42ـ علمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بخصائص الآيات

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

42ـ علمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بخصائص الآيات

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ ذَلِكَ: تَعْلِيمُ اللهِ تعالى للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَصَائِصَ الكَلِمَاتِ القُرْآنِيَّةِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الحَدِيثُ الذي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ المُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنْ بُيِّتُّمُ اللَّيْلَةَ ـ وَفِي رِوَايَةٍ: إِنْ بَيَّتَكُمُ العَدُوُّ ـ فَقُولُوا: حم لَا يُنْصَرُونَ» وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا في بَعْضِ الغَزَوَاتِ، فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنْ يُرْوَى: فَقُولُوا: حم لَا يُنْصَرُونَ، أَيْ: إِنْ قُلْتُمْ ذَلِكَ لَا يُنْصَرُوا. اهـ. وَذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ في ﴿حم﴾ حِمَايَةٌ.

وَمِنْ ذَلِكَ: عِلْمُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخَصَائِصِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ، كَمَا وَرَدَ في آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، فَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ كِتَابَاً قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ». قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا وَرَدَ في خَصَائِصِ العَشْرِ الآيَاتِ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ وَآخِرِهَا، وَأَنَّهَا عِصْمَةٌ مِنَ الدَّجَّالِ، فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ». قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ بِهِ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ: مَنْ حَفِظَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الكَهْفِ؛ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. اهـ.

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ، عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ». قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضَاً وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ بِهِ، وَفِي لَفْظِ النَّسَائِيِّ: «مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الكَهْفِ .. فَذَكَرَ الحَدِيثَ. اهـ.

وَفِي المُخْتَارَةِ للحَافِظِ الضِّيَاءِ المَقْدِسِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعَاً: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ مَعْصُومٌ إِلَى ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ، وَإِنْ خَرَجَ الدَّجَّالُ عُصِمَ مِنْهُ». انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ، وَأَصْلُ هَذَا الحَدِيثِ في المُسْنَدِ وَغَيْرِهِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَكَمَا وَرَدَ في آيَاتِ أَوَّلِ سُورَةِ يس، فَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَقَبَهُ المُشْرِكُونَ لَيْلَةَ الهِجْرَةِ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَفِي يَدِهِ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ فَجَعَلَ يَذُرُّهَا عَلَى رُؤُوسِهِمْ وَيَقْرَأُ: ﴿يس * وَالقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾. حَتَّى انْتَهَى إلى قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدَّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدَّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾. وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبَاتُوا رُصَدَاءَ عَلَى بَابِهِ؛ ثُمَّ جَعَلَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ، وَحَالَ اللهُ تعالى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَوْهُ حِينَ خَرَجَ مِنْ بَيْنِهِمْ.

وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدَّاً وَلَيْسَ مَوْضِعُ تَفْصِيلِهِ هُنَا.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 23/رمضان/1439هـ، الموافق: 8/ حزيران / 2018م