طباعة |
12ـ معجزة حنين الجذع | |
12ـ معجزة حنين الجذع الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فَمِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَكْرَمَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مُعْجِزَةُ حَنِينِ الجِذْعِ لِسَيِّدِهِ وَلِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. روى الدَّارِمِيُّ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، فَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ قِيَامُهُ، فَأُتِيَ بِجِذْعِ نَخْلَةٍ فَحُفِرَ لَهُ، وَأُقِيمَ إِلَى جَنْبِهِ قَائِمًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ فَطَالَ الْقِيَامُ عَلَيْهِ، اسْتَنَدَ إِلَيْهِ، فَاتَّكَأَ عَلَيْهِ، فَبَصُرَ بِهِ رَجُلٌ كَانَ وَرَدَ الْمَدِينَةَ فَرَآهُ قَائِمًا إِلَى جَنْبِ ذَلِكَ الْجِذْعِ، فَقَالَ لِمَنْ يَلِيهِ مِنَ النَّاسِ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَحْمَدُنِي فِي شَيْءٍ يَرْفُقُ بِهِ، لَصَنَعْتُ لَهُ مَجْلِسًا يَقُومُ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَاءَ جَلَسَ مَا شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ قَامَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «ائْتُونِي بِهِ». فَأَتَوْهُ بِهِ، فَأُمِرَهُ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ هَذِهِ الْمَرَاقِيَ الثَّلَاثَ أَوِ الْأَرْبَعَ ـ هِيَ الْآنَ فِي مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ ـ فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ رَاحَةً، فَلَمَّا فَارَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْجِذْعَ وَعَمَدَ إِلَى هَذِهِ الَّتِي صُنِعَتْ لَهُ، جَزِعَ الْجِذْعُ، فَحَنَّ كَمَا تَحِنُّ النَّاقَةُ حِينَ فَارَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وروى الدَّارِمِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى خَشَبَةٍ، فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَنَّتْ حَنِينَ الْعِشَارِ حَتَّى وَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ. وفي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا: حَنَّتِ الْخَشَبَةُ حَنِينَ النَّاقَةِ الْخَلُوجِ. وفي رِوَايَةٍ للإمام أحمد عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْرُبُ إِلَى جِذْعٍ إِذْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا، وَكَانَ يَخْطُبُ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ لَكَ شَيْئًا تَقُومُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، حَتَّى يَرَاكَ النَّاسُ وَتُسْمِعَهُمْ خُطْبَتَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَصُنِعَ لَهُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ اللَّاتِي عَلَى الْمِنْبَرِ؛ فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ، وَوُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ الْمِنْبَرَ مَرَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَاوَزَهُ خَارَ الْجِذْعُ، حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ حَتَّى سَكَنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى، صَلَّى إِلَيْهِ، فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ وَغُيِّرَ، أَخَذَ ذَاكَ الْجِذْعَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَكَانَ عِنْدَهُ حَتَّى بَلِيَ وَأَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ، وَعَادَ رُفَاتًا. وفي رِوَايَةٍ لابْنِ مَاجَه وَالإِمَامِ أَحْمَدَ وَالدَّارِمِيِّ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وفي رِوَايَةٍ للدَّارِمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى جِذْعٍ فِي الْمَسْجِدِ فَيَخْطُبُ النَّاسَ، فَجَاءَهُ رُومِيٌّ، فَقَالَ: أَلَا أَصْنَعُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ وَكَأَنَّكَ قَائِمٌ؟ فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا لَهُ دَرَجَتَانِ، وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّالِثَةِ. فَلَمَّا قَعَدَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْمِنْبَرِ، خَارَ الْجِذْعُ كَخُوَارِ الثَّوْرِ حَتَّى ارْتَجَّ الْمَسْجِدُ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمِنْبَرِ، فَالْتَزَمَهُ وَهُوَ يَخُورُ. فَلَمَّا الْتَزَمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، سَكَنَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ أَلْتَزِمْهُ، لَمَا زَالَ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ». فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَدُفِنَ. وفي