190ـ تبرك الصحابة بدراهم مستها يد النبي صلى الله عليه وسلم

190ـ تبرك الصحابة بدراهم مستها يد النبي صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

تَبَرُّكُ الصَّحَابَةِ بِدَرَاهِمَ مَسَّتْهَا يَدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ في الجُزْءِ الثَّالِثِ مِنَ المَطَالِبِ العَالِيَةِ:

بَابُ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ:

ثُمَّ أَوْرَدَ الأَحَادِيثَ التَّالِيَةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَوْقَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ أَتَكَارَى مِنْهُ بَيْتَاً فِي دَارِهِ؟

فَقَالَ: تَكَارَ ـ أَيْ: اسْتَأْجِرْ ـ فَإِنَّهَا مُبَارَكَةٌ عَلَى مَنْ هِيَ لَهُ، مُبَارَكَةٌ عَلَى مَنْ سَكَنَهَا.

فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ذَلِكَ؟

قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ، وَقَدْ أَمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقِسْمَتِهَا.

فَقَالَ لِلَّذِي يَقْسِمُهَا: «أَعْطِ عَمْرَواً مِنْهَا قِسْمَاً».

قَالَ عَمْرٌو: فَلَمْ يُعْطِنِي وَأَغْفَلَنِي.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ دَرَاهِمُ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَخَذْتَ الْقِسْمَ الَّذِي أَمَرْتُ لَكَ بِهِ؟» ـ أَيْ: مِنْ لَحْمِ الجَزُورِ ـ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَعْطَانِي شَيْئَاً.

قَالَ عَمْرٌو: فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ الدَّرَاهِمَ فَأَعْطَانِي.

فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أُمِّي، فَقُلْتُ: خُذِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، التي أَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَانِيهَا، أَمْسِكِيهَا حَتَّى نَنْظُرَ فِي أَيِّ شَيْءٍ نَضَعُهَا، ثُمَّ ضَرَبَ الدَّهْرُ ضَرَبَاتِهِ ـ أَيْ: مَضَى زَمَنٌ طَوِيلٌ ـ حَتَّى اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ ـ أَيْ: بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ المُبَارَكَةِ ـ.

ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ المُتَقَدِّمِ وَقَوْلُهُ فِيهِ: فَحَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَبَقَ النَّاسُ إلى شَعْرِهِ، فَاسْتَبَقْتُ إلى النَّاصِيَةِ فَأَخَذْتُهَا، فَاتَّخَذْتُ قَلَنْسُوَةً فَجَعَلْتُهَا في مُقَدِّمِ القَلَنْسُوَةِ، فَمَا وَجَّهْتُهَا في وَجْهٍ إِلَّا فُتِحَ عَلَيَّ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الحَدِيثَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: اسْتَوْهَبْتُ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ مِنَ المِسْكِ الذي كَانَتْ تَعْجِنُهُ بِعَرَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَوَهَبَتْ لِي مِنْهُ ـ فَلَمَّا مَاتَ ابْنُ سِيرِينَ حُنِّطَ بِذَلِكَ المِسْكِ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 16/ محرم /1441هـ، الموافق: 4/أيلول / 2020م