828ـ خطبة الجمعة: مراتب صيام عاشوراء

828ـ خطبة الجمعة: مراتب صيام عاشوراء

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَزِيزِ: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾. وَمِنْ أَيَّامِ اللهِ يَوْمُ عَاشُورَاءَ.

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟».

قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى.

قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ» فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.

صِيَامُ عَاشُورَاءَ:

يَا عِبَادَ اللهِ: صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يَقُولُ فِيهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَفي رِوَايَةٍ للإِمَامِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا».

وَفي رِوَايَةٍ للإِمَامِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ».

وَقَدْ قَالَ الفُقَهَاءُ: إِنَّ صِيَامَ عَاشُورَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَرَاتِبَ:

المَرْتَبَةُ الأُولَى: صِيَامُ اليَوْمِ التَّاسِعِ وَالعَاشِرِ وَالحَادِي عَشَرَ.

المَرتَبَةُ الثَّانِيَةُ: صِيَامُ اليَوْمِ التَّاسِعِ وَالعَاشِرِ.

المَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: صِيَامُ اليَوْمِ العَاشِرِ وَالحَادِي عَشَرَ.

وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى اليَوْمِ العَاشِرِ فَلَا حَرَجَ.

التَّوْسِعَةُ في يَوْمِ عَاشُورَاءَ:

يَا عِبَادَ اللهِ: وَقَدِ اسْتَحَبَّ بَعْضُ الفُقَهَاءِ التَّوْسِعَةَ عَلَى العِيَالِ وَالأَهْلِ في يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ سَنَتِهِ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: هَلُمُّوا لِصِيَامِ عَاشُورَاءَ في أَعْلَى مَرَاتِبِهَا، صُومُوا التَّاسِعَ وَالعَاشِرَ وَالحَادِيَ عَشَرَ، وَوَسِّعُوا عَلَى عِيَالِكُمْ فِيهَا.

وَيَا أَرْبَابَ الَعَمَلِ، وَسِّعُوا عَلَى عُمَّالِكُمْ في هَذَا اليَوْمِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى يُوَسِّعُ عَلَيْكُمْ، وَفَرِّجُوا كُرُبَاتِهِمْ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ».

أَنْفِقُوا يُنْفَقْ عَلَيْكُمْ، أَكْرِمُوا عِبَادَ اللهِ يُكْرِمْكُمُ اللهُ تعالى ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا يُرْضِيكَ عَنَّا. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **    **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 7/محرم /1444هـ، الموافق: 5/ آب / 2022م