11ـ لحيته الشريفة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

11ـ لحيته الشريفة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

يَقُولُ سَيِّدُنَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

وَأَجْمَلَ مِنْكَ لَمْ تَرَ قَطُّ عَيْنِي   ***   وَأَفْضَلَ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النِّسَاءُ

خُـلِقْتَ مُبَرَّأً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ   ***   كَأَنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَمَا تَـشَاءُ

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْوَرَ العَالَمِينَ وَجْهًا، وَأَبْهَاهَمْ طَلْعَةً، وَأَحْسَنَهُمْ لِحْيَةً، كَسَا سَوَادَهَا بَيَاضُ وَجْهِهِ جَمَالًا، فَهِيَ جَمِيلَةٌ في مُحَيَّاهُ، أَشْرَقَتْ شَعَرَاتُهَا إِشْرَاقَ وَجْهِهِ وَبَهَاءَهُ.

لِحْيَتُهُ الشَّرِيفَةُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

يَقُولُ سَيِّدُنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدَ اللِّحْيَةِ، حَسَنَ الشَّعْرِ. رواه البزار.

وَعِنْدَ كَثِيرِ ابْنِ ضَمْضَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا، حَسَنَ السَّبْلَةِ، قَالَ: وَكَانَتِ اللِّحْيَةُ تُدْعَى فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ: سَبْلَةً. رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ.

وَلَقَدْ كَانَتْ لِحْيَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَةً تَمْلَأُ وَجْهَهُ، غَلِيظَةً كَثِيفَةً:

يَقُولُ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَظِيمَ الهَامَةِ، أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، عَظِيمَ اللِّحْيَةِ. رواه الإمام أحمد.

وَعِنْدَ أَبِي هَالَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَثَّ اللِّحْيَةِ. رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ.

وَيَقُولُ سَيِّدُنَا جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ. رواه الإمام مسلم.

عَلَى هَذِهِ اللِّحْيَةِ الشَّرِيفَةِ سَالَ دَمُهُ الشَّرِيفُ يَوْمَ أُحُدٍ، روى الترمذي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ وَجْهُهُ شَجَّةً فِي جَبْهَتِهِ حَتَّى سَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ.

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ الشَّرِيفَ تَأَدُّبًا مَعَ اللهِ تعالى، وَخُضُوعًا وَإِجْلَالًا لَهُ تَبَارَكَ وَتعالى، حَتَّى تَكَادُ لِحْيَتُهُ الشَّرِيفَةُ تَمَسُّ غُضْرُوفَ النَّاقَةِ، لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَاتِحًا مَكَّةَ عَزِيزًا مُظَفَّرًا، طَأْطَأَ رَأْسَهُ الشَّرِيفَ حَتَّى كَادَتْ لِحْيَتُهُ الشَّرِيفَةُ تَمَسُّ رَاحِلَتَهُ.

جَاءَ في الرَّحِيقِ المَخْتُومِ: وَكَانَ ـ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ يَضَعُ رَأْسَهُ تَوَاضُعًا للهِ حِينَ رَأَى مَا أَكْرَمَهُ اللهُ بِهِ مِنَ الفَتْحِ، حَتَّى إِنَّ شَعْرَ لِحْيَتِهِ لَيَكَادُ يَمَسُّ وَاسِطَةَ الرَّحْلِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ وَجَّهَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الأُمَّةَ لِإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ، وَحَذَّرَ مِنْ حَلْقِهَا، روى النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحْفُوا الشَّارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى».

وروى الترمذي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا».

وروى الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَحْلِقْ عَانَتَهُ، وَيُقَلِّمْ أَظْفَارَهُ، وَيَجُزَّ شَارِبَهُ فَلَيْسَ مِنَّا».

وروى الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ».

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِهِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلى اسْتِيعَابِ الشَّارِبِ وَحَلْقِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ؛ وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إِحْفَاءُ الشَّارِبِ هُوَ أَخْذُ مَا طَالَ عَنِ الشَّفَةِ بِقَصِّهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ.

نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُكْرِمَنَا بِرُؤْيَةِ وَجْهِ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

تاريخ الكلمة

**    **    **

الأربعاء: 24/ جمادى الأولى /1443هـ، الموافق: 29/ كانون الأول / 2021م