165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ الذينَ ضَمِنَ اللهُ تعالى لَهُمُ الحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ في الدُّنْيَا ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وَلَهُمُ الظِّلُّ الظَّلِيلُ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ» وَعَدَّ مِنْهُمْ: «وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَجِبُ عَلَيْنَا وَعَلَى شَبَابِ هَذِهِ الأُمَّةِ أَنْ يَعْرِفُوا المَعْرِفَةَ التَّامَّةَ عَزَائِمَ الأُمُورِ، وَعَالِيَ الهِمَمِ، وَأَنْ تَكُونَ إِرَادَاتُهُمْ تَحْتَ سُلْطَانِ شَرْعِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ لَا يَعِيشُوا عَبِيدَاً لِشَهَوَاتِهِمْ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَعِسَ عَبْدُ الشَّهْوَةِ، تَعِسَ عَبْدُ النِّسَاءِ، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ.

يَا شَبَابَ هَذِهِ الأُمَّةِ، مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْكُمْ أَنْ تَقْرَأوا حَيَاةَ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ الذينَ نَالُوا شَرَفَ الاقْتِدَاءِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ في رَيْعَانِ الشَّبَابِ.

حَوَارِيُّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَا شَبَابَ هَذِهِ الأُمَّةِ، هَلْ تَعْرِفُونَ شَابَّاً مِنْ شَبَابِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اسْمُهُ الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟

إِنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ الإِسْلَامِ، وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ الأَشِدَّاءِ، وَعَظِيمٌ مِنَ العُظَمَاءِ، لَقَّبَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالحَوَارِيِّ، روى الإمام أحمد عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي، وَحَوَارِيِّ مِنْ أُمَّتِي».

وروى الشيخان عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيِّ الزُّبَيْرُ».

وَوَصَفَهُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: مَنْ عَهِدَ مِنْكُمْ إِلَى الزُّبَيْرِ، فَإِنَّ الزُّبَيْرَ عَمُودٌ مِنْ عُمُدِ الْإِسْلَامِ. رواه أبو نعيم في مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ.

نَشَأَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في بِيئَةٍ كَرِيمَةٍ، وَتَرَبَّى تَرْبِيَةً حَازِمَةً صَارِمَةً، صَحِيحٌ أَنَّ أَبَاهُ العَوَّامَ بْنَ خُوَيْلِدَ قَدْ قُتِلَ يَوْمَ الفُجَّارِ، يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الجَاهِلِيَّةِ، لَكِنَّ أُمَّهُ صَفِيَّةَ بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ، عَمَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، رَبَّتْهُ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ عَلَى الرُّجُولَةِ وَالبَأْسِ وَالشَّجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ، يَرْوِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرُ فَيَقُولُ: كَانَتْ صَفِيَّةُ تَضْرِبُ الزُّبَيْرَ ضَرْبَاً شَدِيدَاً  وَهُوَ يَتِيمٌ. فَقِيلَ لَهَا: قَتَلْتِهِ، خَلَعْتِ فُؤَادَهُ، أَهْلَكْتِ هَذَا الْغُلامَ.

قَالَتْ: إِنَّمَا أَضْرِبُهُ كَيْ يَلَبْ، وَيَجُرَّ الْجَيْشَ ذَا الْجَلَبْ. / الطبقات الكبرى.

تَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهَا تَضْرِبُهُ كَي يَعْقِلَ وَيَرْشُدَ وَيَقُودَ الجُيُوشَ وَلَا يَقَرَّ في بَيْتِهِ كَالنِّسَاءِ.

لَقَدْ كَانَتْ صَفِيَّةُ تَهْدِفُ مِنْ هَذَا أَنْ تَنْتَزِعِ مِنْ نَفْسِهِ الخَوْفَ وَالجُبْنَ وَالجَزَعَ، وَأَنْ تُرَبِّيَهُ مُنْذُ الطُّفُولَةِ عَلَى الشَّجَاعَةِ وَالبَأْسِ وَالإِقْدَامِ وَالرُّجُولَةِ.

وَقَدْ كَانَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا طَمِحَتْ أُمُّهُ وَتَمَنَّتْ، رَجُلَاً لَا كَالرِّجَالِ، وَفَارِسَاً لَا كَالفُرْسَانِ، كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في أَلْفِ رَجُلٍ كَمَا وَصَفَهُ الفَارُوقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَسْلَمَ عَلَى يَدِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَانَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنَ السَّابِقِينَ إلى الإِسْلَامِ، كَانَ الرَّابِعَ أَو الخَامِسَ مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الصِّدِّيقِ، وَعَلَى يَدِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلَاً مُؤَلِّفَاً لِقَوْمِهِ مُحَبَّبَاً سَهْلَاً، وَكَانَ أَنْسَبَ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشِ وَأَعْلَمَ قُرَيْشٍ بِهَا، وَبِمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَكَانَ رَجُلَاً تَاجِرَاً، ذَا خُلُقٍ وَمَعْرُوفٍ، وَكَانَ رِجَالُ قَوْمِهِ يَأْتُونَهُ وَيَأْلَفُونَهُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الأَمْرِ لِعِلْمِهِ وَتِجَارَتِهِ وَحُسْنِ مُجَالَسَتِهِ، فَجَعَلَ يَدْعُو إلَى اللهِ وَإِلَى الإِسْلَامِ مَنْ وَثِقَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ مِمَّنْ يَغْشَاهُ وَيَجْلِسُ إلَيْهِ.

قَالَ: فَأَسْلَمَ بِدُعَائِهِ ـ فِيمَا بَلَغَنِي ـ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِب، وَالزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ؛ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ؛ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَاصٍّ، وَاسْمُ أَبِي وَقَاصٍّ مَالِكُ بْنُ أُهَيْب بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَجَاءَ بِهِمْ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَجَابُوا لَهُ فَأَسْلَمُوا وَصَلُّوا.

صَاحَبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَنْ بُعِثَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَسْلَمَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ صَغِيرُ السِّنِّ، يَافِعَ الصِّبَا، أَسْلَمَ وَعُمُرُهُ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ، وَقِيلَ: عُمُرُهُ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَنَةً، رَافَقَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَصَاحَبَهُ مُنْذُ أَيَّامِهِ الأُولَى، وَتَابَعَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خُطْوَةً بَعْدَ خُطْوَةٍ، وَعَاصَرَ نُزُولَ القُرْآنَ آيَةً بَعْدَ آيَةٍ، إلى أَنِ اخْتَارَهُ اللهُ تعالى إلى جِوَارِهِ.

نَعَمْ لَقَدْ أَسْلَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ في رَيْعَانِ الشَّبَابِ، وَشَاءَ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى أَنْ يَصْنَعَ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى عَيْنِهِ بِمَا قَدَّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ مِحْنَةٍ قَاسِيَةٍ عَلَى يَدِ قُرَيْشٍ.

كَانَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَحَدَ السَّابِقِينَ الذينَ اكْتَوَوا بِنَارِ المِحْنَةِ، وَصَبَرُوا لِأَمْرِ اللهِ تعالى، وَثَبَتُوا عَلَى إِسْلَامِهِمْ.

روى الحاكم عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَهَاجَرَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ عَمُّ الزُّبَيْرِ يُعَلِّقُ الزُّبَيْرَ فِي حَصِيرٍ، وَيُدَخِّنُ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَيَقُولُ: ارْجِعْ إِلَى الْكُفْرِ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لَا أَكْفُرُ أَبَدَاً.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الابْتِلَاءُ وَالمِحْنَةُ قَدَرُ اللهِ تعالى عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَأَحْبَابِهِ وَأَصْفِيَائِهِ، في كُلِّ زَمَانٍ وَفي كُلِّ مَكَانٍ ـ وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللهَ تعالى العَافِيَةَ ـ هَذَا الابْتِلَاءُ مِنْ أَجْلِ رَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ﴾. وَالقَائِلُ: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾.

وروى الإمام أحمد عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟

قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ، فَالْأَمْثَلُ، حَتَّى يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ، ذَاكَ فَإِنْ كَانَ صُلْبَ الدِّينِ ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ ذَاكَ ـ وَقَالَ مَرَّةً: أَشَدُّ بَلَاءً ـ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ ذَاكَ ـ وَقَالَ مَرَّةً: عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ـ فَمَا تَبْرَحُ الْبَلَايَا عَنِ العَبْدِ، حَتَّى يَمْشِيَ فِي الْأَرْضِ ـ يَعْنِي ـ وَمَا إِنْ عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ»

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذَا الصَّحَابِيُّ الجَلِيلُ، الذي أَسْلَمَ في سِنِّ الشَّبَابِ، وَتَحَمَّلَ الأَذَى في سَبِيلِ اللهِ تعالى، وَجَعَلَ هَمَّهُ وَهَوَاهُ أَنْ يَنْدَرِجَ تَحْتَ قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعَاً لِمَا جِئْتُ بِهِ» رواه ابن أبي عاصم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

فَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَهْلَاً لِأَنْ يَكُونَ أَحَدَ الـعَشَرَةِ الـمُبَشَّرِينَ بِالجَنَّةِ، لَقَدْ كَانَ رَفِيعَ الخِصَالِ، عَظِيمَ الشَّمَائِلِ، يَأْخُذُ بِمَعَالِي الأُمُورِ، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا.

لَقَدْ كَانَ مَضْرِبَ مَثَلٍ لِكُلِّ شَابٍّ يُرِيدُ عِزَّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَيُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُ لِسَانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ وُدَّاً في قُلُوبِ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.

اللَّهُمَّ أَلْحِقْنَا بِهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين.

**   **   **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 7/ جمادى الأولى /1441هـ، الموافق: 2/ كانون الثاني / 2020م