ لِسِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسِيرَةِ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ وَآلِ البَيْتِ الأَطْهَارِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَآلُ بَيْتِهِ الأَطْهَارُ سَرِيعِي التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ لِمَوْعِظَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الترمذي عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ.

فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا لَمَوْعِظَةُ مُوَدَّعٍ، فَإِذَاً تَعْهَدُ إِلَيْنَا.

قَالَ: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافَاً كَثِيرَاً، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدَاً حَبَشِيَّاً، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ».

وروى الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ.

قَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلَاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرَاً».

قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ (هُوَ خُرُوجُ الصَّوْتِ مِنَ الأَنْفِ مَعَ البُكَاءِ).

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَلْ إِذَا سَمِعْنَا مَوْعِظَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ تعالى، أَو مِنْ هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَتَأَثَّرُ كَمَا تَأَثَّرَ الصَّحْبُ الكِرَامُ وَآلُ البَيْتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؟

هَلْ نُغَطِّي وُجُوهَنَا كَمَا غَطَّى أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ؟

هَلْ تَختَنِقُ العَبَرَاتُ، وَتُذْرَفُ الدُّمُوعُ، وَتَخْرُجُ الأَصْوَاتُ كَأزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ الصُّدُورِ للتَّأَثُّرِ مِنْ هَذِهِ المَوَاعِظِ؟

لَقَدْ تَبَلَّدَ إِحْسَاسُنَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ؛ لَقَدْ ضَعُفَ الوَازِعُ الإِيمَانِيُّ في القُلُوبِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَالخَطَايَا.

تَأَثُّرُ سَيِّدِنَا أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَتَأَثَّرُونَ بِالمَوَاعِظِ تَأَثُّرَاً بَلِيغَاً، وَلَكِنْ إِذَا عَاتَبَهُمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على خَطَأٍ مِنَ الأَخْطَاءِ كَانُوا يَتَأَثَّرُونَ أَشَدَّ التَّأَثُّرِ، وَتَكَادُ أَرْوَاحُهُمْ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، وَأَنْ تَضِيقَ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، بَلْ حَتَّى تَضِيقَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ، وَحَتَّى كَانُوا يَتَمَنَّوْنَ لَو أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا في ذَلِكَ اليَوْمِ.

روى الإمام مسلم عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ، أَنَّهُ بَعَثَ إِلَى عَسْعَسِ بْنِ سَلَامَةَ زَمَنَ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: اجْمَعْ لِي نَفَرَاً مِنْ إِخْوَانِكَ حَتَّى أُحَدِّثَهُمْ، فَبَعَثَ رَسُولَاً إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَ جُنْدَبٌ وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ أَصْفَرُ (البُرْنُسُ: كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ مِنهُ مُلْتَزِقٌ بِهِ).

فَقَالَ: تَحَدَّثُوا بِمَا كُنْتُمْ تَحَدَّثُونَ بِهِ حَتَّى دَارَ الْحَدِيثُ.

فَلَمَّا دَارَ الْحَدِيثُ إِلَيْهِ حَسَرَ الْبُرْنُسَ عَنْ رَأْسِهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُكُمْ وَلَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثَاً مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى قَوْمٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَإِنَّهُمُ الْتَقَوْا، فَكَانَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ إِذَا شَاءَ أَنْ يَقْصِدَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ، وَإِنَّ رَجُلَاً مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ غَفْلَتَهُ.

قَالَ: وَكُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَلَمَّا رَفَعَ عَلَيْهِ السَّيْفَ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَ الْبَشِيرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ، حَتَّى أَخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ كَيْفَ صَنَعَ، فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «لِمَ قَتَلْتَهُ؟».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْجَعَ فِي المُسْلِمِينَ (أَيْ: أَوْقَعَ بِهِمْ وَآلَمَهُمْ) وَقَتَلَ فُلَانَاً وَفُلَانَاً، وَسَمَّى لَهُ نَفَرَاً، وَإِنِّي حَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى السَّيْفَ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقَتَلْتَهُ؟».

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي.

قَالَ: «وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالَ: فَجَعَلَ لَا يَزِيدُهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: «كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وفي رِوَايَةٍ قالَ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

الفَارِقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الفَارِقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَثَّرُونَ تَأَثًّرَاً بَلِيغَاً إِذَا زَلَّتْ بِهِمُ القَدَمُ بَعْدَ اجْتِهَادٍ مِنْهُمْ قَبْلَ الوُقُوعِ في الخَطَأِ.

وَأَمَّا نَحْنُ اليَوْمَ، يَأْتِينَا الأَمْرُ مِنَ اللهِ تعالى وَمِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ مُتَأَكِّدُونَ مِنَ التَّحْرِيمِ، فَنَقَعُ في المُخَالَفَةِ ـ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ تعالى ـ وَلَا يَحْدُثُ شَيْءٌ في نُفُوسِنَا مُطْلَقَاً، وَلَا يُعَاتِبُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ، وَلَا يَتَرَاجَعُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِتَبَلُّدِ الإِحْسَاسِ فِينَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَرْجِعُونَ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَاشَرَةً لِيُصَحِّحُوا سَيْرَهُمْ إلى اللهِ تعالى؛ لَقَدْ رَجَعَ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الأَمْرِ الذي حَصَلَ مَعَهُ، وَهُوَ قَتْلُهُ لِرَجُلٍ كَانَ مُشْرِكَاً يُقَاتِلُ المُسْلِمِينَ وَقَدْ أَكْثَرَ القَتْلَ فِيهِمْ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَقَتَلَهُ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اجْتِهَادَاً مِنْهُ، بِأَنَّهُ مَا قَالَهَا إِلَّا خَوْفَاً مِنَ القَتْلِ، خَوْفَاً مِنَ السِّلَاحِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَقَتَلْتَهُ؟».

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفَاً مِنَ السِّلَاحِ.

قَالَ: «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟».

فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ. رواه الإمام مسلم.

وفي رِوَايَةٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقَتَلْتَهُ؟».

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي.

قَالَ: «وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالَ: فَجَعَلَ لَا يَزِيدُهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: «كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ تَأَثَّرَ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ هَذَا العِتَابِ، حَتَّى تَمَنَّى أَنَّهُ مَا دَخَلَ في الإِسْلَامِ إِلَّا بَعْدَ هَذَا الخَطَأِ، لِأَنَّ الإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ الحَقُّ شَخْصِيَّتُهُ سَرِيعَةُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ إِذَا نُبِّهَ للخَطَأِ، وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَقَعَ في الإِثْمِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ تعالى، وَيَتَأَثَّرُ بِالمَوْعِظَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَالتَّوْجِيهِ وَالإِنْكَارِ؛ أَمَّا إِذَا كَانَ إِحْسَاسُهُ مُتَلَبِّدَاً فَإِنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ وَلَا يَنْفَعِلُ، بَلْ يُبَرِّرُ وَيُصِرُّ على الخَطَأِ، وَيُحَاوِلُ أَن يُلْبِسَ هَوَاهُ بِأَثْوَابِ الشَّرِيعَةِ تَبْرِيرَاً لِإِجْرَامِهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا بِتَرْكِ المَعَاصِي مَا أَحْيَيْتَنَا. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 26/ جمادى الأولى /1438هـ، الموافق: 23/ شباط / 2017م