8ـ السيدة آمنة بنت وهب رضي الله عنها وأرضاها (3)

8ـ السيدة آمنة بنت وهب رضي الله عنها وأرضاها (3)

مقدمة الكلمة:

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: ذَكَرْنَا في الدَّرْسِ المَاضِي أَنَّ السَّيِّدَةَ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا عِنْدَمَا وَصَلَتْ إلى سِنِّ الصِّبَا، تَقَدَّمَ لِخِطْبَتِهَا فِتْيَانُ مَكَّةَ وَتَسَابَقُوا إلى بَابِ بَيْتِهَا يَلْتَمِسُونَ خِطْبَتَهَا، وَيَزُفُّونَ إِلَيْهَا مَا لَهُمْ مِنْ مَآثِرَ وَمَنَاقِبَ وَأَمْجَادٍ وَمَكَانَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ سَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ وَالِدُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ تَقَدَّمَ لِخِطْبَتِهَا، لِأَنَّ وَالِدَهُ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدًا مِنْ أَوْلَادِهِ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَنْ هُوَ المَذْبُوحُ؟

قِصَّةُ ذَبْحِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ بَلَغَ عَبْدُ المُطَّلِبِ مَكَانَةً سَامِيَةً عَالِيَةً، وَشَرُفَ في قَوْمِهِ شَرَفًا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ، وَأَحَبَّهُ قَوْمُهُ، وَعَظُمَ خَطَرُهُ فِيهِمْ، حَتَّى صَارَ أَمِيرَ مَكَّةَ، وَتَوَلَّى السِّقَايَةَ في قَوْمِهِ، وَبَعْضَ وَظَائِفِ الحَرَمِ، وَأَخَذَ يُفَكِّرُ فِيمَا يَلْقَاهُ الحَجِيجُ مِنْ مَشَقَّةٍ بِسَبَبِ شُحِّ المَاءِ.

وَتَذَكَّرَ بِئْرَ زَمْزَمَ التي أَنْقَذَتْ جَدَّهُ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الهَلَاكِ، وَأَخَذَ يُفَكِّرُ فِيهَا حَتَّى صَارَتْ شُغْلَهُ الشَّاغِلَ، حَتَّى رَأَى في مَنَامِهِ مَنْ يَأْمُرُهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ.

جَاءَ في كِتَابِ الرَّوْضِ الأُنُفِ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: عَمَّنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَرْضَاهُ يُحَدِّثُ حَدِيثَ جَدِّهِ، وَمَا كَانَ مِنْ حَفْرِ زَمْزَمَ؛ قَالَ عَبْدُ المُطَّلِبِ: إِنِّي لَنَائِمٌ فِي الحِجْرِ إذْ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ: احْفِرْ طَيبَةَ.

قَالَ: قُلْتُ: وَمَا طَيبَةُ؟

قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ عَنِّي.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ رَجَعْتُ إلَى مَضْجَعِي فَنِمْتُ فِيهِ، فَجَاءَنِي فَقَالَ: احْفِرْ بَرَّةَ.

قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا بَرَّةُ؟

قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ رَجَعْت إلَى مَضْجَعِي، فَنِمْتُ فِيهِ فَجَاءَنِي فَقَالَ: احْفِرْ المَضْنُونَةَ.

قَالَ: قُلْتُ: وَمَا المَضْنُونَةُ؟

قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ عَنِّي.

فَلَمّا كَانَ الْغَدُ رَجَعْت إلَى مَضْجَعِي، فَنِمْتُ فِيهِ فَجَاءَنِي فَقَالَ: احْفِرْ زَمْزَمَ.

قَالَ: قُلْتُ: وَمَا زَمْزَمُ؟

قَالَ: لَا تَنْزِفُ أَبَدًا وَلَا تُذَمُّ، تَسْقِي الْحَجِيجَ الْأَعْظَمَ. اهـ.

وَطَيْبَةُ اسْمٌ لِمَاءِ زَمْزَمَ، فَهِيَ طَيْبَةٌ لِأَنَّهَا للطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَبَرَّةُ اسْمٌ لِمَاءِ زَمْزَمَ، لِأَنَّهَا فَاضَتْ للأَبْرَارِ، وَغَاضَتْ عَنِ الفُجَّارِ.

