5ـ دروس رمضانية 1438هـ:هل تريد أن تكون عظيماً مباركاً؟

 

دروس رمضانية 1438هـ

5ـ هل تريد أن تكون عظيماً مباركاً؟

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» رواه ابن خزيمة عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَلْفِتُ أَنْظَارَنَا إلى هَذَا الشَّهْرِ العَظِيمِ أَنَّهُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، ، وَجَعَلَهُ اللهُ تعالى مَوْسِمَاً مِنَ المَوَاسِمِ يَتَقَرَّبُ فِيهِ العَبَادُ مِنْ حَضْرَتِهِ تَبَارَكَ وَتعالى.

قِيمَةُ كُلِّ زَمَنٍ بِأَحْدَاثِهِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قِيمَةُ كُلِّ زَمَنٍ بِأَحْدَاثِهِ، وَشَهْرُ رَمَضَانَ كَانَ عَظِيمَاً مُبَارَكَاً مِنْ خِلَالِ القُرْآنِ العَظِيمِ الذي أُنْزِلَ عَلَى قَلْبِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾. هَذَا القُرْآنُ المُنَزَّلُ عَلَى قَلْبِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِوَاسِطَةِ سَيِّدِنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ﴾.

فَكَانَ الشَّهْرُ عَظِيمَاً لِنُزُولِ القُرْآنِ فِيهِ، وَكَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمَ لِأَنَّهُ نَزَلَ عَلَى قَلْبِهِ الشَّرِيفِ، وَقِيمَةُ كُلِّ زَمَانٍ بِأَحْدَاثِهِ، وَقِيمَةُ كُلِّ قَلْبٍ بِمَا يَحْتَوِيهِ.

فَشَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ شُرِّفَ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَبِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَلَيْلَةُ القَدْرِ شُرِّفَتْ بِنُزُولِ القُرْآنِ فِيهَا ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ﴾. وَالقُرْآنُ الكَرِيمُ عَظِيمٌ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعَاً مِنَ المَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾.

شَهْرٌ مُبَارَكٌ بِبَرَكَةِ القُرْآنِ، قَالَ تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.

هل تريد أن تكون عظيماً مباركاً؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا عَرَفْنَا هَذَا فَإِنَّا نَقُولُ: هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عَظِيمَاً مُبَارَكَاً؟

الجَوَابُ: قَطْعَاً كُلُّ وَاحِدٍ فِينَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَظِيمَاً مُبَارَكَاً، فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، عَلَيْهِ بِتِلَاوَةِ القُرْآنِ العَظِيمِ المُبَارَكِ صَبَاحَاً وَمَسَاءً، عَلَيْهِ بِالتَّدَبُّرِ لآيَاتِ الذِّكْرِ الحَكِيمِ، عَلَيْهِ بِالعَمَلِ بِأَحْكَامِ القُرْآنِ العَظِيمِ المُبَارَكِ، فَبِمِقْدَارِ تِلَاوَةِ القُرْآنِ وَتَدَبُّرِ آيَاتِهِ وَالعَمَلِ بِهِ بِمِقْدَارِ مَا يَكُونُ الإِنْسَانُ عَظِيمَاً مُبَارَكَاً بِبَرَكَةِ هَذَا القُرْآنِ العَظِيمِ المُبَارَكِ، وَمِنْ خِلَالِ هَذَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمَ إِنْسَانٍ وَأَبْرَكَ إِنْسَانٍ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَاتِهِ الـشَّرِيفَةِ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» رواه الإمام مسلم، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ ـ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ ـ إِلا تَحْتَ لِوَائِي....» رواه الترمذي.

صِلَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالقُرْآنِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ بِبَرَكَةِ هَذَا القُرْآنِ العَظِيمِ المُبَارَكِ، حَيْثُ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُلَازِمُ تِلَاوَةَ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَيَتَدَارَسُهُ مَعَ سَيِّدِنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.

وَسُئِلَتْ أُمُّنَا السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْها عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ. رواه الإمام أحمد وغيره.

فَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُلْتَزِمَاً كِتَابَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ في سَائِرِ أَحْوَالِهِ.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: نَحْنُ نَفْرَحُ وَنَبْتَهِجُ بِشَهْرِ الصِّيَامِ شَهْرِ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَلَكِنْ أَيْنَ صِلَتُنَا بِكِتَابِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ؟ أَيْنَ تَدَبُّرُنَا لِآيَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟

إِنَّ الإِيمَانَ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ بِأَنَّهُ كَلَامُ اللهِ تعالى، المُنَزَّلِ عَلَى قَلْبِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بِوَاسِطَةِ سَيِّدِنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِدُونِ عَمَلٍ وَالْتِزَامٍ لَا يَكْفِي، لِأَنَّ القُرْآنِ العَظِيمِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لَنَا أَو حُجَّةً عَلَيْنَا، إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَائِدَاً للعَبْدِ إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَإِمَّا قَائِدَاً ـ وَالعِيَاذُ بِاللهِ ـ إلى نَارِ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المَصِيرُ.

القُرْآنُ العَظِيمُ المُبَارَكُ يَا أُمَّةَ القُرْآنِ مَا أَنْزَلَهُ اللهُ تعالى للإِيمَانِ بِهِ فَقَطْ دُونَ عَمَلٍ، فَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون﴾.

نَزَلَ القُرْآنُ لِيَجْعَلَ مِنَّا عُظَمَاءَ مُبَارَكِينَ، لِيَجْعَلَ مِنَّا أُمَّةً مُبَارَكَةً لِتَكُونَ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ، لِيَجْعَلَ مِنَّا سُعَدَاءَ مُوَفَّقِينَ للخَيْرَاتِ وَالمَبَرَّاتِ في الدُّنْيَا، وَيَجْعَلَ مِنَّا سُعَدَاءَ مَسْرُورِينَ في الآخِرَةِ.

اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِذَلِكَ. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 3/رمضان /1438هـ ، الموافق: 29/أيار / 2017م