48ـ شُبَهُ المنكرين للإعادة وبطلانها

48ـ شُبَهُ المنكرين للإعادة وبطلانها

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانِ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا):

شُبَهُ المُنْكِرِينَ للإِعَادَةِ وَبُطْلَانُهَا

لَقَدْ أَزَالَ اللهُ تعالى شُبَهَ المُنْكِرِينَ للإِعَادَةِ وَأَبْطَلَهَا كُلَّهَا، وَذَلِكَ أَنَّ شُبَهَ المُنْكِرِينَ للإِعَادَةِ تَرْجِعُ إلى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:

الأَوَّلُ: اخْتِلَاطُ أَجْزَاءِ الأَمْوَاتِ بِأَجْزَاءِ الأَرْضِ، وَاخْتِلَاطُهَا بِأَجْزَاءٍ أُخْرَى، فَكَيْفَ يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا؟

الثَّانِي: أَنَّ القُدْرَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ في زَعْمِ المُنْكِرِينَ، وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ في زَعْمِهِمْ.

الثَّالِثُ: زَعْمُ المُنْكِرِينَ أَنَّ الإِعَادَةَ لَا فَائِدَةَ مِنْهَا، وَأَنَّ الحِكْمَةَ تَقْتَضِي دَوَامَ هَذَا النَّوْعِ الإِنْسَانِيِّ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ، هَكَذَا أَبَدًا عَلَى وَجْهِ البَقَاءِ.

فَجَاءَتْ بَرَاهِينُ القُرْآنِ المُثْبِتَةِ للمَعَادِ، مُبَيَّنَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ، بِهَا أَزَاحَ اللهُ تعالى شُبُهَاتِ المُنْكِرِينَ وَمَزَاعِمَهُمُ البَاطِلَةَ:

أَوَّلًا: تَقْرِيرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ سَعَةَ عِلْمِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَإِحَاطَتَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ﴾. أَيْ: فَلَا يَلْتَبِسُ عَلَيْنَا شَيْءٌ، وَلَا يَغِيبُ عَنَّا جُزْءٌ، بَلْ نَحْنُ بِكُلِّ جُزْءٍ عَالِمُونَ، وَلَهُ حَافِظُونَ، في عَالَمٍ عِنْدَنَا، فَتِلْكَ الأَجْزَاءُ وَإِنْ غَابَتْ عَنْ أَبْصَارِهِمْ، فَهِيَ لَا تَغِيبُ عَنَّا، بَلْ هِيَ مَحْفُوظَةٌ لَدَيْنَا.

ثَانِيًا: تَقْرِيرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ كَمَالَ قُدْرَةِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ.

قَالَ تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾. أَيْ: فَالذي خَلَقَ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الإِنْسَانِ وَأَشَدُّ وَهُوَ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، قَادِرٌ عَلَى إِعَادَةِ هَذَا الإِنْسَانِ، لِأَنَّ إِعَادَتَهُ لَيْسَتْ أَكْبَرَ مِنْ بِدَايَتِهِ، وَلَئِنْ فُرِضَ أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ البَدْءِ، فَلَقَدْ خَلَقَ مَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ مِنَ الإِنْسَانِ، وَهُوَ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ المَشْهُودَةُ بِالعِيَانِ.

﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.

ثُمَّ إِنَّهُ أَرَانَا أُمُورًا وَاقِعِيَّةً مَشْهُودَةً في الإِنْسَانِ وَالحَيَوَانِ وَالطُّيُورِ، أَمَاتَهَا وَفَرَّقَ أَجْزَاءَهَا، ثُمَّ أَعَادَهَا وَأَحْيَاهَا، فَذَكَرَ لَنَا قِصَّةَ الذينَ أَمَاتَهُمْ وَهُمْ أُلُوفٌ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ، وَقِصَّةَ السَّبْعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِصَّةَ عُزَيْرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنَحْوِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، لِيَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً مَشْهُودَةً دَالَّةً عَلَى قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى إِحْيَاءِ المَوْتَى.

