192ـ الصحابة يستضيئون بعصا أعطاها لهم النبي صلى الله عليه وسلم

192ـ الصحابة يستضيئون بعصا أعطاها لهم النبي صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

الصَّحَابَةُ يَسْتَضِيئُونَ بِعَصًا أَعْطَاهَا لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي مُظْلِمَةً فَقُلْتُ: لَو أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدْتُ مَعَهُ الصَّلَاةَ وَآنَسْتُهُ بِنَفْسِي، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا دَخَلْتُ المَسْجِدَ بَرَقَتِ السَّمَاءُ، فَرَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا قَتَادَةُ، مَا هَاجَ عَلَيْكَ؟».

قُلْتُ: أَرَدْتُ ـ بِأبِي وَأُمِّي ـ أَنْ أُؤْنِسَكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ: «خُذ هَذَا العُرْجُونَ ـ عَصَاً ـ فَتَحَصَّنْ لَهُ، فَإِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ أَضَاءَ لَكَ عَشْرَاً أَمَامَكَ وَعَشْرَاً خَلْفَكَ».

ثُمَّ قَالَ لِي: «إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ رَأَيْتَ مِثْلَ الْحَجَرِ الْأَخْشَنِ».

قَالَ: فَضَرَبْتُهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْتِي. رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد وَالطَّبَرَانِيُّ، كَمَا في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «فَاضْرِبْهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ».

تَبَرُّكُ الصَّحَابَةِ بِنَعْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

رَوَى البُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ في الشَّمَائِلِ عَنْ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ (أَيْ: صَقِيلَتَيْنِ لَا شَعْرَ عَلَيْهِمَا) لَهُمَا قِبَالَانِ (تَثْنِيَةُ قِبَالٍ، وَهُوَ زِمَامُ النَّعْلِ).

فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ البُنَانِيُّ بَعْدُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُمَا كَانَتَا نَعْلَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَحْتَفِظُ بِنَعْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ للبَرَكَةِ، وَيَعْرِضُهَا عَلَى زُوَّارِهِ، لِيُكْرِمَهُمْ بِبَرَكَتِهَا.

وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَادِمَ نَعْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَادِمَ السِّوَاكِ وَالوِسَادِ.

وَقَدْ رَوَى الحَارِثُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، مِنْ مُرْسَلِ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ إِذَا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَلْبَسَهُ نَعْلَيْهِ، وَإِذَا جَلَسَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُمَا ـ ابْنُ مَسْعُودٍ ـ في ذِرَاعَيْهٍ ـ أَيْ: كُلَّ فَرْدَةٍ في ذِرَاعٍ ـ حَتَّى يَقُومَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَامَ أَلْبَسَهُ نَعْلَيْهِ في رِجْلَيْهِ.

وَفِي حَمْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَعْلَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَجْلِسُ، في ذِرَاعَيْهِ، مَعْنَى التَّكْرِيمِ وَالتَّبَرُّكِ.

تَبَرُّكُ الصَّحَابَةِ بِمَوْضِعِ جُلُوسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ:

أَخْرَج ابْنُ سَعْدٍ في الجُزْءِ الأَوَّلِ مِنَ الطَّبَقَاتِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ المَعْرُوفِ بِالقَارِيِّ، أَنَّهُ نَظَرَ إلى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَوْضِعِ قُعُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ المِنْبَرِ، ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى وَجْهِهِ.

وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ أَيْضَاً بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ: رَأَيْتُ نَاسَاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَلَا المَسْجِدُ أَخَذُوا بِرُمَّانَةِ المِنْبَرِ الصَّلْعَاءِ التي تَلِي القَبْرَ، بِمَيَامِنِهِمْ، ثُمَّ اسْتَقْبَلُوا القِبْلَةَ يَدْعُونَ.

وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ سَعْدٍ ذَلِكَ تَحْتَ عُنْوَانِ: ذِكْرُ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 1/ صفر /1442هـ، الموافق: 18/أيلول / 2020م