طباعة |
7ـ الشيخ محمد سعيد الإدلبي رَحِمَهُ اللهُ تعالى | |
7ـ الشيخ محمد سعيد الإدلبي رَحِمَهُ اللهُ تعالى 1288/1370هـ 1871/1951م الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: هُوَ العَالِمُ العَامِلُ التَّقِيُّ الصَّالِحُ الفَقِيهُ الشَّيْخُ مُحَمَّد سَعيِد ابْنُ الشَّيْخِ أَحْمَد ابْنِ الشَّيْخِ مُحَمَّد ابْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الإِدْلِبِيِّ الرِّفَاعِيِّ، وُلِدَ في حَلَبَ وَنَشَأَ فِيهَا في أُسْرَةِ عِلْمٍ وَفَضْلٍ، فَقَدْ كَانَ وَالِدُهُ وَجَدُّهُ مِنَ العُلَمَاءِ، وَقَدْ حَضَرَ سِنينَ طَوِيلَةً عَلَى الشَّيْخِ الكَبِيرِ أَحْمَد التِّرْمَانِينِيِّ الأَزْهَرِيِّ مُفْتِي الشَّوَافِعَةِ؛ الذي سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ مِنْ أَسَابِيعَ؛ وَللشَّيْخِ عَدَدٌ مِنَ الإِخْوَةِ أَغْلَبُهُمْ طُلَّابُ عِلْمٍ، كَمَا تَزَوَّجَ الشَّيْخُ عِدَّةَ زَوْجَاتٍ طَلَبَاً للذُّرِّيَّةِ وَالوَلَدِ، وَأَنْجَبَ خَمْسَةَ ذُكُورٍ وَثَلَاثَ بَنَاتٍ، أَشْهَرُهُمْ وَأَحَبُّهُمْ إِلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَد إِدْلِبِي وَبِهِ يُكَنَّى، وَابْنُهُ هَذَا هُوَ وَالِدُ الشَّيْخِ العَالمِ وَالخَطَّاطِ الدكتور مُحَمَّد بَشِير، وَالدكتور المُحَدِّث الشَّيْخِ صَلَاح. حَفِظَ الشَّيْخُ مُحَمَّد سَعِيد القُرْآنَ الكَرِيمَ، ثُمَّ تَلَقَّى العِلْمَ عَنْ وَالِدِهِ الشَّيْخِ أَحْمَد، وَبالأَخَصِّ عِلْمَ التَّوْحِيدِ وَالفِقْهِ، كَمَا تَلَقَّى عَنِ الشَّيْخِ العَالِمِ المُقْرِئِ مَحْمُود السَّنْكَرِي الحَلَبِيِّ، وَالشَّيْخِ العَلَّامَةِ القَارِئِ اللُّغَوِيِّ مُحَمَّد بَشِير الغُزِّي، وَلَازَمَ الشَّيْخَ العَلَّامَةَ اللَّغَوِيَّ المُحَدِّثَ أَحْمَد بْن مُصْطَفَى الشَّهِيرَ بِالمَكْتَبِيِّ الكَبِيرِ، لَازَمَهُ لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ وَذَلِكَ في مَدْرَسَةِ الدليواتي، التي كَانَ الشَّيْخُ أَحْمَد مَكْتَبِي شَيْخَهَا وَأُسْتَاذَهَا، إلى حِينِ وَفَاتِهِ. ثُمَّ خَلَفَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّد سَعِيد الإِدْلِبِيِّ في التَّدْرِيسِ فِيهَا، وَأَجَازَهُ بِمَا أُجِيزَ مِنْ مَشَايِخِهِ مِنْ عُلُومٍ؛ أَشْهَرُ تَلَامِيذِ الشَّيْخِ مُحَمَّد سَعِيد الإِدْلِبِيِّ وَلَدُهُ العَالِمُ الفَاضِلُ الشَّيْخُ أَحْمَد الإِدْلِبِيُّ، وَالعَلَّامَةُ الشَّيْخُ الفَقِيهُ مُصْطَفَى الزَّرْقَا، وَالعَلَّامَةُ الشَّيْخُ المُحَدِّثُ عَبْدُ الفَتَّاح أَبُو غدة، وَالشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ، وَالعَلَّامَةُ الفَقِيهُ الدكتور مُحَمَّد فَوْزِي فَيْضُ اللهِ، وَالشَّيْخُ المُرَبِّي مُحَمَّد أَدِيبُ حَسُّون، وَالشَّيْخُ المُحَدِّثُ مُحَمَّد زَيْنُ العَابِدِينَ الجَذْبَة، وَالشَّيْخُ الفَقِيهُ اللُّغَوِيُّ أَحْمَد القَلَّاش، وَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ. مِنْ أَقْرَانِهِ وَزُمَلَائِهِ الشَّيْخُ المُحَدِّثُ مُحَمَّد نَجِيب سِرَاجُ الدِّينِ، وَالشَّيْخُ الصَّالِحُ إِبْرَاهِيم السَّلْقِينيُّ، وَالشَّيْخُ الفَقِيهُ أَحْمَدُ الكُرْدِي، وَالشَّيْخُ المُفَسِّرُ أَحْمَد الشَّمَّاع، وَالعَالِمُ المُحَقِّقُ الفَقِيهُ مُحَمَّد أَسْعَد العبه جي، وَالعَالِمُ المُرَبِّي الشَّيْخُ مُحَمَّد النَّبْهَان، وَالوَاعِظُ الشَّهِيرُ مُحَمَّد جَمِيل العَقَّاد، وَالشَّيْخُ الفَقِيهُ عُمَر المارتيني، وَالشَّيْخُ العَامِلُ المُحِبُّ عِيسَى البيانوني، وَالشَّيْخُ المُؤَرِّخُ مُحَمَّد رَاغِب الطَّبَّاخ، وَالشَّيْخُ اللُّغَوِيُّ مُحَمَّد النَّاشِد، وَالشَّيْخُ فَيْضُ اللهِ الأَيُّوبِيُّ الكُرْدِيُّ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللِه الحَمَّاد التَّادفي، وَالشَّيْخُ الفَقِيهُ اللُّغَوِيُّ مُحَمَّد نَاجِي أَبُو صَالِح، وَالشَّيْخُ العَلَّامَةُ مُحَمَّد نَجِيب خَيَّاطَة، وَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ؛ رَحِمَهُمُ اللهُ تعالى. عَمِلَ رَئِيسَاً لِجَمْعِيَّةِ العُلَمَاءِ بِحَلَبَ، وَجَمْعِيَّةِ البِرِّ وَالأَخْلَاقِ الإِسْلَامِيَّةِ، والتي فَتَحَتْ مَدَارِسَ لَيْلِيَّةً لِتَعْلِيمِ الأُمِّيِّينَ مَجَّانَاً، مَعَ إِلْقَاءِ مُحَاضَرَاتٍ تَعِظُ النَّاسَ وَتُرْشِدُهُمْ إلى الخَيْرِ، وَكَانَتْ هَذِهِ المَدْرَسَةُ تَعِيشُ الوَاقِعَ وَتَتَفَاعَلُ مَعَهُ، وَتَهْتَمُّ بِأَمْرِ المُسْلِمِينَ في حَلَبَ وَغَيْرِهَا، كَانَ الشَّيْخُ يُدَرِّسُ الفِقْهَ الشَّافِعِيَّ في المَدْرَسَةِ الخُسْرَوِيَّةِ، وَمَدْرَسَةِ الدليواتي بِحَلَبَ، وَتَخَرَّجَ عَلَى يَدَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَطُلَّابِ العِلْمِ، وَكَانَ خَطِيبَاً وَإِمَامَاً في جَامِعِ المَوَازِينِي، وَكَانَ لَهُ حَلَقَةٌ فِيهِ يَقْرَأُ فِيهَا صَحِيحَ البُخَارِيِّ، كَمَا كَانَتْ لَهُ حَلَقَةٌ في الرواقِ الشَّرْقِيِّ بِالجَامِعِ الأُمَوِيِّ بِحَلَبَ، في شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ، مِنْ بَعْدِ أَنْ يَؤُمَّ المُصَلِّينَ، مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلى وَقْتِ الضُّحَى، يَقْرَأُ فِيهَا صَحِيحَ البُخَارِيِّ أَيْضَاً، ثُمَّ كَانَ يَقْرَأُ بَيْنَ يَدَيْهِ القُرْآنَ الكَرِيمَ بَعْضُ طَلَبَةِ العِلْمِ وَيُصَحِّحُ لَهُمْ تَلَاوَتَهُمْ، وكَانَ يُفَسِّرُ بَعْضَ الآيَاتِ الكَرِيمَةِ، كَمَا كَانَ لَهُ دَرْسٌ في الجَامِعِ الأُمَوِيِّ عَقِبَ صَلَاةِ الجُمُعَةِ، وَيَوْمَ السَّبْتِ عَقِبَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَفِي جَامِعِ قَسطل الحرامي عَقِبَ صَلَاةِ العَصْرِ مِنْ كُلِّ يَوْمِ سَبْتٍ، وَكَانَ لَهُ دَرْسٌ في الفِقْهِ الشَّافِعِيِّ في جَامِعِ الدليواتية، وَدَرْسُ فِقْهٍ شَافِعِيٍّ حَنَفِيٍّ في جَامِعِ العُثْمَانِيَّةِ، لَم ْيَتْرُكِ الشَّيْخُ مُحَمَّد سَعِيد رَغْمَ وِسْعَةِ عِلْمِهِ مِنَ المُؤَلَّفَاتِ إِلَّا القَلِيلَ، لَهُ شَرْحُ تَائِيَّةِ الإِمَامِ السُّبْكِيِّ في السِّيرَةِ وَالشَّمَائِلِ، وَكِتَابٌ في مُصْطَلَحِ الحَدِيثِ، وَكِتَابٌ في التَّجْوِيدِ. كَانَ الشَّيْخُ مُحَمَّد سَعِيد الإِدْلِبِيُّ عَابِدَاً زَاهِدَاً تَقِيَّاً نَقِيَّاً عَالِمَاً عَامِلَاً وَرِعَاً مُخْلِصَاً مُتَوَاضِعَاً هَادِئَاً لَيِّنَ الجَانِبِ، كَثِيرَ التَّفَكُّرِ، سَهْلَ التَّعْلِيمِ، وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ إِكْرَامُ طُلَّابِ العِلْمِ في الخُسْرَوِيَّةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَدْعُو مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ صَفَّاً مِنْ صُفُوفِ المَدْرَسَةِ لِيَتَنَاوَلُوا الغَدَاءَ أَو العَشَاءَ عِنْدَهُ، وَكَانَ يُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَبْلَغَاً مِنَ المَالِ الذي كَانَ التُّجَّارُ يُودِعُونَهُ عِنْدَهُ لِهَذَا الشَّأْنِ، كَانَ الشَّيْخُ مُحَمَّد سَعِيد يَزُورُ هُوَ وَابْنُهُ الشَّيْخُ أَحْمَد الشَّيْخَ الصَّالِحَ أَحْمَد الحَارونَ، وَكَانَ يُكْثِرُ مِنْ زِيَارَةِ مَقْبَرَةِ الصَّالِحِينَ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الذِّكْرِ عِنْدَ الشَّيْخِ أَحْمَد الحَفَّارِ الرِّفَاعِيِّ في زَاوِيَتِهِ، وَكَانَ يَجْتَمِعُ مَعَ الشَّيْخِ المُرَبِّي الفَاضِلِ مُحَمَّد أَبِي النَّصْرِ ابْنِ الشَّيْخِ سَلِيم خَلَف، وَقَدْ زَارَ الشَّيْخُ مُحَمَّد سَعِيد الشَّيْخَ الشَّاعِرَ يُوسُفَ النَّبْهَانِيِّ في بَيْرُوتَ، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيْخِ المُفَسِّرِ أَحْمَد الشَّمَّاع صِلَةٌ وَثِيقَةٌ، وَلَمَّا حَضَرَتْ وَفَاةُ الشَّيْخِ أَحْمَد الشَّمَّاع قَالَ ادْفُنُونِي عِنْدَ أَقْدَامِ الشَّيْخِ مُحَمَّد سَعِيد، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ عُلَمَاءُ حَلَبَ، لِمَا وَجَدُوا فِيهِ مِنَ العِلْمِ الجَمِّ وَالوَرَعِ وَالتَّقْوَى وَالصَّلَاحِ، وَكَانَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ وَيَعْتَقِدُونَ في وِلَايَتِهِ، تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الجَلِيلُ في الثَّامِنِ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ شَوَّال سنة 1370هـ المُوَافِق لِيَوْمِ الإثنين الثَّالِثِ وَالـعِشْرِين مِنْ شَهْرِ تَمُّوز 1951 م وَشَيَّعَتْهُ حَلَبُ في مَوْكِبٍ مَهِيبٍ وَجِنَازَةٍ حَافِلَةٍ لَمْ تَشْهَدْ مَثِيلَاً لَهَا، حَتَّى أَنَّ النَّاسَ أَغْلَقُوا حَوَانِيتَهُمْ وَخَرَجُوا في جِنَازَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّد سَعِيد، وَقَدْ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ مُحَمَّد مُرَاد إِمَامُ جَامِعِ قارلق بِحَلَبَ، وَدُفِنَ في مَقْبَرَةِ الصَّالِحِينَ، رَحِمَهُ اللهُ تعالى. وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. ** ** ** تاريخ الكلمة: الخميس: 10/ ربيع الثاني /1439هـ، الموافق: 28/ كانون الأول / 2017م |
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |