187ـ بركة ريقه الشريف صلى الله عليه وسلم

187ـ بركة ريقه الشريف صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

وَمِنْ ذَلِكَ: نَفْثُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في فَمِ بَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ الجُهَنِيِّ فَتَنْحَلُّ عُقْدَةُ لِسَانِهِ: رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّمْلِيُّ في فَوَائِدِهِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ الجُهَنِيِّ: أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا عَقْرَبَةُ؟».

فَقَالَ: ابْنِي بَحِير.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَهُ: «ادْنُ».

فَدَنَوْتُ حَتَّى قَعَدْتُ عَلَى يَمِينِهِ، فَمَسَحَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي بِيَدِهِ فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟».

قُلْتُ: بَحِيرٌ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَلَكِنْ اسْمُكَ بَشِيرٌ».

وَكَانَتْ في لِسَانِي عُقْدَةٌ فَنَفَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في فِيَّ، فَانْحَلَّتِ العُقْدَةُ مِنْ لِسَانِي وَابْيَضَّ كُلُّ شَيْءٍ في رَأْسِي ـ أَيْ: بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ ـ مَا خَلَا مَا وَضَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ أَسْوَدَ؛ كَمَا في الإِصَابَةِ.

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَتْ بِي أُمِّي مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حِينَ مَاتَ أَبِي حَاطِبٌ، فَجَاءَتْ أُمِّي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَصَابَ إِحْدَى يَدَيَّ حَرِيقٌ مِنْ نَارٍ.

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، ابْنُ أَخِيكَ، وَقَدْ أَصَابَهُ هَذَا الْحَرْقُ مِنَ النَّارِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ: فَلَا أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَا أَدْرِي أَنَفَثَ أَمْ مَسَحَ عَلَى رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ وَفِي ذَرِّيَّتِي. كَمَا في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ.

قَالَ في الإِصَابَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ صَدْرَ هَذَا الحَدِيثِ: وَرَوَاهُ أَيْضَاً عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ الحَاطِبِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَالبَغَوِيُّ وَفِيهِ: أَنَّ أُمَّهُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِكَ ـ أَيْ: في الحَبَشَةِ ـ.

قَالَتْ: فَمَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِكَ، وَتَفَلَ في فِيكَ وَدَعَا لَكَ بِالبَرَكَةِ.

وَمِنْ ذَلِكَ: ذَهَابُ بَذَاءَةِ اللِّسَانِ بِبَرَكَةِ رِيقِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ امْرَأَةً بَذِيَّةَ اللِّسَانِ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْكُلُ قَدِيدَاً.

فَقَالَتْ: أَلَا تُطْعِمُنِي؟

فَنَاوَلَهَا مِمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ.

قَالَتْ: لَا، إِلَّا الَّذِي فِي فِيكَ.

فَأَخْرَجَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهَا، فَأَلْقَتْهُ فِي فَمِهَا، فَأَكَلَتْهُ، فَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ تِلْكَ المَرْأَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَمْرِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ البِذَاءِ وَالذِّرَابَةِ (والذَّرَابَةُ: سَلاطَةُ اللِسَانِ وَفُحْشُهُ).

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 17/ ذو الحجة/1441هـ، الموافق: 7/ آب / 2020م