135ـ من أدعيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (2)

135ـ من أدعيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (2)

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ أَدْعِيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الجَامِعَةِ لِأَنْوَاعِ مِنَ التَّعَاوِيذِ:

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا جَاءَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ.

اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَكَذَا الإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، كَمَا في شَرْحِ المَوَاهِبِ.

قَالَ العَلَّامَةُ الطِّيبِيُّ: في كٌلٍّ مِنْ هَذِهِ القَرَائِنِ ـ أَيْ: القَرَائِنُ الوَارِدَةُ في قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا» ـ إِشْعَارٌ بِأَنَّ وُجُودَ الشَّيْءِ مَبْنِيٌّ عَلَى غَايَتِهِ، وَالغَرَضُ ـ أَيْ: المَقْصُودُ الغَايَةِ ـ:

فَإِنَّ تَعَلُّمَ العِلْمِ إِنَّمَا هُوَ للنَّفْعِ بِهِ، فَإِذَا لَمْ يَنْفَعْهُ لَمْ يَخْلُصْ كَفَافَاً، بَلْ يَكُونُ وَبَالَاً ـ عَلَى صَاحِبِهِ ـ.

وَإِنَّ القَلْبَ إِنَّمَا خُلِقَ لِيَخْشَعَ لِرَبِّهِ تعالى، فَإِذَا لَمْ يَخْشَعْ فَهُوَ قَاسٍ يُسْتَعَاذُ مِنْهُ ﴿فَوَيْلٌ للقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾.

وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ بِالنَّفْسِ إِذَا تَجَافَتْ ـ أَيْ: تَبَاعَدَتْ ـ عَنْ دَارِ الغُرُورِ، وَأَنَابَتْ إلى دَارِ الخُلُودِ، فَإِذَا كَانَتْ ـ النَّفْسُ ـ نَهْمَةً لَا تَشْبَعُ، كَانَتْ أَعْدَى عَدُوٍّ للمَرْءِ، فَهِيَ أَهَمُّ مَا يُسْتَعَاذُ مِنْهُ.

وَعَدَمُ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدَّاعِيَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِعِلْمِهِ، وَلَمْ يَخْشَعْ قَلْبُهُ، وَلَمْ تَشْبَعْ نَفْسُهُ. اهـ.

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ، وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَمَّا الشِّقَاقُ: فَالمُرَادُ بِهِ التَّعَادِي وَالخِلَافُ، وَالمُرَادُ بِالنِّفَاقِ: نِفَاقُ العَمَلِ، وَأَنَّ سُوءَ الأَخْلَاقِ مِنَ المُهْلِكَاتِ وَالمَخَازِي.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ يَقُولُ:

«أَعُوذُ ـ هَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ، وَوَقَعَ في الأَذْكَارِ: أُعِيذُكُمَا ـ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ (أَيْ: كَلَامُهُ عَلَى الإِطْلَاقِ، أَو القُرْآنُ الكَرِيمُ خَاصَّةً.

قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: أَيْ الكَامِلَةُ، أَو النَّافِعَةُ، أَو الشَّافِيَةُ، أَو المُبَارَكَةُ، أَو القَاضِيَةُ التي تَمْضِي وَتَسْتَمِرُّ، وَلَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ، وَلَا يَدْخُلُهَا نَقْصٌ وَلَا عَيْبٌ. اهـ. وَعَلَى كُلٍّ فَهِيَ صِفَاتٌ مُؤَكَّدَةٌ وَكَاشِفَةٌ) مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ (بِتَشْدِيدِ المِيمِ: ذَاتُ السُّمُومِ) وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ (التي تُصِيبُ مَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ بِسُوءٍ)».

وَيَقُولُ: إِنَّ أَبَاكُمَا ـ أَيْ: جَدَّكُمَا الأَعْلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ـ كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ (بِضَمِّ الفَاءِ وَالمَدِّ، وَبِفَتْحِهَا وَالقَصْرِ، أَيْ: بَغْتَةَ العُقُوبَةِ وَأَخْذَةَ الغَضَبِ، كَمَا في شَرْحِ المَوَاهِبِ) وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ.

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلَاقِ، وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ وَالأَدْوَاءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمِ السَّوْءِ، وَمِنْ لَيْلَةِ السَّوْءِ، وَمِنْ سَاعَةِ السَّوْءِ، وَمِنْ صَاحِبِ السَّوْءِ، وَمِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ المُقَامَةِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةِ بْنِ عَامِرٍ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 7/ محرم /1441هـ، الموافق: 6/ أيلول / 2019م