53ـ نحو أسرة مسلمة: المدين مرتهن بدينه حتى يُقضى عنه(2)

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

خلاصة الدرس الماضي:

فقد ذكرنا في الدرس الماضي بأن الميت مرتهن في قبره حتى يسدَّد عنه دينه، وفكَّ الله عز وجل رهان من فكَّ رهان أخيه، كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا علي رضي الله عنه عندما فكَّ رهان واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَكَّ اللَّهُ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إِلاَّ وَهُوَ مُرْتَهِنٌ بِدَيْنِهِ، وَمَنْ فَكَّ رِهَانَ مَيِّتٍ فَكَّ اللَّهُ رِهَانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: «بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً».

وعرفنا بأن الدين يعدل الكفر، لذلك استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منهما، وإذا أراد الله تعالى أن يذلَّ عبده جعل الدين في عنقه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله تعالى، ولقي الله عز وجل وهو سارق، والدين يجعل العبد مفلساً يوم القيامة، وشُدِّد في الدَّين حتى إن الشهيد لا يدخل الجنة حتى يُقضى عنه دينه.

ديون التجار:

عندما سمع بعض الإخوة مسألة التشديد في الدَّين أخذوا يتساءلون عن ديون التجارة هل هي داخلة في هذا التشديد أم لا؟

الجواب: هي داخلة في هذا التشديد إذا تمَّ التصرُّف بثمنها في غير التجارة، وخاصة إذا كان يخشى المدين عدم سداد الدين المترتب عليه. مثلاً: تأخذ بضاعة من تاجر من التجار، وعلى أن يتم دفع ثمنها بعد بيعها أو إلى أجل مسمى، فإذا بك تتصرف في ثمن البضاعة التي هي دين في ذمتك فتشتري بذلك أرضاً أو مزرعة أو عرضاً آخر من عروض التجارة.

السؤال: لماذا تفعل هذا؟ لماذا تشتري بمال غيرك سلعة من السلع؟ هلاَّ أدَّيت المال لصاحبه، هلاَّ أبرأت ذمتك، أما تخشى أن تتعسر عليك الأمور عندما تتصرف بهذا المال فتصبح عاجزاً عن سداد الدَّين المترتِّب عليك؟

التعجيل في سداد الدَّين:

إن قلت للمدين: عجِّل في سداد دَينك، ولو قبل حلول الأجل، يقول لك: لا، لماذا أتعجَّل بسداد الدَّين؟ يا سبحان الله، لماذا ننسى قول الله تعالى: {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}؟ لماذا ننسى قول الله تعالى: {هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَان}؟

ورحم الله القائل:

تعجيل وعد المرء أُكرومةٌ *** تنشر عنه أطيب الذكر

والحرُّ لا يَمطُلُ معروفه *** ولا يليق المطل بالحرِّ

قد يقول قائل: هو زاد عليَّ في سعر السلعة عندما كانت لأجل، فلماذا أعجِّل له الوفاء؟ الجواب: لأن الله عز وجل يقول: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}، فما دامت الأمور تيسرت فأبرئ ذمتك، لأنك ربما أن تتصرف بالمال، وعند حلول الأجل تصبح معسراً فتقع بالخلف بالوعد الذي هو وصف المنافقين، فأيُّهما أحبُّ إليك؟ طيب الذكر والثناء الحسن الجميل أم وصف المنافقين: (وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ) رواه البخاري ومسلم؟

والغالب في التجارة لا تكون زيادة في سعر السلعة بالنسبة لتاجر الجملة وتاجر المفرَّق.

التزم الصدق في وعدك:

تذكَّر يا أخي التاجر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وتذكَّر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا. وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) رواه مسلم.

فكن صادقاً مع أخيك التاجر، والتزم الوعد لتكون مع النبيين، وكذلك كلُّ مَدين عليه أن يلتزم الصدق في الوعد لينال هذا الشرف، حيث إن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة. ورحم الله من قال:

ولقد وعدتَ وأنت أكرمُ واعد *** لا خير في وعد بغير تمام

أنعم عليَّ بما وعدت تكرُّماً *** فالمَطلُ يُذهب بهجة الإنعام

فكن كريماً إذا وعدت، وكما قالوا: وعدُ الحرِّ عليه دين، لذلك قال بعضهم:

وميعاد الكريم عليه دين *** فلا تزد الكريمَ على السلام

يذكِّره سلامك ما عليه *** ويغنيك السلام عن الكلام

وقال بعضهم:

إذا قلت في شيء (نعم) فأتِمَّه *** فإن (نعم) دَينٌ على الحر واجبُ

وإلا فقل (لا) تسترح وترح بها *** لئلا يقول الناس إنك كاذب

أحقُّ ما وفَّيتم به الشروط:

ومن أحقِّ من وفَّيت له حقه هي زوجتك، وفِّ زوجتك حقَّها من المهر والذهب، ومن التركة التي حازت عليها من مورِّثها، ومن مرتَّبها إذا كنت تأخذ على أساس الدين، وذلك لما رواه البخاري في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ).

أيها الزوج: أين أنت من الوفاء بالشروط التي اشترطتَها على نفسك وقبِلت بها قِبل زوجتك؟ من المقدم والمؤخر والذهب واللباس والسكن وحسن العشرة، وطيب الكلمة، ولين الجانب... وخاصة عندما تجعل الله شهيداً عليك وكفيلاً لك.

أيها المَدين تعلَّم كيف يكون الوفاء؟

أيها المدين تعلَّم كيف يكون الوفاء وخاصة عندما تقول للدائن: الله الوكيل والله الشهيد على صدق أقوالي، واسمع أيها المَدين إلى هذا الحديث الشريف الذي يتعلَّم منه الكمالَ من أراد الكمال.

أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فَقَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، قَالَ: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً، قَالَ: صَدَقْتَ).

هناك بعض الناس ممن يستغلون إيمان الناس ويتظاهرون بأنهم من أهل الالتزام والاستقامة، فيأتي أحدهم ليشتري أو يشارك، فيقول له الطرف الثاني: ائتني بالشهود، لأن الله عز وجل يقول: {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ}، فيقول: الله شهيد ألا ترضى بذلك؟ يقول له: ائتني بكفيل عوضاً عن الرهان المقبوضة، فيقول له: الله عز وجل هو الكفيل، فيوافق البائع أو الدائن على ذلك، فإذا بهذا الإنسان المشتري المَدين ينقض العهد، وينكر ربما القرض كله أو البيع كله، فإذا ما ذهبا إلى طالب العلم يقول لهما: (البينة على المدَّعي واليمين على من أنكر) رواه البيهقي، والبيِّنة من جملتها الشهود، يقول له: أين الشهود من البشر؟ وهنا ربما أن يضيع الحق، ويكون الإنسان مخادعاً أكل الدنيا بدينه، والله عز وجل حذَّر من ذلك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ}، هؤلاء اليهود والنصارى، بعلمهم ورهبانيتهم يخادعون الناس، فهل يليق هذا بالمؤمن؟ وخاصة بعد قوله: الله شهيد، الله كفيل؟

نرجع إلى تتمة الحديث الشريف:

(فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا.

فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلاً فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً، فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا. فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ).

نعم هكذا يكون شأن الإنسان المسلم الذي يعطي صورة حسنة عن إيمانه بالله عز وجل، وكأن هذا العبد تجسَّد فيه قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين}.

الإنسان المؤمن يحاول جاهداً إعطاء الصورة الحسنة عن إيمانه، حتى لا يكون سبباً في تنفير الناس من دينهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام ، الله الله لا يؤتى الإسلام من قبلك) رواه محمد بن نصر المروزي في كتاب السنة.

(ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ.

ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ.

قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا).

ومن خلال هذا يتعلَّم أحدنا كيف يكون الإخلاص في العمل، عندما قال لصاحبه: (أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ).

ويتعلم كذلك كيف تكون الأمانة والصدق وعدم الطمع بأموال الناس، عندما قال الآخر لصاحبه: (فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ).

نعم هذا هو شأن الإنسان المؤمن الصادق، فاحذر أن تعطي صورة سيئة عن إسلامك وإيمانك، وإياك أن تخادع الناس باسم الدين، فكم من تمسكن باسم الدين ليأكل به الدنيا.

هذا ليس من شأن المسلم، نعم هذا شأن بعض أهل الكتاب من يهود ونصارى، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} فهل تتشبَّه بهم؟ هل تستغل إيمانك بالله في ذلك؟

لا تطمع بما في أيدي الناس:

أيها المدين لا تطمع بما في أيدي الناس، لأن الله عز وجل خاطب الجميع بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد}، اطمع بما في يد الله عز وجل، فإنَّ طمعك بما في أيدي الناس يجعلهم يكرهونك، وطمعك بما في يد الله يجعلك محبوباً عند الله تعالى وعند الناس، ولذلك جاء التوجيه من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لرجل سأله عملاً يحبه الله تعالى به ويحبه الناس.

جاء في سنن ابن ماجه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ).

صورة من الزهد عجيبة:

واسمع إلى هذه الصورة من صور الزهد العجيبة. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ.

فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ.

فَقَالَ الَّذِي شَرَى الأَرْضَ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا.

قَالَ: فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلامٌ، وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ، قَالَ: أَنْكِحُوا الْغُلامَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِكُمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا).

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

السعيد حقاً من خرج من الدنيا وذمته بريئة أمام الله عز وجل من حقوق العباد، حتى لا يكون رهيناً في قبره، وحتى لا يكون مفلساً يوم القيامة، لأن حقوق العباد مبنية على المشاحة، أما حقوق الله تعالى فمبنية على المسامحة.

نرجو الله تعالى أن يعاملنا بفضله لا بعدله، وأن تكون ذمتنا بريئة أمام العباد، وأن يتحمل عنا التبعات برحمته. آمين. وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

**     **     **