3ـ وجهه الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

3ـ وجهه الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

يَقُولُ سَيِّدُنَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

وَأَجْمَلَ مِنْكَ لَمْ تَرَ قَطُّ عَيْنِي   ***   وَأَفْضَلَ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النِّسَاءُ

خُـلِقْتَ مُبَرَّأً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ   ***   كَأَنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَمَا تَـشَاءُ

يَجِبُ عَلَى الأُمَّةِ أَنْ تَتَعَرَّفَ عَلَى صِفَاتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الخَلْقِيَّةِ وَالخُلُقِيَّةِ، لِأَنَّ القَلْبَ يَحْيَا وَيَنْتَعِشُ بِجَمَالِ الخَلْقِ وَالخُلُقِ، لِذَا نُرِيدُ مِنْ وُقُوفِنَا أَمَامَ صُورَةِ المَحْبُوبِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَكَرَّمَ عَلَيْنَا المَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ بِإِشْرَاقَاتِ وَجْهِهِ الشَّرِيفِ، وَجَمَالِ مُحَيَّاهُ، لِيَهْنَأَ القَلْبُ بِحُبِّهِ، وَيَحْيَا العَقْلُ بِذِكْرِهِ؛ وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

وَنَـحْيَا بِذِكْرَاكُمْ إِذَا لَمْ نَرَاكمُ    ***   أَلَا إِنَّ تَذْكَـارَ الْأَحِبَّـةِ يُنْعِشُنَــــا

فَلَوْلَا مَـعَانِيكُمْ تَرَاهَا قُـلُوبُنَا   ***   إِذَا نَحْنُ أَيْقَاظٌ وَفِي النَّوْمِ إِنْ غِبْنَـا

لَمُتْنَا أَسًى مِنْ بُعْدِكُمْ وَصَبَابَةً    ***   وَلَكِـنَّ فِي الْمَعْنَى مَعَـانِيكُمُ مَعَنَــا

يُحَرِّكُنَا ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ عَنْكُمُ    ***   وَلَوْلَا هَوَاكُمُ فِي الْحَشَا مَا تَحَرَّكْنَـا

اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَيْنَا بِرُؤْيَتِهِ الشَّرِيفَةِ في جَمِيعِ العَوَالِمِ. آمين.

وَجْهُهُ الشَّرِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي ذَرْوَةِ سَنَامِ الْحُسْنِ، وَقِمَّةِ صَبَاحَةِ الوَجْهِ، كَأَنَّمَا أُفْرِغَ فِي قَالَبٍ مِنْ فِضَّةٍ، لَمْ يُرَ أَنْصَعُ وَلَا أَرْوَعُ وَلَا أَبْدَعُ مِنْ جَمَالِهِ.

فَإِشْرَاقَاتُ وَجْهِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي الانْبِعَاثِ وَالإِضَاءَةِ وَالجَمَالِ، حَتَّى لَقَدْ حَارَ وَاصِفُوهُ فِي التَّشْبِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ شَبَّهَ قُوَّةَ نُورَانِيَّتِهِ وَانْبِعَاثِهِ بِالشَّمْسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَبَّهَ جَمَالَ إِشْرَاقِهِ بِالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ.

وَحَسْبُكَ مَا رواه الشَّيْخَانِ عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ البَائِنِ، وَلَا بِالقَصِيرِ.

وَيَقُولُ سَيِّدُنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَأَنَّمَا الأَرْضُ تُطْوَى لَهُ، إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا، وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ. رواه الإمام أحمد والترمذي.

وَيَقُولُ هِنْدُ بْنُ أَبِي هَالَةَ فِي وَصْفِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ كَتَلَأْلُؤِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ.

وَيَرْحَمُ اللهُ تَعَالَى ابْنَ الحلاوي الَّذِي قَالَ:

يَقُولُونَ يَحْكِي البَدْرَ في الحُسْنِ وَجْهُهُ   ***   وَبَدْرُ الدُّجَى عَنْ ذَلِكَ الحُسْنِ مُنْحَطُّ

كَـمَـــا شَـبَّــهُوا غُصْنَ النَّقَا بِقَوَامِهِ   ***   لَـقَـدْ بَالَغُوا بِالْمَدْحِ لِلْغُصْنِ وَاشْتَطُّوا

بَلْ نَقُولُ مَقَالَةَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى كَمَا خَاطَبَ بِهَا سَيِّدُنَا عُمَرُ شَخْصَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

لَوْ كُنْتَ مِنْ شَيْءٍ سِوَى بَشَرٍ   ***   كُنْتَ الْمُضِيءَ لِلَيْلَةِ الْبَدْرِ

رواه البيهقي.