وَقِيلَ عَنْ مَاءِ زَمْزَمَ مَضْنُونَةٌ، لِأَنَّهُ ضُنَّ بِهَا عَلَى غَيْرِ المُؤْمِنِينَ، فَلَا يَتَضَلَّعُ مِنْهَا مُنَافِقٌ، روى الحاكم عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟

فَقَالَ: شَرِبْتُ مِنْ زَمْزَمَ.

فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشَرِبْتَ مِنْهَا كَمَا يَنْبَغِي؟

قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ؟

قَالَ: إِذَا شَرِبْتَ مِنْهَا فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللهِ، وَتَنَفَّسْ ثَلَاثًا، وَتَضَلَّعْ مِنْهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا فَاحْمَدِ اللهَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ المُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ».

قَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَحْفِرُ بِئْرَ زَمْزَمَ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الوَلَدِ سِوَى ابْنِهِ الحَارِثِ، عِنْدَهَا نَذَرَ: لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ، ثُمَّ بَلَغُوا مَعَهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُونَهُ، لَيَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ عِنْدَ الكَعْبَةِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُ المُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ فِيمَا يزعُمون ـ وَاللهُ أَعْلَمُ ـ قَدْ نَذَرَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ مَا لَقِيَ عِنْدَ حَفْرِ زَمْزَمَ: لَئِنْ وُلد لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ ثُمَّ بَلَغُوا مَعَهُ حَتَّى يَمْنَعُوهُ؛ لَيَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ للهِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا تَوَافَى بَنُوهُ عَشَرَةً، وَعَرَفَ أَنَّهُمْ سَيَمْنَعُونَهُ، جَمَعَهُمْ؛ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ، وَدَعَاهُمْ إلَى الْوَفَاء للهِ بِذَلِكَ، فَأَطَاعُوهُ وَقَالُوا: كَيْفَ نَصْنَعُ؟

قَالَ: لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قِدْحًا ثُمَّ لْيَكْتُبْ فِيهِ اسْمَهُ ثُمَّ ائْتُونِي، فَفَعَلُوا، ثُمَّ أَتَوْهُ، فَدَخَلَ بِهِمْ عَلَى هُبَلَ فِي جَوْفِ الكَعْبَةِ، وَكَانَ هُبَلُ عَلَى بِئْرٍ فِي جَوْف الْكَعْبَةِ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْبِئْرُ هِيَ التي يُجْمَعُ فِيهَا مَا يُهْدَى للكَعْبَةِ.

فَقَالَ عَبْدُ المُطَّلِبِ لِصَاحِبِ القِدَاحِ: اضْرِبْ عَلَى بَنِيَّ هَؤُلَاءِ بِقِدَاحِهِمْ هَذِهِ، وَأَخْبَرَهُ بِنَذْرِهِ الَّذِي نَذَرَ، فَأَعْطَاهُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قِدْحَهُ الَّذِي فِيهِ اسْمُهُ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَصْغَرَ بَنِي أَبِيهِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ أَحَبَّ وَلَدِ عَبْدِ المُطَّلِبِ إلَيْهِ، فَكَانَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَرَى أَنَّ السَّهْمَ إذَا أَخَطَأَهُ فَقَدْ أَشْوَى (وَمَعْنَى أَشْوَى أَبْقَى، يُقَالُ: أَشْوَيْتُ مِنَ الطَّعَامِ إِذَا أَبْقَيْتُ) وَهُوَ أَبُو رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَلَمَّا أَخَذَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ الْقِدَاحَ لِيَضْرِبَ بِهَا، قَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ المُطَّلِبِ بِيَدِهِ، وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إلَى إسَافٍ وَنَائِلَةَ لِيَذْبَحَهُ، فَقَامَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا.

فَقَالُوا: مَاذَا تُرِيدُ يَا عَبْدَ المُطَّلِبِ؟

قَالَ: أَذْبَحُهُ.

فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ: وَاللهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ؛ لَئِنْ فَعَلْتَ هَذَا لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَأْتِي بِابْنِهِ حَتَّى يَذْبَحَهُ، فَمَا بَقَاءُ النَّاسِ عَلَى هَذَا.

وَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ: لَا تَفْعَلْ وَانْطَلِقْ بِهِ إلَى الْحِجَازِ، فَإِنَّ بِهِ عَرَّافَةً لَهَا تَابِعٌ فَسَلْهَا، ثُمَّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ، إِنْ أَمَرَتْكَ بِذَبْحِهِ ذَبَحْتَهُ، وَإِنْ أَمَرَتْكَ بِأَمْرٍ لَكَ وَلَهُ فِيهِ فَرَجٌ قَبِلْتَهُ.

فَانْطَلَقُوا حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَوَجَدُوهَا ـ فِيمَا يَزْعُمُونَ ـ بِخَيْبَرَ، فَرَكِبُوا حَتَّى جَاؤُوهَا، فَسَأَلُوهَا، وَقَصَّ عَلَيْهَا عَبْدُ المُطَّلِبِ خَبَرَهُ وَخَبَرَ ابْنِهِ وَمَا أَرَادَ بِهِ وَنَذْرَهُ فِيهِ.

فَقَالَتْ لَهُمْ: ارْجِعُوا عَنِّي اليَوْمَ حَتَّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي فَأَسْأَلَهُ.

فَرَجَعُوا مِنْ عِنْدِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا عَنْهَا، قَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ غَدَوْا عَلَيْهَا.

فَقَالَتْ لَهُمْ: قَدْ جَاءَنِي الْخَبَرُ، كَمِ الدِّيَةُ فِيكُمْ؟

قَالُوا: عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ؛ وَكَانَتْ كَذَلِكَ.

قَالَتْ: فَارْجِعُوا إلَى بِلَادِكُمْ ثُمَّ قَرِّبُوا صَاحِبَكُمْ وَقَرِّبُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، ثُمَّ اضْرِبُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَزِيدُوا مِنَ الْإِبِلِ حَتَّى يَرْضَى رَبُّكُمْ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْإِبِلِ فَانْحَرُوهَا عَنْهُ فَقَدْ رَضِيَ رَبُّكُمْ وَنَجَا صَاحِبُكُمْ.

فَخَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَلَمَّا أَجَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرِ قَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ قَرَّبُوا عَبْدَ اللهِ وَعَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، وَعَبْدُ المُطَّلِبِ قَائِمٌ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ عِشْرِينَ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ ثَلَاثِينَ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ أَرْبَعِينَ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ خَمْسِينَ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ سِتِّينَ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ سَبْعِينَ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ ثَمَانِينَ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبُوا، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ تِسْعِينَ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبُوا، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَلَغَتِ الْإِبِلُ مِئَةً، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ.

فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ حَضَرَ: قَدْ انْتَهَى رِضَا رَبِّكَ يَا عَبْدَ المُطَّلِبِ، فَزَعَمُوا أَنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ قَالَ: لَا وَاللهِ حَتَّى أَضْرِبَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَضَرَبُوا عَلَى عَبْدِ اللهِ وَعَلَى الْإِبِلِ، وَقَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ، ثُمَّ عَادُوا الثَّانِيَةَ وَعَبْدُ المُطَّلِبِ قَائِمٌ يَدْعُو اللهَ فَضَرَبُوا، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ ثُمَّ عَادُوا الثَّالِثَةَ وَعَبْدُ المُطَّلِبِ قَائِمٌ يَدْعُو اللهَ فَضَرَبُوا، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ، فَنُحِرَتْ، ثُمَّ تُرِكَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا إنْسَانٌ وَلَا يُمْنَعُ. اهـ. / من سيرة ابن هشام.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُ المُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ وَلَدِهِ عَبْدِ اللهِ إِثْرَ افْتِدَائِهِ مِنَ الذَّبْحِ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ نَسَبًا وَشَرَفًا، فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ السَّيِّدَةَ آمِنَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا.

وَالحَدِيثُ لَهُ صِلَةٌ في الدَّرْسِ القادِمِ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُعَطِّفَ عَلَيْنَا قَلْبَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 15/ جمادى الآخرة /1442هـ، الموافق: 28/ كانون الثاني / 2021م