9ـ بر الوالدين :لا تستطيع أن تؤدي حق والدك

 

بر الوالدين

9ـ لا تستطيع أن تؤدي حق والدك

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ عِظَمِ مَكَانَةِ الوَالِدَيْنِ، وَوُجُوبِ بِرِّهِمَا، وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا، أَنْ جَعَلَ اللهُ تعالى رِضَاهُ في رِضَاهُمَا، وَسَخَطَهُ في سَخَطِهِمَا، فَمَنْ أَرْضَاهُمَا فَقَدْ أَرْضَى اللهَ تعالى، وَمَنْ أَسْخَطَهُمَا فَقَدْ أَسْخَطَ اللهَ تعالى.

روى الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الوَالِدِ، وَسَخِطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الوَالِدِ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «طَاعَةُ اللهِ طَاعَةُ الْوَالِدِ، وَمَعْصِيَةُ اللهِ مَعْصِيَةُ الْوَالِدِ».

فَمَنْ أَطَاعَ وَالِدَيْهِ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ للهِ تعالى، فَإِنَّهُ أَطَاعَ اللهَ تعالى الذي أَمَرَ بِطَاعَتِهِمَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ الوَلَدَ مَهْمَا عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ البِرِّ وَالإِحْسَانِ، وَمَهْمَا قَدَّمَ لِوَالِدَتِهِ مِنَ النَّفَقَةِ وَالخِدْمَةِ، وَمَهْمَا فَعَلَ لَهَا مِنَ الخَيْرِ، فَإِنَّهُ لَنْ يُؤَدِّيَهَا حَقَّهَا، وَلَو بِزَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ طَلْقِهَا وَمَخَاضِهَا.

رَوَى الإمام البخاري في الأَدَبِ المُفْرَدِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، أَنَّهُ شَهِدَ ابْنَ عُمَرَ، وَرَجُلٌ يَمَانِيٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ـ حَمَلَ أُمَّهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ـ يَقُولُ:

إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا المُذَلَّلُ   ***   إِنْ أُذْعِرَتْ رِكَابُهَا لَمْ أُذْعَرِ

ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ، أَتُرَانِي جَزَيْتُهَا؟

قَالَ: لَا، وَلَا بِزَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ.

وروى البَزَّارُ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلَاً كَانَ فِي الطَّوَافِ حَامِلَاً أُمَّهُ يَطُوفُ بِهَا.

فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَدَّيْتُ حَقَّهَا؟

قَالَ: «لَا، وَلَا بِزَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ».

وَفِي رِوَايَةٍ للطَّبَرَانِيِّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي حَمَلْتُ أُمِّي عَلَى عُنُقِي فَرْسَخَيْنِ فِي رَمْضَاءَ شَدِيدَةٍ، لَوْ أَلْقَيْتَ فِيهَا بَضْعَةً مِنْ لَحْمٍ لَنَضِجَتْ، فَهَلْ أَدَّيْتُ شُكْرَهَا؟

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ».

لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤَدِّيَ حَقَّ وَالِدِكَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا كَانَ الوَلَدُ لَا يُؤَدِّي حَقَّ الأُمُّ مَهْمَا فَعَلَ، فَإِنَّ الأَبَ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ يُؤَدِّي حَقَّهُ في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَهِيَ فِيمَا إِذَا كَانَ الوَالِدُ مَمْلُوكَاً، وَوَجَدَهُ وَلَدُهُ يُبَاعُ، فَاشْتَرَاهُ، فَأَعْتَقَهُ.

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَاً، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكَاً فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا كُنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَجْزِيَ الوَالِدَيْنِ حَقَّ الجَزَاءِ، فَلَا أَقَلَّ مِنَ الإِحْسَانِ وَالبِرِّ إِلَيْهِمَا، وَاللهُ تعالى يُبَارِكُ في القَلِيلِ، وَيَجْزِي بِاليَسِيرِ كَثِيرَاً.

