127ـ صلاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الضحى

127ـ صلاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الضحى

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: صَلَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الضُّحَى:

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَاً وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللهُ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى سِتَّ رَكَعَاتٍ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ.

قَالَتْ: مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضَاً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ (أَيْ: قَبْلَ أَنْ أَنَامَ).

وَرَوَى الحَاكِمُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً. انْظُرْ المَوَاهِبَ للقَسْطَلَانِيِّ وَشَرْحِهِ للزَّرْقَانِيِّ.

قَالَ العُلَمَاءُ: وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، فَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الضُّحَى تَارَةً رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ أَقَلُّهَا، وَتَارَةً أَرْبَعَاً وَهُوَ الأَغْلَبُ، وَتَارَةً سِتَّاً، وَتَارَةً ثَمَانِيَةً، وَتَارَةً اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَذَلِكَ أَفْضَلُهَا وَأَكْثَرُهَا. انْظُرْ حَاشِيَةَ العَلَّامَةِ البَاجُورِيِّ عَلَى الشَّمَائِلِ.

وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَظِيمِ أَجْرِ المُسْلِمِ الذي يُصَلِّي صَلَاةَ الصُّبْحِ في جَمَاعَةٍ، ثُمَّ يَقْعُدُ في مُصَلَّاهُ، يَذْكُرُ اللهَ تعالى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ، فَيَقُومُ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى:

فَعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ قَعَدَ فِي مُصَلَّاهُ حِينَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى يُسَبِّحَ ـ أَيْ يُصَلِّيَ ـ رَكْعَتَيِ الضُّحَى، لَا يَقُولُ إِلَّا خَيْرَاً، غُفِرَ لَهُ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ» قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَبُو يَعْلَى، وَأَظُنُّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ». ثُمَّ قَالَ المُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ الثَّلَاثَةُ مِنْ طَرِيقِ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلٍ، وَقَدْ حَسُنَتْ ـ أَيْ: طَرِيقُهُ ـ وَصَحَّحَهَا بَعْضُهُمْ. اهـ.

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، انْقَلَبَ بِأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ» قَالَ المُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ ذَكَرَ اللهَ تعالى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ:

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ تَرَبَّعَ ـ أَيْ: جَلَسَ مُتَرَبِّعَاً ـ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاً» أَيْ: طُلُوعَاً بَارِزَاً يَنْتَشِرُ ضِيَاؤُهَا.

قَالَ في التَّرْغِيبِ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَلَفْظُهُ: كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ جَلَسَ يَذْكُرُ اللهَ تعالى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

قَالَ: وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ في صَحِيحِهِ وَلَفْظُهُ: قَالَ: عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ؟

فَقَالَ: كَانَ يَقْعُدُ فِي مُصَلَّاهُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 25/ ذو القعدة /1440هـ، الموافق: 29/ تموز / 2019م