23ـ أقوال العارفين في فائدة الصحبة (6)

23ـ أقوال العارفين في فائدة الصحبة (6)

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ سَيِّدِي العَارِفُ بِاللهِ تعالى، المُرْشِدُ الكَبِيرُ، سَيِّدِي وَمَوْلَايَ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِر عِيسَى رَحِمَهُ اللهُ تعالى، في كِتَابِهِ: حَقائِقُ عَنِ التَّصَوُّفِ:

الشَّيْخُ مُحَمَّدُ الهَاشِمِيُّ:

قَالَ شَيْخُنَا الكَبِيرُ مُرَبِّي العَارِفِينَ وَالدَّالُّ عَلَى اللهِ سَيِّدِي مُحَمَّدُ الهَاشِمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَاسْلُكْ يَا أَخِي عَلَى يَدِ شَيْخٍ حَيٍّ عَارِفٍ بِاللهِ، صَادِقٍ نَاصِحٍ، لَهُ عِلْمٌ صَحِيحٌ، وَذَوْقٌ صَرِيحٌ، وَهِمَّةٌ عَالِيَةٌ، وَحَالَةٌ مَرْضِيَّةٌ، سَلَكَ الطَّرِيقَ عَلَى يَدِ الـمُرْشِدِينَ، وَأَخَذَ أَدَبَهُ عَنِ الـمُتَأَدِّبِينَ، عَارِفٍ بِالـمَسَالِكِ، لِيَقِيَكَ في طَرِيقِكَ الـمَهَالِكَ، وَيَدُلَّكَ عَلَى الجَمْعِ عَلَى اللهِ، وَيُعَلِّمَكَ الفَرَارَ مِنْ سِوَى اللهِ، وَيُسَايِرَكَ في طَرِيقِكَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى اللهِ، يُوقِفَكَ عَلَى إِسَاءَةِ نَفْسِكَ، وَيُعَرِّفَكَ بِإِحْسَانِ اللهِ إِلَيْكَ، فَإِذَا عَرَفْتَهُ أَحْبَبْتَهُ، وَإِذَا أَحْبَبْتَهُ جَاهَدْتَ فِيهِ، وَإِذَا جَاهَدْتَ فِيهِ هَدَاكَ لِطَرِيقِهِ، وَاصْطَفَاكَ لِحَضْرَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: 69]. فَصُحْبَةُ الشَّيْخِ وَالاقْتِدَاءُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاتِّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ [لقمان: 15] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119].

وَمِنْ شَرْطِهِ أَيْضاً أَنْ يَكُونَ لَهُ الإِذْنُ في تَرْبِيَةِ الخَلْقِ مِنْ مُرْشِدٍ كَامِلٍ ذِي بَصِيرَةٍ نَافِذَةٍ.

وَلَا يُقَالُ أَيْنَ مَنْ هَذَا وَصْفُهُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيُّ في "لَطَائِفُ الـمِنَنِ": (لَا يُعْوِزُكَ وُجُودُ الدَّالِّينَ، وَإِنَّمَا يُعْوِزُكَ وُجُودُ الصِّدْقِ فِي طَلَبِهِمْ). جِدَّ صِدْقَاً تَجِدْ مُرْشِدَاً.

لَكِنَّ سِرَّ اللهِ في صِدْقِ الطَّلَبْ   ***   كَمْ رِيءَ في أَصْحَابِهِ مِنَ العَجَبْ

وَقَالَ في "لَطَائِفُ الـمِنَنِ" أَيْضَاً: (إِنَّمَا يَكُونُ الاقْتِدَاءُ بِوَلِيٍّ دَلَّكَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَطْلَعَكَ عَلَى مَا أَوْدَعَهُ مِنَ الخُصُوصِيَّةِ لَدَيْهِ، فَطَوَى عَنْكَ شُهُودَ بَشَرِيَّتِهِ فِي وُجُودِ خُصُوصِيَّتِهِ، فَأَلْقَيْتَ إِلَيْهِ القِيَادَ، فَسَلَكَ بِكَ سَبِيلَ الرَّشَادِ... إلخ).

وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللهِ فِي حِكَمِهِ: (سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ الدَّلِيلَ عَلَى أَوْلِيَائِهِ إِلَّا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوصِلْ إِلَيْهِمْ إِلَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ يُوصِلَهُ إِلَيْهِ).

رَحِمَ اللهُ تعالى شَيْخَنَا رَحْمَةً وَاسِعَةً، وَجَزَى اللهُ تعالى خَيْرَ الجَزَاءِ مَنْ قَالَ في حَقِّهِ:

وَعَـلَى أَبِي أَيُّـوبَ حَلَّ فَـقِيدُنَا    ***   ضَـيْـفَـاً فَـكَـانَ لَـهُ المَقَامُ الأَرْفَعُ

بِـجِوَارِ مَنْ نَزَلَ الحَبِيبُ بِدَارِهِ    ***   وَاخْتَارَهُ بِـالـفَـضْـلِ رَبٌّ مُـبْـدِعُ

وَلَهُ مِنَ الـشَّهْبَـاءِ أَصْـلٌ ثَابِتٌ   ***   وَعَلَى ذُرَا اسْتَنْبُولَ مَـثْـوَىً يَسْطَعُ

ذِكْرَاهُ إِنْ ذُكِرَتْ ذُكَاءُ فَمَشْرِقٌ    ***   وَسَنَاهُ إِنْ طَلَعَ الهِلَالُ فَـمَـطْـلِـعُ

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 15/ صفر الخير /1442هـ، الموافق: 2/تشرين الأول / 2020م