حَقُّ الأُمِّ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الأَبِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ خَصَّ اللهُ تعالى، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الأُمَّ بِالذِّكْرِ بَعْدَ الوَصِيَّةِ بِالوَالِدَيْنِ مَعَاً، وَجَعَلَ لَهَا مِنَ البِرِّ أَكْثَرَ مِمَّا للأَبِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فَضْلَهَا عَلَى الوَلَدِ أَكْثَرَ، وَتَمْتَازُ بِأُمُورٍ لَا يُشَارِكُهَا الأَبُ فِيهَا، فَاسْتَحَقَّتِ التَّقْدِيمَ، وَالبِرَّ، وَالإِحْسَانَ، وَالتَّقْدِيرَ، وَالاحْتِرَامَ، أَكْثَرَ مِمَّا للأَبِ، وَذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَمْثَالِ مَا للأَبِ.

قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنَاً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ﴾.

وَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانَاً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهَاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهَاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرَاً﴾.

فَفِي الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ ذَكَرَ الوَصِيَّةَ بِالوَالِدَيْنِ، ثُمَّ خَصَّ الأُمَّ بِالذِّكْرِ، وَذَكَرَ لَهَا ثَلَاثَةَ أُمُورٍ تَنْفَرِدُ بِهَا عَنِ الأَبِ، الحَمْلَ، وَالوِلَادَةَ، وَالرَّضَاعَ الذي يَسْتَمِرُّ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ الثَّلَاثَةِ التي تَخْتَصُّ بِهَا الأُمُّ، تَجْعَلُ الأُمَّ تَسْتَحِقُّ مِنَ البِرِّ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ الرَّجُلُ، وَلَهَا الحَظُّ الأَوْفَرُ مِنَ البِرِّ، إِضَافَةً إلى ضَعْفِهَا وَقُوَّةِ الرَّجُلِ، وَعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى اسْتِخْلَاصِ حَقِّهَا، لِذَا تُقَدَّمُ عَلَى الأَبِ عِنْدَ المُزَاحَمَةِ.

وَلِذَا نُلَاحِظُ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وتعالى غَلَّبَ جَانِبَ الوَالِدَةِ في الذِّكْرِ عَلَى جَانِبِ الأَبِ، عِنْدَمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمْ يَقُلِ اللهُ تعالى: بِأَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تعالى لَو قَالَ: بِأَبَوَيْهِ؛ لَحَصَلَ تَنَافُرٌ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْصِيصِ الأُمِّ بِالحَمْلِ وَالوَضْعِ، فَكَانَ تَغْلِيبُ جَانِبِ الأُمِّ في الذِّكْرِ هُنَا ﴿بِوَالِدَيْهِ﴾ مُلْفِتَاً للنَّظَرِ، في تَقْدِيمِ الوَصِيَّةِ بِهَا، وَالاعْتِنَاءِ بِهَا، وَتَقْدِيمِ بِرِّهَا، وَبَيَانِ مَكَانَتِهَا، وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ.

وَلِهَذَا نُلَاحِظُ أَنَّ في بَابِ الوَصِيَّةِ وَالدُّعَاءِ وَالاسْتِغْفَارِ وَشُكْرِ النِّعْمَةِ وَالإِحْسَانِ، جَاءَ تَغْلِيبُ لَفْظِ الوَالِدَيْنِ، بَيْنَمَا في النَّسَبِ، وَالمِيرَاثِ، وَالاعْتِزَازِ، وَالنَسَبِ العَالِي، وَالاقْتِدَاءِ، وَالاتِّبَاعِ، جَاءَ تَغْلِيبُ لَفْظِ الآبَاءِ، وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ.

وَهَذِهِ الأُمُورُ الثَّلَاثَةُ ـ الحَمْلُ، وَالوِلَادَةُ، وَالرَّضَاعُ ـ هِيَ التي اسْتَدَلَّتْ بِهَا المَرْأَةُ المُطَلَّقَةُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مُعْلِنَةً اخْتِصَاصَهَا، وَتَوَصَّلَتْ بِهَا إلى أَخْذِ وَلَدِهَا مِنْ زَوْجِهَا الذي أَرَادَ انْتِزَاعَهُ مِنْهَا.

فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي.

فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم.

فَقَدِ اسْتَدَلَّتْ عَلَى حَقِّهَا بِهَذِهِ الأُمُورِ الثَّلَاثَةِ التي اخْتَصَّتْ بِهَا؛ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ.

وَقَدْ جَاءَ في الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ مَا يُؤَكِّدُ تَقْدِيمَهَا عَلَى حَقِّ الأَبِ في البِرِّ وَالإِحْسَانِ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟

قَالَ: «أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».

وفي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ»

وروى الإمام أحمد والحاكم والترمذي وغيرهم عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَبَرُّ؟

قَالَ: «أُمَّكَ».

قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «أُمَّكَ».

قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «أُمَّكَ».

قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: « ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَحَتَّى لَو تَزَوَّجَ الوَلَدُ فَالأُمُّ تَبْقَى هِيَ أَوْلَى مِنْ جَمِيعِ الأَقَارِبِ بِالبِرِّ، بِخِلَافِ البِنْتِ، فَإِنَّهَا بَعْدَ زَوَاجِهَا تَنْتَقِلُ الأَحَقِّيَّةُ مِنَ الأُمِّ إلى الزَّوْجِ، لِعِظَمِ أَحَقِّيَّةِ الزَّوْجِ، وَلِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ حِصْنُهَا.

روى الحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقَّاً عَلَى المَرْأَةِ؟

قَالَ: «زَوْجُهَا».

قُلْتُ: فَأَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقَّاً عَلَى الرَّجُلِ؟

قَالَ: «أُمُّهُ».

وَكُلُّ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى عِظَمِ حَقِّ الأُمِّ، وَأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ في البِرِّ عَلَى الأَبِ، وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنُرَاجِعِ الحِسَابَاتِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَنْفُسِنَا، أَيْنَ نَحْنُ مِنْ بِرِّ الوَالِدَيْنِ، لَقَدْ عَمَّ وَطَمَّ في هَذَ الزَّمَانِ عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، حَتَّى تَلَبَّسَ بِهِ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ، وَقَسَتِ القُلُوبُ، وَتَبَلَّدَ الإِحْسَاسُ، وَمَاتَتِ المَشَاعِرُ وَالعَوَاطِفُ، وَقُدِّمَ الأَصْحَابُ عَلَى الوَالِدَيْنِ، وَقُدِّمَتِ الزَّوْجَاتُ عَلَى الأُمَّهَاتِ.

مَا أَقْبَحَ العُقُوقَ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ كِبَرِ الوَالِدَيْنِ، أَمَا عَلِمَ العَاقُّ أَنَّ العُقُوقَ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ، وَمِنْ أَكْبَرِ المُوبِقَاتِ المُهْلِكَاتِ، كَمَا أَنَّ بِرَّ الوَالِدَيْنِ يَتَصَدَّرُ المَرْتَبَةَ الأُولَى في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَبِرَّ الوَالِدَيْنِ مِنْ أَحَبِّ الأَعْمَالِ إلى اللهِ تعالى، وَمِنَ الأَبْوَابِ التي يَلِجُ فِيهَا العَبْدُ إلى الجنَّةِ.

لِنَتَّقِ اللهَ تعالى في الوَالِدَيْنِ، وَلْنُحْسِنْ إِلَيْهِمَا مَا اسْتَطَعْنَا إلى ذَلِكَ سَبِيلَاً، وَلْنَتَدَارَكْ أَنْفُسَنَا إِن كُنَّا مُـقَصِّرِينَ في حَقِّهِمَا مَا اسْتَطَعْنَا إلى ذَلِكَ سَبِيلَاً.

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ظُلْمَاً كَثِيرَاً، وَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لَنَا مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين.

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 15/ رجب /1439هـ، الموافق: 1/ نيسان / 2018م