وَلَقَدْ كَانَ وَجْهُهُ الشَّرِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَلِيحًا، كَأَنَّمَا صِيغَ مِنْ فِضَّةٍ، فَتَصِفُهُ السَّيِّدَةُ أُمُّ مَعْبَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا بِقَوْلِهَا: رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الوَضَاءَةِ، أَبْلَجَ الوَجْهِ ـ أَيْ: حَسَنًا مُشْرِقًا مُضِيئًا_ وَسِيمًا قَسِيمًا. رواه البيهقي.

بِهَذَا الوَجْهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: بِهَذَا الوَجْهِ الشَّرِيفِ: أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

بِهَذَا الوَجْهِ الشَّرِيفِ: بَشَّرَ وَاسْتَبْشَرَ، وَاجَهَ الأَصْحَابَ، وَتَوَاجَهَ مَعَ الأَعْدَاءِ، وَالتَقَى النَّبِيِّينَ فِي عَالَمِ الأَرْضِ وَعِنْدَ رَبِّهِ فِي السَّمَاءِ.

بِهَذَا الوَجْهِ الشَّرِيفِ: سَجَدَ للهِ سُبْحَانَهُ عِبَادَةً وَشُكْرًا فِي الدُّنْيَا، وَيَسْجُدُ أَمَامَ الخَالِقِ سُبْحَانَهُ فِي أَعْظَمِ مَوْقِفٍ حِينَ يَسْتَنْجِدُ بِهِ الخَلَائِقُ يَوْمَ القِيَامَةِ.

بِهَذَا الوَجْهِ الكَرِيمِ: اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المَلَكَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عُزْلَتِهِ العَتِيدَةِ وَتَلَقَّى مِنْهُ تَعَالِيمَ ﴿اقْرَأْ﴾.

بِهَذَا الوَجْهِ الصَّبُوحِ: عَاشَ حَيَاةَ الرِّضَا وَالْبِشْرِ مَعَ زَوْجَتِهِ الْمَحْبُوبَةِ خَدِيجَةَ.

بِهَذَا الوَجْهِ الجَمِيلِ: عَاشَ حَيَاةَ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى.

بِهَذَا الوَجْهِ المُنِيرِ: تَلَقَّى مَكْرُمَاتِ رَبِّهِ بِأَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا فَخَرَّ سَاجِدًا للهِ شُكْرًا.

بِهَذَا الوَجْهِ المُبَارَكِ: أَصْلَحَ خَطَأَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي بُرْدَةِ التَّصَاوِيرِ.

بِهَذَا الوَجْهِ الجَلِيلِ: عَاتَبَ أَبَا مَسْعُودٍ البَدْرِيَّ وَهُوَ يَضْرِبُ غُلَامًا لَهُ، وَنَهَاهُ عَنْ ظُلْمِهِ.

بِهَذَا الوَجْهِ البَشِيرِ: تَلَقَّى بِشَارَةَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْهِ، وَبَرَاءَةَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مِنَ السَّمَاءِ.

بِهَذَا الوَجْهِ السَّمُوحِ: وَاجَهَ الأَعْرَابِيَّ الغَلِيظَ بِابْتِسَامَةٍ وَعَطَاءٍ، وَوَاجَهَ أَسْرَى قُرَيْشٍ بِــ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعلى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُكْرِمَنَا بِرُؤْيَةِ الوَجْهِ الشَّرِيفِ، وَأَنْ يُفِيضَ عَلَيْنَا مِنْ أَنْوَارِهِ وَبَرَكَاتِهِ لِنَسْعَدَ بِذَلِكَ كَمَا سَعِدَ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ، وَلِنَلْتَزِمَ شَرْعَهُ الشَّرِيفَ كَمَا الْتَزَمُوهُ. آمين.

تاريخ الكلمة

**    **    **

الأربعاء: 7/ جمادى الآخرة /1442هـ، الموافق: 20/ كانون الثاني / 2021م