146ـ نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم

146ـ نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: نَسَبُهُ الشَّرِيفُ وَأَصْلُهُ المُنِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ اللهُ تعالى: ﴿اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ . . .﴾ الآيَةَ.

وَقَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

وَقَدْ ذَكَرَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَمُودَ نَسَبِهِ الرَّفِيعِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ (فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ، وَهَذَا الاسْمُ الكَرِيمُ، كَمَا قَالَ في الفَتْحِ: مَنْقُولٌ مِنْ صِفَةِ الحَمْدِ، وَفِيهِ المُبَالَغَةُ ـ أَيْ: الكَثْرَةُ ـ وَالمُحَمَّدُ: الذي حُمِدَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، والذي تَكَامَلَتْ فِيهِ الخِصَالُ المَحْمُودَةُ. اهـ.

وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَثُرَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ المَحْمُودَةُ، وَكَمُلَتْ لَهُ: كَثُرَ حَمْدُ النَّاسِ لَهُ، وَثَنَاؤُهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّ أَعْظَمَ خَلْقِ اللهِ تعالى كَمَالَاً، وَأَكْرَمَهُمْ خِصَالَاً، وَأَجْمَلَهُمْ فِعَالَاً، وَأَعَمَّهُمْ نَوَالَاً، هُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَفِي الفَتْحِ، نَقْلَاً عَنِ البَيْهَقِيِّ في الدَّلَائِلِ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ أَنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَمِلَ لَهُ مَأْدُبَةً، فَلَمَّا أَكَلُوا سَأَلُوا: مَا سَمَّيْتَهُ؟ قَالَ: مُحَمَّدَاً، قَالُوا: فَمَا رَغِبْتَ بِهِ عَنْ أَسْمَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَحْمَدَهُ اللهُ في السَّمَاءِ، وَخَلْقُهُ في الأَرْضِ.

وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: بَلْ سَمَّتْهُ أُمُّهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُحَمَّدَاً لَمَّا رَأَتْهُ، وَقِيلَ لَهَا في شَأْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

كَمَا رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ آمِنَةُ تُحَدِّثُ وَتَقُولُ:

أَتَانِي آتٍ حِيَن مَرَّ بِي مِنْ حَملِي سِتَّةُ أَشْهُرٍ في المَنَامِ، وَقَالَ لِي: يَا آمِنَةُ، قَدْ حَمَلْتِ بِخَيْرِ العَالَمِينَ، فَإِذَا وَلَدْتِهِ فَسَمِّيهِ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ الحَافِظُ الزَّرْقَانِيُّ، فَإِنَّ آمِنَةَ لَمَّا نَقَلَتْ مَا رَأَتْهُ لِعَبْدِ المُطَّلِبِ، سَمَّاهُ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَوَقَعَتِ التَّسْمِيَةُ مِنْهُ بِسَبَبِهَا، وَإِذَا كَانَ بِسَبَبِهَا صَحَّ أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا سَمَّتْهُ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. انْظُرْ شَرْحَ المَوَاهِبِ وَالفَتْحَ).

بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ (وَاسْمُهُ: شَيْبَةُ الحَمْدِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَمْدِ النَّاسِ لَهُ، لِأَنَّهُ كَانَ مَفْزِعَ قُرَيْشٍ في النَّوَائِبِ، وَمَلْجَأَهُمْ في الأُمُورِ، وَشَرِيفَهُمْ كَمَالَاً وَفِعَالَاً).

بْنِ هَاشِمِ (وَاسْمُهُ عَمْرٌو، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ: هَاشِمٌ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ هَشَمَّ الثَّرِيدَ بِمَكَّةَ لِأَهْلِ المَوْسِمِ، وَلِقَوْمِهِ أَوَّلَاً في سَنَةِ المَجَاعَةِ).

بْنِ عَبْدِ مَنَافِ (وَاسْمُهُ: المُغِيرَةُ، وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنَ الوَصْفِ، وَالهَاءُ للمُبَالَغَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ تَفَاؤُلَاً أَنَّهُ يُغِيرُ عَلَى الأَعْدَاءِ، وَكَانَ مُطَاعَاً في قُرَيْشٍ، وَيُدْعَى القَمَرَ لِجَمَالِهِ الفَائِقِ).

بْنِ قُصَيِّ (وَاسْمُهُ: مَجْمَعٌ، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ ثَعْلَبٌ فِي أَمَالِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ قَوْمَهُ يَوْمَ العُرُوبَةِ ـ الجُمُعَةِ ـ فَيُذَكِّرُهُمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِتَعْظِيمِ الحُرَمِ، وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ سَيُبْعَثُ فِيهِمْ نَبِيٌّ. اهـ. مِنْ شَرْحِ المَوَاهِبِ).

