54ـ شدة الحر على أهل الموقف

54ـ شدة الحر على أهل الموقف

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانِ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا):

شِدَّةُ الحَرِّ عَلَى أَهْلِ المَوْقِفِ إِلَّا مَنْ أَظَلَّهُ اللهُ تعالى:

ثَبَتَ بِالأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، أَنَّ أَهْلَ المَوْقِفِ يَشْتَدُّ عَلَيْهِمُ الحَرُّ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْهُمْ، وَتُحِيطُ بِهِمُ النِّيرَانُ، وَيَسِيلُ عَرَقُهُمْ في الأَرْضِ، وَيَبْلُغُونَ مِنَ الهَمِّ مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا يَحْتَمِلُونَ، حَتَّى يُفْتَحَ بَابُ الشَّفَاعَةِ العُظْمَى عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.

فَفِي الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: تُعْطَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَرَّ عَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ تُدْنَى مِنْ جَماجِمِ النَّاسِ ـ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ـ ثُمَّ قَالَ: فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُونَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَنْتَ الَّذِي فَتْحَ اللهُ لَكَ. الحَدِيثَ كَمَا في تَرْغِيبِ المُنْذِرِيِّ.

وَفي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الذي رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَفِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَأَمْرِ الْآخِرَةِ، فَجُمِعَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ، حَتَّى انْطَلَقُوا إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَالْعَرَقُ يَكَادُ يُلْجِمُهُمْ» الحَدِيثَ بِطُولِهِ.

وَفي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ في حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ ـ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجْمَعُ اللهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ، وَيُسمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسُ مِنَ الْغَمِّ والْكَرْبِ مَا لَا يُطيقُونَ وَلَا يحْتَمِلُونَ» الحَدِيثَ.

فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى عِظَمِ المَوْقِفِ، وَشِدَّةِ حَرِّهِ وَكَرْبِهِ، وَكُلٌّ مِنْ أَهْلِ المَوْقِفِ يَشْعُرُ بِذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَقَامِ إِيمَانِهِ، إِلَّا مَنْ أَظَلَّهُ اللهُ تعالى بِظِلِّهِ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ التي تَكُونُ سَبَبًا في إِظْلَالِ اللهِ تعالى لِعَبْدِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَنَذْكُرُ أَطْرَافًا مِنْهَا:

1ـ رَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».

قَالَ الحَافِظُ الزُّرْقَانِيُّ في شَرْحِ المُوَطَّأِ: وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ بَدَلَ: «وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ» «وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ مَعَ قَوْمٍ فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَانْكَشَفُوا فَحَمَى آثَارَهُمْ» وَفِي لَفْظٍ: «أَدْبَارَهُمْ حَتَّى نَجَوْا وَنَجَا أَوِ اسْتُشْهِدَ».

قَالَ الْحَافِظُ: حَسَنٌ غَرِيبٌ جِدًّا.

قَالَ: وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، والْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ مَوْقُوفًا، وَحُكْمُهُ الرَّفْعُ، إِذْ لَا يُقَالُ رَأْيًا، فَقَالَ بَدَلَ الْإِمَامِ وَالشَّابِّ: «وَرَجُلٌ يُرَاعِي الشَّمْسَ لِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، وَرَجُلٌ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِعِلْمٍ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَنْ حِلْمٍ» اهـ.

2ـ وَمِنَ الذينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ تعالى في ظِلِّهِ، الوَقَّافُونَ عِنْدَ الحَقِّ: لَهُمْ أَو عَلَيْهِمْ.

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: «الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ».

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: غَرِيبٌ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ. اهـ.

3ـ وَمِنْهُمْ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَو وَضَعَ لَهُ.

رَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ لَهُ، أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ».

قَالَ المُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَمَعْنَى: وَضَعَ لَهُ: أَيْ: تَرَكَ لَهُ شَيْئًا مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ. اهـ.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَه، وَالحَاكِمُ عَنْ أَبِي اليَسَرِ، وَلَفْظُهُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، وَوَضَعَ لَهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ». وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

4ـ وَمِنْهُمْ: وَاصِلُ الرَّحِمِ، وَالمَرْأَةُ تَحْبِسُ نَفْسَهَا عَلَى تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهَا الأَيْتَامِ:

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ فِي ظِلِّ العَرْشِ يَوْمَ القِيامَةِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهِ، وَاصِلُ الرَّحِمِ يَزِيدُ اللهُ فِي رِزْقِهِ وَيَمُدُّ لَهُ فِي أَجَلِهِ، وَامْرَأَةٌ مَاتَ زَوْجُهَا وَتَرَكَ عَلَيْهَا أَيْتَامًا صِغَارًا، فَقَالَتْ: لَا أَتَزَوَّجُ أُقِيمُ عَلَى أَيْتَامِي حَتَّى يَمُوتُوا أَوْ يُغْنِيَهُمُ اللهُ، وَعَبْدٌ صَنَعَ طَعَامًا فَأَضَافَ ضَيْفَهُ وَأَحْسَنَ نَفَقَتَهُ فَدَعَا عَلَيْهِ اليَتِيمَ وَالمِسْكِينَ فأَطَعَمَهُمْ لِوَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَابِ وَالأَصْبَهَانِيُّ، وَالدَّيْلَمِيُّ في الفِرْدَوْسِ كَمَا في الفَتْحِ الكَبِيرِ.

5ـ وَمِنْهُمُ المُرَاقِبُ لِرَبِّهِ، الذي يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ مَعَهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ:

رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ فِي ظِلِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: رَجُلٌ حَيْثُ تَوَجَّهَ عَلِمَ أَنَّ اللهَ تعالى مَعَهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ إِلَى نَفْسِهَا فَتَرَكَهَا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ أَحَبَّ بِجِلَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».

6ـ وَمِنْهُمْ أَهْلُ الخُلُقِ الحَسَنِ:

رَوَى الطَّبَرَنِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَوْحَى اللهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا خَلِيلِي، حَسِّنْ خُلُقَكَ وَلَوْ مَعَ الْكُفَّارِ، تَدْخُلْ مَدْخَلَ الْأَبْرَارِ، وَإِنَّ كَلِمَتِي سَبَقَتْ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ أَنْ أُظِلَّهُ تَحْتَ العَرْشِ، وَأَنْ أَسْقِيَهُ مِنْ حَظِيرَةِ قُدْسِي، وَأَنْ أُدْنِيَهُ مِنْ جِوَارِي».

7ـ وَمِنْهُمْ حَمَلَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ:

رَوَى ابْنُ النَّجَّارِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَدِّبُوا أَوْلَادَكُمْ عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: حُبِّ نَبِيِّكُمْ، وَحُبِّ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ، فَإِنَّ حَمَلَةَ القُرْآنِ فِي ظِلِّ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ مَعَ أَنْبِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ».

8ـ وَمِنْهُمُ المُكْثِرُونَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

رَوَى الدَّيْلَمِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «ثَلَاثٌ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ فَرَّجَ عَنْ مَكْرُوبٍ مِنْ أُمَّتِي، وَأَحْيَا سُنَّتِي، وَأَكْثَرَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ» صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

9ـ وَمِنْهُمُ المُطْعِمُونَ للجِيَاعِ:

عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَظَلَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ تَحْتَ ظِلِّهِ: الْوُضُوءُ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَالْمَشْيُ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ، وَإِطْعَامُ الْجَائِعِ».

قَالَ في الفَتْحِ: رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي الثَّوَابِ وَالأَصْبَهَانِيُّ في التَّرْغِيبِ.

10ـ وَمِنْهُمُ الطَّاهِرَةُ قُلُوبُهُمْ، البَرِيَّةُ أَبْدَانُهُمْ:

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ اللهَ تعالى: مَنْ تُؤْوِيهِ فِي ظِلِّ عَرْشِكَ؟

قَالَ: هُمُ الطَّاهِرَةُ قُلُوبُهُمُ ـ أَيْ: مِنَ الغِلِّ وَالحِقْدِ ـ الْبَرِيَّةُ أَبْدَانُهُمْ ـ أَيْ: مِنَ الخَبَثِ وَالدَّنَسِ ـ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرْتُ ذُكِرُوا بِي، وَإِذَا ذُكِرُوا ذُكِرْتُ بِهِمْ، الَّذِينَ يُنِيبُونَ إِلَى ذِكْرِي، وَيَغُضُّونَ لِمَحَارِمِي، وَيَكْلَفُونَ بِحُبِّي».

زَادَ ابْنُ المُبَارَكِ في رِوَايَتِهِ: الَّذِينَ يَعْمُرُونَ مَسَاجِدِي، وَيَسْتَغْفِرُونِي بِالْأَسْحَارِ.

وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «يَقُولُ اللهُ تعالى: قَرِّبُوا أَهْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ في ظِلِّ عَرْشِي، فَإِنِّي أُحِبُّهُمْ».

وَقَدْ صَنَّفَ العُلَمَاءُ أَجْزَاءً خَاصَّةً، جَمَعُوا فِيهَا أَحَادِيثَ الظِّلَالِ، كَالحَافِظِ السَّخَاوِيِّ ثُمَّ السُّيُوطِيِّ وَغَيْرِهِمَا.

اللَّهُمَّ أَظِلَّنَا في ظِلِّكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 17/ شعبان /1444هـ، الموافق: 9/ آذار / 2023م