ثَالِثًا: تَقْرِيرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ كَمَالَ حِكْمَةِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَنَّ مِنْ مُقْتَضَى حِكْمَتِهِ أَنْ يُعِيدَ الخَلْقَ، وَيَجْمَعَهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾. و ﴿لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾. وَلِيَأْخُذَ الحَقَّ مِنَ الظَّالِمِ للمَظْلُومِ، وَمِنَ البَاغِي لِمَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ وَهَذَا مُقْتَضَى العَدْلِ وَالحِكْمَةِ بِلَا رَيْبٍ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقِ العَالَمَ عَبَثًا، بَلْ خَلَقَ العَالَمَ بِالحَقِّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَهِيَ أَمْرُ العَالَمِ للحَقِّ.

قَالَ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾.

يَعْني: أَنَّ الحُكْمَ بِالتَّسَاوِي بَيْنَ المُتَنَاقِضِينَ حُكْمٌ سَيِّئٌ، مَرْدُودٌ عِنْدَ أَهْلِ الحِكْمَةِ المَخْلُوقَةِ الجُزْئِيَّةِ، فَكَيْفَ عِنْدَ حِكْمَةِ الخَالِقِ التي لَا تَتَنَاهَى؟

فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَتَسَاوَى ظَلَامُ اللَّيْلِ مَعَ ضِيَاءِ النَّهَارِ، وَلَا يَتَسَاوَى الأَعْمَى وَالبَصِيرُ، وَلَا الذينَ يَعْمَلُونَ وَالذينَ لَا يَعْلَمُونَ، فَلَا يَتَسَاوَى المُسِيؤُونَ مَعَ المُحْسِنِينَ، وَلَا الطَّالِحُ مَعَ الصَّالِحِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا في عَالَمٍ آخَرَ، تَظْهَرُ فِيهِ النَّتَائِجُ، وَتَبْرُزُ فِيهِ الدَّقَائِقُ، وَتُحَقُّ فِيهِ الحَقَائِقُ، وَهُوَ يَوْمُ الحَاقَّةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحَاقَّةُ؟

قَالَ تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 3/ ذو القعدة /1443هـ، الموافق: 2/ حزيران / 2022م

48ـ شُبَهُ المنكرين للإعادة وبطلانها

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانِ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا):

شُبَهُ المُنْكِرِينَ للإِعَادَةِ وَبُطْلَانُهَا

لَقَدْ أَزَالَ اللهُ تعالى شُبَهَ المُنْكِرِينَ للإِعَادَةِ وَأَبْطَلَهَا كُلَّهَا، وَذَلِكَ أَنَّ شُبَهَ المُنْكِرِينَ للإِعَادَةِ تَرْجِعُ إلى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:

الأَوَّلُ: اخْتِلَاطُ أَجْزَاءِ الأَمْوَاتِ بِأَجْزَاءِ الأَرْضِ، وَاخْتِلَاطُهَا بِأَجْزَاءٍ أُخْرَى، فَكَيْفَ يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا؟

الثَّانِي: أَنَّ القُدْرَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ في زَعْمِ المُنْكِرِينَ، وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ في زَعْمِهِمْ.

الثَّالِثُ: زَعْمُ المُنْكِرِينَ أَنَّ الإِعَادَةَ لَا فَائِدَةَ مِنْهَا، وَأَنَّ الحِكْمَةَ تَقْتَضِي دَوَامَ هَذَا النَّوْعِ الإِنْسَانِيِّ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ، هَكَذَا أَبَدًا عَلَى وَجْهِ البَقَاءِ.

فَجَاءَتْ بَرَاهِينُ القُرْآنِ المُثْبِتَةِ للمَعَادِ، مُبَيَّنَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ، بِهَا أَزَاحَ اللهُ تعالى شُبُهَاتِ المُنْكِرِينَ وَمَزَاعِمَهُمُ البَاطِلَةَ:

أَوَّلًا: تَقْرِيرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ سَعَةَ عِلْمِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَإِحَاطَتَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ﴾. أَيْ: فَلَا يَلْتَبِسُ عَلَيْنَا شَيْءٌ، وَلَا يَغِيبُ عَنَّا جُزْءٌ، بَلْ نَحْنُ بِكُلِّ جُزْءٍ عَالِمُونَ، وَلَهُ حَافِظُونَ، في عَالَمٍ عِنْدَنَا، فَتِلْكَ الأَجْزَاءُ وَإِنْ غَابَتْ عَنْ أَبْصَارِهِمْ، فَهِيَ لَا تَغِيبُ عَنَّا، بَلْ هِيَ مَحْفُوظَةٌ لَدَيْنَا.

ثَانِيًا: تَقْرِيرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ كَمَالَ قُدْرَةِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ.

قَالَ تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾. أَيْ: فَالذي خَلَقَ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الإِنْسَانِ وَأَشَدُّ وَهُوَ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، قَادِرٌ عَلَى إِعَادَةِ هَذَا الإِنْسَانِ، لِأَنَّ إِعَادَتَهُ لَيْسَتْ أَكْبَرَ مِنْ بِدَايَتِهِ، وَلَئِنْ فُرِضَ أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ البَدْءِ، فَلَقَدْ خَلَقَ مَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ مِنَ الإِنْسَانِ، وَهُوَ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ المَشْهُودَةُ بِالعِيَانِ.

﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.

ثُمَّ إِنَّهُ أَرَانَا أُمُورًا وَاقِعِيَّةً مَشْهُودَةً في الإِنْسَانِ وَالحَيَوَانِ وَالطُّيُورِ، أَمَاتَهَا وَفَرَّقَ أَجْزَاءَهَا، ثُمَّ أَعَادَهَا وَأَحْيَاهَا، فَذَكَرَ لَنَا قِصَّةَ الذينَ أَمَاتَهُمْ وَهُمْ أُلُوفٌ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ، وَقِصَّةَ السَّبْعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِصَّةَ عُزَيْرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنَحْوِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، لِيَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً مَشْهُودَةً دَالَّةً عَلَى قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى إِحْيَاءِ المَوْتَى.

ثَالِثًا: تَقْرِيرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ كَمَالَ حِكْمَةِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَنَّ مِنْ مُقْتَضَى حِكْمَتِهِ أَنْ يُعِيدَ الخَلْقَ، وَيَجْمَعَهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾. و ﴿لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾. وَلِيَأْخُذَ الحَقَّ مِنَ الظَّالِمِ للمَظْلُومِ، وَمِنَ البَاغِي لِمَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ وَهَذَا مُقْتَضَى العَدْلِ وَالحِكْمَةِ بِلَا رَيْبٍ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقِ العَالَمَ عَبَثًا، بَلْ خَلَقَ العَالَمَ بِالحَقِّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَهِيَ أَمْرُ العَالَمِ للحَقِّ.

قَالَ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾.

يَعْني: أَنَّ الحُكْمَ بِالتَّسَاوِي بَيْنَ المُتَنَاقِضِينَ حُكْمٌ سَيِّئٌ، مَرْدُودٌ عِنْدَ أَهْلِ الحِكْمَةِ المَخْلُوقَةِ الجُزْئِيَّةِ، فَكَيْفَ عِنْدَ حِكْمَةِ الخَالِقِ التي لَا تَتَنَاهَى؟

فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَتَسَاوَى ظَلَامُ اللَّيْلِ مَعَ ضِيَاءِ النَّهَارِ، وَلَا يَتَسَاوَى الأَعْمَى وَالبَصِيرُ، وَلَا الذينَ يَعْمَلُونَ وَالذينَ لَا يَعْلَمُونَ، فَلَا يَتَسَاوَى المُسِيؤُونَ مَعَ المُحْسِنِينَ، وَلَا الطَّالِحُ مَعَ الصَّالِحِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا في عَالَمٍ آخَرَ، تَظْهَرُ فِيهِ النَّتَائِجُ، وَتَبْرُزُ فِيهِ الدَّقَائِقُ، وَتُحَقُّ فِيهِ الحَقَائِقُ، وَهُوَ يَوْمُ الحَاقَّةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحَاقَّةُ؟

قَالَ تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 3/ ذو القعدة /1443هـ، الموافق: 2/ حزيران / 2022م