بْنِ كِلابِ (هَذَا لَقَبٌ مَنْقُولٌ مِنَ المَصْدَرِ الذي في مَعْنَى المُكَالَبَةِ، يُقَالُ: كَالَبْتُ العَدُوَّ، مُكَالَبَةً، وَكِلَابَاً، بِمَعْنَى ضَايَقْتُهُ وَخَانَقْتُهُ، أَمَّا اسْمُهُ فَهُوَ: حَكِيمٌ، وَقِيلَ: عُرْوَةُ).

بْنِ مُرَّةَ (بِمَعْنَى القُوَّةِ، وَالهَاءُ للمُبَالَغَةِ).

بْنِ كَعبِ (مَنْقُولٌ مِنْ كَعْبِ القَنَاةِ، كَمَا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَغَيْرُهُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِارْتِفَاعِهِ عَلَى قَوْمِهِ، وَشَرَفِهِ فِيهِمْ، فَلِذَلِكَ كَانُوا يَخْضَعُونَ لَهُ، حَتَّى أَرَّخُوا بِمَوْتِهِ، كَمَا في الفَتْحِ.

وَكَانَ خَطِيبَاً فَصِيحَاً، وَكَانَ يَأْمُرُ قَوْمَهُ بِتَعْظِيمِ الحُرَمِ، وَيَجْمَعُهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ سَيُبْعَثُ فِيهِمْ نَبِيٌّ، وَيَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَهُ بِاتِّبَاعِهِ، كَمَا كَانَ قُصَيٌّ يَفْعَلُ ذَلِكَ، كَمَا في شَرْحِ المَوَاهِبِ وَالفَتْحِ).

بْنِ لؤَيِّ (قَالَ الأَصْمَعِيُّ: تَصْغِيرُ لِوَاءٍ، زِيدَتْ فِيهِ الهَمْزَةُ).

بْنِ غالِبِ (اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الغُلْبِ).

بْنِ فِهْرِ (مَنْقُولٌ مِنَ الفِهْرِ، وَهُوَ الحَجَرُ الصَّغِيرُ مِلْءُ الكَفِّ، وَقِيلَ: الحَجَرُ الطَّوِيلُ، وَأَمَّا اسْمُهُ: فَهُوَ قُرَيْشٌ، وَإِلَيْهُ تُنْسَبُ بُطُونُ قُرَيْشٍ، فَمَا فَوْقَهُ كِنَانِيٌّ لَا قُرَشِيٌّ، قَالَ الحَافِظُ الزَّرْقَانِيُّ: وَهَذَا هُوَ الذي صَحَّحَهُ الدِّمْيِاطِيُّ وَالعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَالحُجَّةُ لَهُمْ حَدِيثُ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ مَرْفُوعَاً: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشَاً مِنْ كِنَانَةَ . . .» الحَدِيثَ.

قَالَ: وَذَهَبَ آخَرُونَ إلى أَنَّ أَصْلَ قُرَيْشٍ: النَّضْرُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَعَزَاهُ العِرَاقِيُّ للأَكْثَرِينَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ الصَّحِيحُ المَشْهُورُ، وَأَيْضَاً صَحَّحَهُ الحَافِظُ الصَّلَاحُ العَلَائِيُّ وَعَزَاهُ للمُحَقِّقِينَ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في وَفْدِ كِنْدَةَ، فَقُلْتُ: أَلَسْتُمْ مِنَّا يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «لَا، نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ في الرِّيَاضَةِ. اهـ).

بْنِ مَالِكِ (اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ مَلَكَ، وَيُكَنَّى أَبَا الحَارِثِ).

بْنِ النَّضْرِ (بِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ المُعْجَمَةِ، فَرَاءٍ، وَاسْمُهُ قَيْسٍ، وَلُقِّبَ بِالنَّضْرِ لنِضَارَةِ وَجْهِهِ، وَإِشْرَاقِهِ وَجَمَالِهِ، كَمَا في شَرْحِ المَوَاهِبِ).

بْنِ كِنَانَةَ (قَالَ في الفَتْحِ: هُوَ بِلَفْظِ وِعَاءِ السِّهَامِ إِذَا كَانَتْ مِنْ جُلُودٍ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي عَامِرٍ العُدْوَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ كِنَانَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ شَيْخَاً مُسِنَّاً عَظِيمَ القَدْرِ، تَحُجُّ إِلَيْهِ العَرَبُ لِعِلْمِهِ وَفَضْلِهِ بَيْنَهُمْ. اهـ).

بْنِ خُزَيْمَةَ (تَصْغِيرُ خُزْمَةَ، وَهِيَ المَرَّةُ الوَاحِدَةُ مِنَ الخَزَمِ، وَهُوَ شِدَّةُ الشَّيِءِ وَصَلَاحُهُ، كَمَا في الفَتْحِ وَغَيْرِهِ)

بْنِ مُدْرِكَةَ (مَنْقُولٌ مِنِ اسْمِ فَاعِلٍ مِنَ الإِدْرَاكِ، وَالهَاءُ للمُبَالَغَةِ، وَلُقِّبَ بِذَلِكَ لِإِدْرَاكِهِ كُلَّ عِزٍّ وَفَخْرٍ كَانَ في آبَائِهِ، وَكَانَ فِيهِ نُورُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرَاً، وَاسْمُهُ عَمْرٌو عِنْدَ الجُمْهُورِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَامِرٌ، وَضُعِّفَ، كَمَا في شَرْحِ المَوَاهِبِ).

