73ـ ملاطفته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصبيان

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

73ـ ملاطفته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصبيان

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: مُلَاطَفَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصِّبْيَانِ وَمُلَاعَبَتُهُ لَهُمْ

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَصُفُّ عَبْدَ اللهِ، وَعُبَيْدَ اللهِ، وَكُثَيَّرَ بَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ يَقُولُ: «مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا».

قَالَ: فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ، فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْتَزَمُهُمْ. كَذَا في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ.

وَفِي زَوَائِدِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُ الْأَنْصَارَ، وَيُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِهِمْ، وَيَمْسَحُ رُؤُوسَهُمْ.

وَرَوَى البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفْرَدِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعَ أُذُنَايَ هَاتَانِ وبَـصُرَ عَيْنَايَ هَاتَانِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَخَذَ بِيَدَيْهِ جَمِيعَاً بِكَفَّيِّ الْحَسَنِ أَوِ الْحُسَيْنِ، وقَدَمَيْهِ (مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَجَعَلَ قَدَمَيْهِ ... الخ، أَو أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ قَدَمَيْهِ. كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُونَ) عَلَى قَدَمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ارْقَهْ».

قَالَ: فَرَقَى الغُلامُ حَتَّى وضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «افْتَحْ فَاكَ».

ثُمَّ قَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَحِبَّهُ، فَإِنِّي أُحِبُّهُ».

وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ في الإِصَابَةِ وَزَادَ: «حُزُقَّهُ حُزُقَّةْ، تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةْ» جَاءَ في النِّهَايَةِ لِابْنِ الأَثِيرِ: وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُرْقِصُ الحَسَنَ أَو الحُسَيْنَ وَيَقُولُ: «حُزُقَّهُ حُزُقَّةْ، تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةْ» فَتَرَقَّى الغُلَامُ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ ـ الحُزُقَّةُ: الضَّعِيفُ المُتَقَارِبُ الخَطْوِ مِنْ ضَعْفِهِ، وَقِيلَ: القَصِيرُ العَظِيمُ البَطْنِ، فَذَكَرَهَا عَلَى سَبِيلِ المُدَاعَبَةِ وَالتَّأْنِيسِ لَهُ، وَتَرَقَّ: بِمَعْنَى اصْعَدْ، وَعَيْنُ بَقَّه: كِنَايَةً عَنْ صِغَرِ العَيْنِ. اهـ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِالصِّبْيَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.

قَالَ: وَإِنَّهُ قَدِمَ مَرَّةً مِنْ سَفَرٍ، فَسُبِقَ بِي إِلَيْهِ، فَحَمَلَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ جِيءَ بِأَحَدِ ابْنَيْ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، إِمَّا حَسَنٌ، وَإِمَّا حُسَيْنٌ، فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ؛ فَدَخَلْنَا المَدِينَةَ ثَلاثَةً عَلَى دَابَّةٍ.

وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَتَذْكُرُ إِذْ لَقِينَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟

فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 28/محرم /1440هـ، الموافق: 8/ تشرين الأول / 2018م