147ـ فضل نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم

147ـ فضل نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: فَضْلُ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ، قَرْنَاً فَقَرْنَاً، حَتَّى كُنْتُ مِنَ القَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ».

وَزَادَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي جَعْفَرَ البَاقِرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: «ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».

فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خِيرَةُ اللهِ تعالى، وَصَفْوَتُهُ مِنْ جَمِيعِ القُرُونِ، أَيْ: الأَجْيَالِ كُلِّهَا.

وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشَاً، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ.

وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ هِرَقْلَ مَلِكَ الرُّومِ سَأَلَ أَبَا سُفْيَانَ عَنْ نَسَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ ـ يَعْنِي أَنَّ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ ذُو نَسَبٍ شَرِيفٍ، عَالٍ مُنِيفٍ، عَلَى كُلِّ الأَنْسَابِ ـ.

فَقَالَ هِرَقْلُ: كَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ في أَنْسَابِ قَوْمِهَا.

وَعَنِ العَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ بَعْضُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَصَعِدَ المِنْبَرَ فَقَالَ: «مَنْ أَنَا؟».

قَالُوا: أَنْتَ رَسُوُلُ اللهِ.

فَقَالَ: «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، وَجَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ فِرْقَةٍ، وَخَلَقَ القَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ قَبِيلَةٍ، وَجَعَلَهُمْ بُيُوتَاً، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ بَيْتَاً، فَأَنَا خَيْرُكُمْ بَيْتَاً، وَخَيْرُكُمْ نَفْسَاً» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

«قَالَ لِي جِبْرِيلُ: قَلَّبْتُ الأَرْضَ مِنْ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا، فَلَمْ أَجِدْ رَجُلَاً أَفْضَلَ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَقَلَّبْتُ الأَرْضَ مِنْ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا فَلَمْ أَجِدْ بَنِي أَبٍ أَفْضَلَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ». رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ وَالحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ، وَقَالَ الشَّامِيُّ مِنْ سِيرَتِهِ: قَالَ الحَافِظُ في أَمَالِيهِ: لَوَامِحُ الصِّحَّةِ ظَاهِرَةٌ عَلَى صَفَحَاتِ هَذَا المَتْنِ. اهـ.

وَإِنَّمَا ذَكَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَكَارِمَ أُصُولِهِ، وَشَرَافَتَهُمْ، وَنَقَاوَةَ أَنْسَابِهِمْ، تَحَدُّثَاً بِنِعْمَةِ اللهِ تعالى، وَشُكْرَاً لَهُ، وَتَعْرِيفَاً بِمَنَازِلِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ، وَبَيَانَاً لِكِفَايَتِهِمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الاسْتِطَالَةِ وَالكِبْرِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قَالَ العَلَّامَةُ الحَلِيمِيُّ: أَرَادَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَعْرِيفَ مَنَازِلِ المَذْكُورِينَ وَمَرَاتِبِهِمْ.

قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ أَرَادَ بِهِ الإِشَارَةَ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ في نَفْسِهِ وَآبَائِهِ، عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الاسْتِطَالَةِ وَالفَخْرِ ـ أَيْ: المَصْحُوبِ بِالكِبْرِ ـ فِي شَيْءٍ. اهـ.

وَلِذَا قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَالنَّهْيُ عَنِ التَّفَاخُرِ بِالآبَاءِ مَوْضِعُهُ مُفَاخَرَةٌ تُفْضِي ـ أَيْ: تُؤَدِّي ـ إلى تَكَبُّرٍ وَاحْتِقَارِ مُسْلِمٍ. اهـ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 27/ صفر الخير /1441هـ، الموافق: 25/ تشرين الأول / 2019م