22ـ بين يدي السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها

22ـ بين يدي السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها

 

إِنَّ حَيَاةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ خَدِيجَةَ تَارِيخٌ مُشَرِّفٌ وُمُشْرِقٌ لِسَيِّدَةٍ طَاهِرَةٍ شَرِيفَةٍ فَاضِلَةٍ، أَكْرَمَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاخْتَارَهَا زَوْجًا لِهَذَا النَّبِيِّ الكَرِيمِ وَالرَّسُولِ العَظِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَكْرَمَهَا عَزَّ وَجَلَّ بِسُمْعَةٍ عَطِرَةٍ وَسِيرَةٍ  فَاضِلَةٍ في الجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلَامِ، وَعَقْلٍ رَاجِحٍ، وَهِمَّةٍ عَالِيَةٍ، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَصَدَّقَ وَآمَنَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِنَّهَا بَشَّرَتْهُ وَهَدَّأَتْ مِنْ رَوْعِهِ، حِينَ جَاءَهُ الوَحْيُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَعَادَ إلى بَيْتِهِ مُشْفِقًا عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا سَمِعَ وَرَأَى وَهُوَ يَقُولُ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» رواه الشيخان.

خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ التي لَهَا حَقٌ في رَقَبَةِ كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ بِمَا قَدَّمَتْهُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ أَوَّلُ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَقَفَتْ مَعَهُ وَأَيَّدَتْهُ، وَشَجَّعَتْهُ وَنَصَرَتْهُ، وَأَعْطَتْهُ وَأَعَانَتْهُ بِكُلِّ مَا تَمْلِكُ، هَذِهِ السَّيِّدَةُ التي صَبَرَتْ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِيذَاءِ قُرَيْشٍ وَعَنَتِهِمْ وَظُلْمِهِمْ، وَدَخَلَتْ مَعَهُ الشِّعْبَ، تَقِفُ إلى جَانِبِهِ، وَتَتَحَمَّلُ مَعَهُ أَعْبَاءَ تِلْكَ  المِحْنَةِ مَعَ أَنَّهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لَمْ تَكُنْ مَعْنِيَّةً بِالمُقَاطَعَةِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَكِنَّهَا آثَرَتِ الدُّخُولَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الشِّعْبِ وَتَحَمَّلَتِ الجُوعَ وَالحِرْمَانَ في سَبِيلِ نُصْرَةِ زَوْجِهَا الأَمِينِ؛ شَهَامَةٌ وَمَوَدَّةٌ وَمُشَارَكَةٌ صَادِقَةٌ، وَإِيمَانٌ حَقِيقِيٌّ بِالرِّسَالَةِ وَالرَّسُولِ.

فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ بَيْتِهَا الرَّفِيعِ وَمَقَامِهَا المَنِيعِ، وَدَخَلَتْ مَعَهُ الشِّعْبَ، فَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ المُحَاصَرِينَ، وَلَمْ تُبَالِ بِسِنِّهَا التي قَارَبَتِ السِّتِّينَ، رَغْبَةً في نُصْرَةِ سَيِّدِ العَالَمِينَ وَمُتَابَعَتِهِ، فَرَضِيَتْ بِالحَيَاةِ الخَشِنَةِ القَاسِيَةِ وَزَهِدَتْ في حَيَاةِ العِزِّ وَالرَّفَاهِيَةِ، وَذَاقَتْ مَرَارَةَ الجُوعِ وَالعَطَشِ، فَكَيْفَ لَا يَقِفُ التَّارِيخُ إِجْلَالًا لِمَقَامِهَا الرَّفِيعِ.

وَالسَّيِّدَةُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا كَانَتْ ذَاتَ شَأْنٍ وَفَضْلٍ في قَوْمِهَا، فَعُرِفَتْ بِالطَّاهِرَةِ، وَقَدْ حَفِظَهَا اللهُ تعالى مِنْ أَرْجَاسِ الجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَتْ تَشْعُرُ بِقَلَقٍ وَعَدَمِ قَنَاعَةٍ بِعِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَلِهَذَا كَانَتْ تَلْجَأُ إلى ابْنِ عَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ تَسْأَلُهُ وَتَبُثُّهُ قَلَقَهَا وَحَيْرَتَهَا.

نَشَأَتِ السَّيِّدَةُ خَدِيجَةُ في بَيْتٍ طَيِّبٍ وَبِيئَةٍ كَرِيمَةٍ، فَبَيْتُ أَهْلِهَا مِنْ أَعْرَقِ بُيُوتِ قُرَيْشٍ، وَأَعْلَاهُمْ نَسَبًا، وَثَرَاءً، وَوَجَاهَةً.

وَقَدْ وُلِدَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَبْل عَامِ الفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.