بْنِ إِلْيَاسَ (وَالمَعْرُوفُ أَنَّ هَذَا اسْمَهُ: وَقيِلَ: هَذَا لَقَبُهُ، وَاسْمُهُ: حَبِيبٌ، قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَفِي المُنْتَقَى: كَانَ يُسْمَعُ مِنْ ظَهْرِ إِلْيَاسَ أَحْيَانَاً دَوِيُّ تَلْبِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالحَجِّ، وَلَمْ تَزَلِ العَرَبُ تُعَظِّمُهُ تَعْظِيمَ أَهْلِ الحِكْمَةِ، كَلُقْمَانَ وَأَشْبَاهِهِ، وَكَانَ يُدْعَى: كَبِيرَ قَوْمِهِ، وَسَيِّدَ عَشِيرَتِهِ، وَلَا يُقْطَعُ أَمْرٌ دُونَهُ، وَلَا يَقْضِي بَيْنَهُمْ دُونَهُ. اهـ).

بْنِ مُضَرَ (سُمِّيَ بَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَمْضُرُ القُلُوبَ ـ أَيْ: يُؤَثِّرُ فِيهَا ـ لِحُسْنِهِ وَجَمَالِهِ).

بْنِ نِزَارِ (بِكَسْرِ النُّونِ مِنَ النَّزْرِ، وَهُوَ النَّادِرُ القَلِيلُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فَرِيدَ عَصْرِهِ، وَأَجْمَلَهُمْ، وَأَكْبَرَهُمْ عَقْلَاً).

بْنِ مَعَدِّ (مَفْعَلٍ، مِنَ العَدِّ).

بْنِ عَدْنَانَ (فَعْلَانَ، مِنَ العَدْنِ ـ أَيْ: الإِقَامَةُ ـ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَفِي الخَمِيسِ: سُمِّيَ بِذَلِكَ ـ أَيْ: عَدْنَانَ ـ لِأَنَّ أَعْيُنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ كَانَتْ إِلَيْهِ، وَأَرَادُوا قَتْلَهُ، وَقَالُوا: لَئِنْ تَرَكْنَا هَذَا الغُلَامَ حَتَّى يُدْرِكَ مَدْرَكَ الرَّجُلِ، لَيَخْرُجَنَّ مِنْ ظَهْرِهِ مَنْ يَسُودُ النَّاسَ، فَوَكَّلَ اللهُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ. اهـ.

فَهُوَ مِنْ عَدْنِ الأَمَانِ وَالحِفْظِ)

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ: وَهَذَا النَّسَبُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ العُلَمَاءِ، وَجَمِيعُ عَرَبِ الحِجَازِ يَنْتَهُونَ إلى هَذَا النَّسَبِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرَاً إِلَّا المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى . . .﴾ الآيَةَ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ إِلَّا وَلِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَسَبٌ يَتَّصِلُ بِهِمْ.

كَمَا وَأَنَّ جَمِيعَ قَبَائِلِ العَرَبِ العَدْنَانِيَّةِ، تَنْتَهِي إلى هَذَا النَّسَبِ بِالآبَاءِ، وَكَثِيرُ مِنْهُمْ بِالأُمَّهَاتِ أَيْضَاً، وَلِذَلِكَ طَالَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَمِيعَ قَبَائِلِ العَرَبِ أَنْ يَرْعَوْا تِلْكَ القَرَابَةَ، وَيُنَاصِرُوهُ، وَيَكُفُّوا عَنْهُ الأَذَى.

كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ العُلَمَاءِ أَنَّ عَدْنَانَ هُوَ مِنْ سُلَالَةِ سَيِّدِنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَإِنَّما اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيمَنْ بَيْنَ عَدْنَانَ وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، عَلَى أَقْوَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَفِيمَنْ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَآدَمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهَذِهِ الأَقْوَالُ مُفَصَّلَةٌ في السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ للعَلَّامَةِ مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ الشَّامِيِّ، وَفِي فَتْحِ البَارِي أَيْضَاً.

قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا انْتَسَبَ لَمْ يُجَاوِزْ في نَسَبِهِ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ.

وَمِنْ هُنَا يَعْلَمُ العَاقِلُ أَصَالَةَ هَذَا النَّسَبِ وَشَرَافَتَهُ، وَعِزَّتَهُ وَكَرَامَتَهُ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 23/ صفر الخير /1441هـ، الموافق: 21/ تشرين الأول / 2019م