832ـ خطبة الجمعة: سيدنا عثمان الحياء رضي الله عنه وأرضاه

832ـ خطبة الجمعة: سيدنا عثمان الحياء رضي الله عنه وأرضاه

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: جِيلٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الأَمَانَةَ، وَحَفِظَ القُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، وَلَو فَرَّطَ فِيهِمَا لَمَا وَصَلَا إِلَيْنَا سَالِمَيْنِ مَحْفُوظَيْنِ بِحِفْظِ اللهِ تعالى لَهُمَا، لِذَلِكَ فَإِنَّ الطَّعْنَ في هَذَا الجِيلِ حَقِيقَةً إِنَّمَا هُوَ طَعْنٌ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ خَطِيرَةٌ جِدًّا.

جِيلٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ مَوْصُوفٌ بِالخَيْرِيَّةِ وَالأَفْضَلِيَّةِ المُطْلَقَةِ عَلَى سَائِرِ الأَجْيَالِ السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ.

جِيلٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ، وَخَيْرِيَّتُهُ مُطْلَقَةٌ، اتَّصَفَ بِهَا حَتَّى صَارَ مَثَلًا أَعْلَى للمُسْلِمِينَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، فَهُمْ يَتَطَلَّعُونَ إِلَيْهِمْ، وَيَعْتَزُّونَ بِهِمْ، وَيَقْتَدُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَيَسْتَرْشِدُونَ بِسَيْرِهِمْ حَتَّى يَنَالُوا الرِّضَا مِنَ اللهِ تعالى، وَجَنَّاتِ النَّعِيمِ، قَالَ تعالى مَادِحًا هَذَا الجِيلَ وَكُلَّ مَنْ سَارَ سَيْرَهُ: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

سَيِّدُنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ:

يَا عِبَادَ اللهِ: مِنْ هَؤُلَاءِ العُظَمَاءِ الرَّجُلُ الحَيِيُّ الذي إِذَا ذُكِرَ ذُكِرَ مَعَهُ الحَيَاءُ، وَإِذَا ذُكِرَتْ صِفَةُ الحَيَاءِ ذُكِرَ مَعَهَا؛ إِنَّهُ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عُثْمَانُ الحَيَاءُ، عُثْمَانُ الصِّدْقُ وَالإِيمَانُ، عُثْمَانُ البَذْلُ وَالعَطَاءُ.

سَيِّدُنَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ الشَّيْخَيْنِ، الذي شَهِدَ بِحَيَائِهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ». كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ ـ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ـ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ».

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذٌ، إِلَّا أَنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» رَوَاهُ الحَاكِمُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

سَيِّدُنَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الرَّجُلُ الوَحِيدُ الذي تَزَوَّجَ ابْنَتَيْ سَيِّدِ الخَلْقِ وَحَبِيبِ الحَقِّ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، تَزَوَّجَ أَوَّلًا مِنَ السَّيِّدَةِ رُقَيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، وَلَمَّا تَوَفَّاهَا اللهُ تعالى زَوَّجَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ السَّيِّدَةَ أُمَّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، رَوَى ابْنُ مَاجَه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ عُثْمَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، عَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا».

وَكَانَتِ السَّيِّدَةُ أُمُّ كُلْثُومٍ تَشْهَدُ بِخَيْرِيَّتِهِ، عِنْدَمَا سَأَلَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا جَاءَ في كَنْزِ العُمَّالِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا زَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ قَالَ لِأُمِّ أَيْمَنَ: هَيِّئِي ابْنَتِي أُمَّ كُلْثُومٍ وَزُفِّيهَا إلى عُثْمَانَ وَخَفِّقِي بَيْنَ يَدَيْهَا بِالدُّفِّ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَجَاءَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: «كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ؟».

قَالَتْ: هُوَ خَيْرُ بَعْلٍ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّهُ أَشْبَهُ النَّاسِ بِجَدِّكِ إِبْرَاهِيمَ وَأَبِيكِ مُحَمَّدٍ.

وَلَمَّا تُوُفِّيَتِ السَّيِّدَةُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «زَوِّجُوا عُثْمَانَ، لَو كَانَ لِي ثَالِثَةٌ لَزَوَّجْتُهُ، وَمَا زَوَّجْتُهُ إِلَّا بِالْوَحْيِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ عِصْمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

يَقُولُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: إِنَّمَا سُمِّيَ عُثْمَانُ ذَا النُّورَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَحَدٌ أُغْلِقَ بَابُهُ عَلَى ابْنَتَيْ نَبِيٍّ غَيْرُهُ. كَذَا في كَنْزِ العُمَّالِ.

وَكَانَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ عَنْهُ: ذَاكَ امْرُؤٌ يُدْعَى في المَلَأِ الأَعْلَى: ذَا النُّورَيْنِ. كَذَا في كَنْزِ العُمَّالِ.

سَيِّدُنَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الرَّجُلُ المِعْطَاءُ المُنْفِقُ الذي لَا مَثِيلَ لَهُ، وَعِنْدَمَا تُذْكَرُ الصَّدَقَاتُ، يُذْكَرُ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ وَجَيْشُ العُسْرَةِ الذي جَهَّزَهُ مِنْ مَالِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَقَالَ فِيهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ» كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَبَّابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحُثُّ عَلَى جَيْشِ العُسْرَةِ، فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَيَّ مِئَةُ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ.

ثُمَّ حَضَّ عَلَى الجَيْشِ، فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَيَّ مِئَتَا بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ.

ثُمَّ حَضَّ عَلَى الجَيْشِ، فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلَيَّ ثَلَاثُ مِئَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ.

فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ عَنِ المِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: «مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ، مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ»

وَفي رِوَايَةٍ للحَاكِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَفَرَّغَهَا عُثْمَانُ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّبُهَا وَيَقُولُ: «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ» قَالَهَا مِرَارًا.

وَالكُلُّ يَذْكُرُ عَطَاءَهُ في زَمَنِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَمَا قَحَطَ النَّاسُ، وَجَاءَتْهُ مِئَةُ رَاحِلَةٍ مُحَمَّلَةٌ بِالطَّعَامِ، فَجَعَلَهَا صَدَقَةً عَلَى فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ.

سَيِّدُنَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ إِذَا ذُكِرَ ذُكِرَ مَعَهُ جَمْعُ القُرْآنِ، وَذُكِرَتْ مَعَهُ الفُتُوحَاتُ، وَذُكِرَ مَعَهُ كَثْرَةُ تَعَلُّقِهِ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَكَثْرَةُ تِلَاوَتِهِ، وَكَانَ يَقُولُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَوْ أَنَّ قُلُوبَنَا طَهُرَتْ مَا شَبِعْنَا مِنْ كَلَامِ رَبِّنَا، وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ؛ وَمَا مَاتَ عُثْمَانُ حَتَّى خُرِقَ مُصْحَفُهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُدِيمُ النَّظَرَ فِيهِ. رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى مَعْرِفَةِ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ الذينَ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُغَيِّرُوا وَلَمْ يُبَدِّلُوا حَتَّى تَوَفَّاهُمُ اللهُ تعالى؟ كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى مَعْرِفَةِ رِجَالٍ رَبَّاهُمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْزِلَتَهُ، هَذَا سَيِّدُنَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ. رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِأَنْ نَسِيرَ سَيْرَ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ في الحُبِّ وَالاحْتِرَامِ، وَإِنْزَالِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **    **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 6/صفر الخير /1444هـ، الموافق: 2/ أيلول / 2022م