رِوَايَةٍ للدَّارِمِيِّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ حَنِينَ الْجِذْعِ رَجَعَ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «اخْتَرْ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ، فَتَكُونَ كَمَا كُنْتَ، وَإنْ شِئْتَ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَتَشْرَبَ مِنْ أَنْهَارِهَا وَعُيونِهَا، فَيَحْسُنَ نَبْتُكَ، وَتُثْمِرَ فَيَأْكُلَ أَوْلِيَاءُ اللهِ مِنْ ثَمَرَتِكَ وَنَخْلِكَ فَعَلْتُ». فَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: «نَعَمْ قَدْ فَعَلْتُ» مَرَّتَيْنِ. فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اخْتَارَ أَنْ أَغْرِسَهُ فِي الْجَنَّةِ». وروى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جَنْبِ خَشَبَةٍ يُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ: «ابْنُوا لِي مِنْبَرًا». فَبَنَوْا لَهُ مِنْبَرًا عَتَبَتَانِ، فَلَمَّا قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ لِيَخْطُبَ حَنَّتِ الْخَشَبَةُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَنَسٌ: وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعْتُ الْخَشَبَةَ حَنَّتْ حَنِينَ الْوَلَدِ، فَمَا زَالَتْ تَحِنُّ حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَاحْتَضَنَهَا، فَسَكَنَتْ. قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: يَا عِبَادَ اللهِ، الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَوْقًا إِلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنَ اللهِ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ. يَقُولُ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: مَا أَعْطَى اللهُ نَبِيًّا مَا أَعْطَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَعْطَى عِيسَى إِحْيَاءَ المَوْتَى، قَالَ: أَعْطَى مُحَمَّدًا حَنِينَ الجِذْعِ حَتَّى سَمِعَ صَوْتَهُ، فَهَذَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَكُونُ حَنِينُ جِذْعِ نَخْلَةٍ أَعْظَمَ إِعْجَازًا مِنْ إِحْيَاءِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ المَوْتىَ؟ قُلْتُ: الأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ وُجُوهٍ: 1ـ إِحْيَاءُ المَوْتَى ـ في الدُّنْيَا ـ عَلَى يَدِ نَبِيٍّ مُعْجِزَةٌ فِعْلًا، وَهُوَ أَمْرٌ قَدْ حَدَثَ وَتَكَرَّرَ في الدُّنْيَا عَلَى مَرْأَى وَمَسْمَعٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ قِبَلِ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾. أَمَّا بُكَاءُ جِذْعِ شَجَرَةٍ ثُمَّ تَسْكِينُهَا حَتَّى سُكُونِهَا فَهُوَ أَمْرٌ غَيْرُ مَعْهُودٍ وَلَمْ يَحْدُثْ مِنْ قَبْلُ فِيمَا نَعْلَمُ. 2ـ إِحْيَاءُ المَوْتَى سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ اللهِ في خَلْقِهِ، فَإِنْ حَدَثَ في الدُّنْيَا فَلَا غَرَابَةَ في ذَلِكَ، فَالإِحْيَاءُ هُوَ الإِحْيَاءُ سَوَاءٌ في الدُّنْيَا أَو الآخِرَةِ، وَهَذَا الذي بُعِثَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى يَدِ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ في الأَصْلِ إِنْسَانًا يَمْشِي وَيَتَكَلَّمُ وَيَعْقِلُ، وَكُلُّ مَا حَدَثَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَدَّ لَهُ رُوحًا خَرَجَتْ مِنْهُ. أَمَّا حَنِينُ الجِذْعِ فَهُوَ أَمْرٌ مُخْتَلِفٌ، فَلَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ إِحْيَاءٍ لِمَوْتَى، حَيْثُ إِنَّهُ اسْتَلْزَمَ أَنْ يَخْلُقَ في الجِذْعِ رُوحًا جَدِيدَةً لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً أَصْلًا، رُوحًا أَشْبَهَ مَا تَكُونُ بِرُوحِ الإِنْسَانِ الذي لَهُ عَقْلٌ يَعِي الذِّكْرَ وَأُذُنٌ تَسْمَعُهُ وَقَلْبٌ يَفْرَحُ بِرُؤْيَةِ وَمُلَامَسَةِ الحَبِيبِ وَيَحْزَنُ لِفِرَاقِهِ، وَمَا كَانَ الجِذْعُ لِيَحْزَنَ وَيَئِنَّ إِلَّا إِذَا تَوَفَّرَ فِيهِ ذَلِكَ عَلَى هَيْئَةٍ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهَذَا قَطْعًا يَخْتَلِفُ تَمَامًا عَنْ مُجَرَّدِ إِحْيَاءِ المَوْتَى. 3ـ إِحْيَاءُ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ للمَوْتَى كَانَ لِإِثْبَاتِ نُبُوَّتِهِ، وَأَمَّا حَنِينُ جِذْعِ النَّخْلَةِ وَمَا بَعَثَ اللهُ فِيهَا مِنْ رُوحٍ وَغَيْرِهِ إِنَّمَا كَانَ لِإِثْبَاتِ حُبِّ الشَّجَرِ وَحَنِينِهِ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِرُؤْيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين. ** ** ** تاريخ الكلمة: الجمعة: 26/ جمادى الأولى /1443هـ، الموافق: 31/ كانون الأول / 2021م |
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |