20ـ الناس على مراتب في لقاء ربهم

20ـ الناس على مراتب في لقاء ربهم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانُ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا):

النَّاسُ عَلَى مَرَاتِبَ في لِقَاءِ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وتعالى

هُنَالِكَ نَوْعٌ يَلْقَوْنَ اللهَ تعالى بِتَحِيَّةٍ وَتَكْرِيمٍ، عَلَى مَحَبَّةٍ وَرِضْوَانٍ، وَهُمُ المُؤْمِنُونَ الصَّالِحُونَ، قَالَ تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرَاً كَرِيمَاً﴾.

فَفِي كُلِّ لِقَاءٍ يَلْقَوْنَهُ سُبْحَانَهُ يُكْرِمُهُمْ بِالسَّلَامِ، وَالفَضْلِ وَالإِنْعَامِ، وَأَوَّلُ اللِّقَاءَاتِ مَا كَانَ بَعْدَ المَوْتِ.

جَاءَ في: (الصَّحِيحَيْنِ) عَنْ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ».

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ، فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ كَذَلِكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ؛ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ.

وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَسَخَطِهِ؛ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ».

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (وَلَكِنْ إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ، وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ، وَتَشَنَّجَتِ الْأَصَابِعُ؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ).

قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: فَهِمَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ هَذَا خَبَرٌ عَمَّا يَكُونُ مِنَ الأَمْرَيْنِ في حَالِ الصِّحَّةِ فَقَالَتْ: كُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ كَذَلِكِ» وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَمَّا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ النَّزْعِ، وَفي وَقْتٍ لَا يَقْبَلُ فِيهِ التَّوْبَةَ، فَإِنَّ اللهَ تعالى يَكْشِفُ لَهُ عَنْ كُلِّ مَا يَصِيرُ لَهُ، فَأَهْلُ السَّعَادَةِ يَرَوْنَ مَا يُحِبُّونَ فَيُحِبُّونَ لِقَاءَ اللهِ تعالى؛ لِيَصِلُوا إلى مَا رَأَوْا، فَيُحِبُّ اللهُ تعالى لِقَاءَهُمْ، وَأَهْلُ الشَّقَاءِ يَرَوْنَ مَا يَسُوؤُهُمْ فَيَكْرَهُونَ لِقَاءَ اللهِ تعالى، فَيَكْرَهُ اللهُ تعالى لِقَاءَهُمْ. اهـ.

وَمِنْ كُمَّلِ أَهْلِ التَّحِيَّةِ وَالإِكْرَامِ وَالرِّضْوَانِ وَالإِنْعَامِ: الشُّهَدَاءُ الذينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ تعالى.

فَفِي: (الصَّحِيحَيْنِ) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قِصَّةِ أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ، الذينَ قُتِلُوا، قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَنَزَلَ فِيهِمْ قُرْآنٌ قَرَأْنَاهُ حَتَّى رُفِعَ: (بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا).

وروى الترمذي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: «يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرَاً»؟

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالَاً وَدَيْنَاً.

قَالَ: «أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللهُ بِهِ أَبَاكَ»؟

قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «مَا كَلَّمَ اللهُ أَحَدَاً قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحَاً؛ فَقَالَ: يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً؛ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ».

قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتَاً﴾. الآيَةَ.

ورواه ابْنُ مَرْدُويه والبيهقيُّ كَمَا في (تَفْسِيرِ) ابْنِ كَثِيرٍ.

وَهُنَاكَ نَوْعٌ مِنَ النَّاسِ يَلْقَوْنَ اللهَ تعالى وَهُوَ عَلَيْهِمْ غَضْبَانٌ بِسَبَبِ أَوَامِرَ تَرَكُوهَا، أَو مُحَرَّمَاتٍ ارْتَكَبُوهَا.

روى البَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: لَمَّا قَامَ بَـصَرِي ـ أَيْ: ذَهَبَ بَصَرُهُ ـ قِيلَ لَهُ: نُدَاوِيكَ وَتَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَاً.

قَالَ: لا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

فَتَارِكُ الصَّلَاةِ يَلْقَى اللهَ تعالى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ.

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَحَبَّبَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يُحِبُّونَ وبَارَزَ اللهَ بِمَا يَكْرَهُونَ ـ لَقِيَ اللهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

فَالمُرَائِي وَالمُنَافِقُ يَلْقَى اللهَ تعالى وَهُوَ غَضْبَانٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَصَبَ رَجُلَاً أَرْضَاً ظُلْمَاً لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

قَالَ المُنْذِرِيُّ: رواه الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوِايَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الحَمِيدِ الْحِمَّانِيِّ. اهـ.

وَكَذَلِكَ مَنْ حَلَفَ بِاللهِ كَاذِبَاً لِيَقْتَطِعَ بِهِ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ:

فَقَدْ روى الإمام مسلم عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِصْدَاقَهُ فِي كِتَابِ اللهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنَاً قَلِيلَاً﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ تَعَظَّمَ في نَفْسِهِ، أَو اخْتَالَ في مِشْيَتِهِ.

روى الإمام أحمد في مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنَمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ، أَوِ اخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ: لَقِيَ اللهَ تعالى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

وَكَذَلِكَ مَنْ جَرَّدَ ظَهْرَ مُسْلِمٍ لِيَضْرِبَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَقِيَ اللهَ تعالى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ.

روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ وَالأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَرَّدَ ظَهْرَ مُسْلِمٍ ـ أَيْ: عَرَّاهُ مِنْ ثِيَابِهِ ـ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَقِيَ اللهُ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» كَذَا في التَّرْهِيبِ.

وَأَمَّا الكُفَّارُ فَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ إلى غَضَبِ اللهِ تعالى بَعْدَ المَوْتِ كَمَا تَقَدَّمَ في الحَدِيثِ.

وَمِنَ الذينَ يَلْقَوْنَ رَبَّهُمْ بَعْدَ المَوْتِ وَهُوَ عَلَيْهِمْ غَضْبَانٌ، أُنَاسٌ نَقَضُوا عَهْدَ اللهِ، وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ.

قَالَ تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقَاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾.

فَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تعالى في هَذِهِ الآيَةِ حَالَ الذينَ يُعَاهِدُونَ اللهَ عَلَى التَّصَدُّقِ وَالإِنْفَاقِ، وَالبَذْلِ في طُرُقِ الخَيْرِ، وَعَلَى إِصْلَاحِ العَمَلِ مَعَ اللهِ تعالى إِذَا تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَأَوْسَعَ عَلَيْهِمْ وَأَكْثَرَ لَدَيْهِمُ الأَمْوَالَ، وَأَخْرَجَهُمْ مِنَ الشِّدَّةِ إلى الرَّخَاءِ، وَمِنَ الضِّيقِ إلى السَّعَةِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ تعالى، وَيُخْلِفُونَهُ مَا وَعَدُوهُ، وَلَا يُؤَدُّونَ مَا الْتَزَمُوهُ، فَبَخِلُوا وَأَمْسَكُوا، وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَمَنَعُوا، وَكَفَرُوا نِعْمَةَ اللهِ تعالى فَلَمْ يَشْكُرُوا.

فَهُنَالِكَ حَلَّ غَضَبُ اللهِ تعالى، فَضَرَبَ عَلَى قُلُوبِهِمُ النِّفَاقَ، فَهُوَ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُمْ وَلَا يَنْفَكُّونَ عَنْهُ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ـ أَيْ: إلى يَوْمِ مَوْتِهِمُ الذي يَلْقَوْنَ فِيهِ رَبَّهُمْ؛ وَهُوَ سُبْحَانَهُ غَضْبَانٌ عَلَيْهِمْ.

وَمِنَ المُحَتَّمِ أَنْ يَكُونَ المُرَادُ بِيَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ـ هُوَ يَوْمَ مَوْتِهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ اسْتِمْرَارُ النِّفَاقِ بِهِمْ إلى مَا وَرَاءِ المَوْتِ؛ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَايَنَ الحَقِيقَةَ، وَدَخَلَ في عَالَمِ اليَقِينِ، وَانْكَشَفَتْ لَهُ الأُمُورُ الإِيمَانِيَّةُ التي كَانَتْ يَرْتَابُ فِيهَا حِينَ كَانَ في الدُّنْيَا.

روى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِأَعْرَابِيٍّ، وَهُوَ يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: (يَا مَنْ لَا تَرَاهُ الْعُيُونُ، وَلَا تُخَالِطُهُ الظُّنُونُ، وَلَا يَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ، وَلَا تُغَيِّرُهُ الْحَوَادِثُ، وَلَا يَخْشَى الدَّوَائِرَ، وَيَعْلَمُ مَثَاقِيلَ الْجِبَالِ، وَمَكَايِيلَ الْبِحَارِ، وَعَدَدَ قَطْرِ الْأَمْطَارِ، وَعَدَدَ أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ، وَعَدَدَ مَا أَظْلَمَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَأَشْرَقَ عَلَيْهِ النَّهَارُ، وَلَا تَوَارِي مِنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً، وَلَا أَرْضٌ أَرْضَاً، وَلَا بَحْرٌ مَا فِي قَعْرِهِ، وَلَا جَبَلٌ مَا فِي وَعْرِهِ، اجْعَلْ اللَّهُمَّ خَيْرَ عُمْرِي آخِرَهُ، وَخَيْرَ عَمَلِي خَوَاتِيمَهُ، وَخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ فِيهِ) الحَديث.

قَالَ في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ؛ غَيْرَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَذْرَمِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ. اهـ.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 21/ جمادى الأولى /1441هـ، الموافق: 16/ كانون الثاني / 2020م