أَبُوهَا خُوَيْلِدُ بْنُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى أَخٌ لِعَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ زَائِدَةَ، وَأُمُّ فَاطِمَةَ هِيَ هَالَةُ بِنْتُ عَبْدِ مَنَافٍ الجَدِّ الثَّالِثِ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

تَزَوَّجَتْ هَذِهِ السَّيِّدَةُ الجَلِيلَةُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ ابْنَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، بَيْنَمَا كَانَ هُوَ في الخَامِسَةِ وَالعِشْرِينَ، وَكَانَتْ قَدْ رَغِبَتْ في الزَّوَاجِ بِهِ بَعْدَمَا عَلِمَتْ مِنْ أَخْبَارِ فَضْلِهِ وَأَمَانَتِهِ وَبَرَكَتِهِ، وَمَا أَخْبَرَهَا بِهِ غُلَامُهَا مَيْسَرَةُ مِمَّا شَاهَدَهُ في رِحْلَتِهِ مَعَهُ في تِجَارَتِهَا إلى الشَّامِ، وَرِعَايَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وتعالى لَهُ، وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ لِخِطْبَتِهَا كَثِيرُونَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَرَفَضَتْ ذَلِكَ بِإِبَاءٍ وَشَمَمٍ، وَأَرَادَ اللهُ لَهَا الخَيْرَ وَالفَضْلَ، فَكَانَ ذَلِكَ الزَّوَاجُ المُبَارَكُ المَيْمُونُ.

عَاشَتْ هَذِهِ السَّيِّدَةُ حَيَاةً هَنِيئَةً رَغِيدَةً في جِوَارِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَتَتْهُ النُّبُوَّةُ وَتَحَمَّلَ في سَبِيلِ الدَّعْوَةِ الأَذَى وَالآلَامَ وَالحِرْمَانَ، وَقَفَتْ إلى جَانِبِهِ، وَصَبَرَتْ مَعَهُ، وَضَحَّتْ في سَبِيلِهِ.

فَمَا إِنْ نَزَلَ الوَحْيُ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَتْ أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَ وَآزَرَ وَوَقَفَ مَعَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، تَشُدُّ مِنْ أَزْرِهِ وَتُعِينُهُ، وَتَبْذُلُ كُلَّ غَالٍ وَنَفِيسٍ في سَبِيلِ رَاحَتِهِ، وَعِنْدَمَا كَانَ يَذْهَبُ إلى غَارِ حِرَاءٍ قَبْلَ نُزُولِ الوَحْيِ، وَيَظَلُّ هُنَاكَ مُتَبَتِّلًا لِأَيَّامٍ طَوِيلَةٍ، كَانَتْ تَسْأَلُ عَنْهُ، وَتُرْسِلُ رُسُلَهَا لِيُطَمْئِنُوهَا عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَحْمِلُ إِلَيْهِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، لَا تَكَلُّ وَلَا تَمَلُّ، ثُمَّ تَصْعَدُ إلى الجَبَلِ الذي يَبْلُغُ ارْتِفَاعُهُ ثَمَانَمِئَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ مِتْرًا فَوْقَ سَطْحِ البَحْرِ؛ كُلُّ ذَلِكَ لِتَطْمَئِنَّ عَلَيْهِ وَتُعِينَهُ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ، وَتَفْعَلُ ذَلِكَ وَهِيَ فَرِحَةٌ سَعِيدَةٌ.

وَقَدَّرَ لَهَا تِلْكَ المَوَاقِفَ الصَّابِرَةَ الشُّجَاعَةَ، فَلَمَّا مَاتَتْ أَحَسَّ بِآلَامِ فِرَاقِهَا، وَظَلَّ وَفِيًّا لَهَا، يُثْنِي عَلَيْهَا، وَيَذْكُرُ مَوَاقِفَهَا الصَّادِقَةَ، وَتَضْحِيَاتِهَا الكَبِيرَةَ، فَبَنَى لَهَا بِذَلِكَ مَكَانَةً مَرْمُوقَةً في قُلُوب المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ حَتَّى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَخَصَّهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَجَعَلَ ذُرِّيَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَحْصُورَةً فِيهَا، فَلَمْ يُرْزَقِ الوَلَدَ مِنْ غَيْرِهَا.

إِنَّهَا خَدِيجَةُ، إِنَّهَا الصِّدِّيقَةُ، إِنَّهَا الوَفِيَّةُ، الإِنْسَانَةُ التي اخْتَارَهَا اللهُ لِهَذَا الدَّوْرِ، وَهَيَّأَهَا لِهَذَا الشَّرَفِ.

وَأَكْرَمَهَا وَكَرَّمَهَا، فَكَانَتْ لَهَا تِلْكَ السِّيرَةُ العَطِرَةُ، وَالصُّحْبَةُ الكَرِيمَةُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَقَدْ مَاتَتْ وَدُفِنَتْ في مَكَّةَ، فَرَبِحَ جِوَارَهَا أَهْلُ البَلَدِ الحَرَامِ حَيْثُ دُفِنَتْ في مَقَابِرِ المُعَلَّاةِ في الحُجُونِ وَهِيَ في الخَامِسَةِ وَالسِّتِّينَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سَنَوَاتٍ.

مَاتَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَبْلَ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ.

وَقَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ في رَمَضَانَ في الحَادِي عَشَرَ مِنْهُ.

وَبَعْدَ خُرُوجِ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الشِّعْبِ.

بَعْدَ أَنْ أَدَّتْ وَاجِبَهَا كَامِلًا، وَوَقَفَتْ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تُؤَيِّدُهُ، وَتُثَبّتُهُ، وَتَنْصُرُهُ، تُدَثِّرُهُ، وَتُزَمِّلُهُ، وَتُصَدِّقُهُ، وَتَبْذُلُ كُلَّ مَا تِمْلِكُ في سَبِيلِ نُصْرَتِهِ وَرَاحَتِهِ، حَتَّى إِنَّهَا كَانَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَقْطَعُ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ عَلَى رِجْلَيْهَا مِنْ بَيْتِهَا إلى جَبَلِ النُّورِ ثُمَّ تَصْعَدُ إلى غَارِ حِرَاءٍ تَطْمَئِنُّ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَحْمِلُ لَهُ المَاءَ وَالزَّادَ وَتُثَبِّتُهُ، وَكَانَتْ في بَعْضِ اللَّيَالِي تَلْقَاهُ في مَوْضِعِ مَسْجِدِ الإِجَابَةِ في المَعَابِدَةِ وَتَبِيتُ مَعَهُ هُنَاكَ ثُمَّ يَعُودُ إلى الغَارِ للتَّعَبُّدِ، وَتَعُودُ هِيَ إلى بَيْتِهَا، وَفي كُلِّ الأَحْوَالِ كَانَتْ تَحْرِصُ عَلَى رَاحَتِهِ، وَتَطْمَئِنُّ عَلَى سَلَامَتِهِ، وَتَعْمَلُ كُلَّ مَا في وُسْعِهَا لِسَعَادَتِهِ.

وَمَا إِنْ وَافَقَ أَبُو طَالِبٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في كَنَفِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يَرْعَاهُ وَيُرَبِّيهِ، حَتَّى قَامَتْ بِرِعَايَتِهِ، وَفَرِحَتْ بِمَقْدَمِهِ، وَأَعْطَتْهُ مِنْ حَنَانِ الأُمُومَةِ مَا جَعَلَهُ يَشْعُرُ بِالحُبِّ الكَبِيرِ لَهَا وَلِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَشَأَ في ذَلِكَ البَيْتِ الطَّيِّبِ الطَّاهِرِ.

هِيَ امْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ كَرِيمَةٌ حَنُونٌ، حَنَّتْ وَرَقَّتْ لِمُرْضِعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حِينَ جَاءَتْ تَسْأَلُ عَنْهُ فَزَارَتْهُ في مَنْزِلِ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا التي فَرِحَتْ بِهَا وَأَكْرَمَتْهَا، أَكْرَمَتْ وِفَادَتَهَا، وَأَعْطَتْهَا مِنَ المَالِ مَا يُسَاعِدُهَا عَلَى حَيَاتِهَا في البَادِيَةِ، فَقَدَّمَتْ لَهَا قَطِيعًا مِنَ الغَنَمِ وَبَعْضَ الإِبِلِ هَدِيَّةً لَهَا.

وَلِهَذَا فَقَدْ كَانَ يَوْمُ وَفَاتِهَا يَوْمَ حُزْنٍ وَأَلَمٍ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ العَامُ بِعَامِ الحُزْنِ، فَقَدْ تُوُفِّيَتْ فِيهِ الزَّوْجُ الطَّاهِرَةُ الصِّدِّيقَةُ الأُولَى، وَتُوُفِّيَ فِيهِ أَبُو طَالِبٍ عَمُّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي وَقَفَ مَعَهُ يُؤَازِرُهُ وَيَعْضُدُهُ، وَيَحْمِيهِ وَيَمْنَعُهُ، وَلِهَذَا مَا نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ وَفَاةِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ.

وَلَا شَعَرَ بِالوَحْدَةِ، إِلَّا بَعْدَ وَفَاةِ الحَبِيبَةِ خَدِيجَةَ، فَخَلَّفَ غِيَابُهَا حُزْنًا وَأَلَمًا، فَقَد كَانَتِ الزَّوْجَةَ وَالرَّفِيقَةَ وَالعَضُدَ وَالسَّنَدَ وَالأُمَّ. رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا.

 

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 25/ جمادى الأولى /1443هـ، الموافق: 30/ كانون الأول / 2021م