78ـ نحو أسرة مسلمة: المتبرجة امرأة لكل الرجال

 

خلاصة الدرس الماضي:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد عرفنا في الدرس الماضي بأنَّ معصية التبرج ليست مقصورة على المرأة المتبرِّجة، بل يشترك في الإثم معها ولي أمرها إذا رضي بذلك، وكذلك زوجها، ويشترك معها كلُّ من شهدها ولم ينكر عليها، والذي يتحمَّل الإثم الأكبر هو من أفتاها بجواز التبرُّج والعياذ بالله تعالى.

المتبرِّجة امرأة لكلِّ الرجال:

أيها الإخوة الكرام: إن المرأة المتبرِّجة عندما تخرج من بيتها وهي تحدِّث نفسها: ما رآني أحد إلا أعجبته، لسان حالها يقول: ألا تنظرون إلى هذا الجمال؟ هل من راغب في القرب والوصال؟ المتبرِّجة تعرض جمالها في الشوارع كما يعرض التاجر سلعته وهي مزيَّنة بالألوان الزاهية ليسترعي الأنظار ويغري النفوس ويثير الشهية، فتُرَوَّج بضاعته، ويكثر المشترون ويتهافت الطُّلاب والجياع النَّهِمون.

المتبرِّجة تتلاقى عليها الأنظار، وتتهافت عليها القلوب، يستمتع بمرآها كلُّ رجل، فتصبح ملكاً للجميع، وبذلك تستحقُّ أن تكون امرأة لكلِّ الرجال.

هل تقبل الشريفة هذا؟

أيها الإخوة: سلوا المرأة الشريفة الطاهرة العفيفة، هل تقبل أن تطاردها الذئاب البشرية كما يطاردون المرأة المتبرِّجة؟ هل ترضى أن تسمع ما يخجلها ويؤذيها إن هي تشبَّهت بمن لا كرامة ولا شرف لها؟ هل ترضى الشريفة الطاهرة أن تُضيِّع عزتها وكرامتها وشرفها وتصبح كتلك المرأة التي عرَّضت نفسها للمهانة والازدراء؟

المرأة الشريفة لا ترضى أن تَعرِضَ جمالها أمام غيرِ الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن العظيم بقوله: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون}.

المرأة الشريفة حياؤها يمنعها أن تكون مبعث إثارة الشهوات في نفوس الرجال، المرأة الشريفة مظهرها يدلُّ على مخبرها، ظاهرها يدلُّ على باطنها، مظهرها يدلُّ على إيمانها بربها عز وجل الذي صانها وفرض عليها الحجاب وبيَّن الحكمة منه، وذلك بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.

المرأة المتحجِّبة هي التي تميَّزت عن غيرها من النساء المتبرِّجات اللواتي يتعرضن لإيذاء الفسَّاق الفجار الذين ليس لهم إلا الشهوات العاجلة التي تُضيِّع الأنساب وتُخرِّب البيوت العامرة والعياذ بالله تعالى.

معصية التبرُّج من ورائها معاصٍ أخرى:

أيها الإخوة الكرام: إن معصية التبرُّج من ورائها معاصٍ أخرى، وكلُّ هذه المعاصي في صحيفة هذه المرأة المتبرِّجة، من هذه المعاصي التي تتحمَّلها المتبرِّجة زنا العين، وزنا الأذن، وزنا اللسان، وزنا اليد، وزنا الرجل.

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الكَلامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ).

هناك زنا مجازي، وهناك زنا حقيقي، وإنَّ الزنا المجازي يؤدي إلى الزنا الحقيقي والعياذ بالله تعالى، فمن الزنا المجازي زنا العين بالنظر الحرام، ومن الزنا المجازي زنا الأذن بالاستماع إلى كل ما يتعلَّق بإثارة الفتن والشهوات المحرمة، ومن الزنا المجازي زنا اللمس باليد بالمصافحة وما شاكلها، ومن الزنا المجازي زنا الرجل بالمشي لاقتراف الزنا الحقيقي والعياذ بالله تعالى.

ما صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أجنبية:

أيها الإخوة: المرأة المتبرِّجة عندما تذهب إلى مزيِّن الشعر والوجه ـ والعياذ بالله تعالى ـ فإنها تأذن له بزنا العين واليد، حيث ينظر إليها ويلمس جسدها، وقد ورد وعيد شديد فيمن يمسُّ امرأة لا تحلُّ له، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ) رواه الطبراني.

ومن المعلوم عندنا جميعاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما صافح امرأة لا تحل له، وهو المعصوم الذي لا يَشُك في نزاهته وطهارته وسلامة قلبه أحدٌ، روى البخاري عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ بَايَعْتُكِ كَلاماً، وَلا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، مَا بَايَعَهُنَّ إِلا بِقَوْلِهِ قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكَ).

دليل تحريم المصافحة:

أيها الإخوة الكرام: هناك من يقول: صحيح بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ما صافح امرأة أجنبية وهذه من خصوصياته، ولم يرد دليل صحيح على تحريم المصافحة، من قال هذا الكلام هو إمَّا غبيٌّ جداً وإما داعٍ إلى فتنة، ربُّنا عز وجل يقول: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}. أمرهم الله تعالى بغضِّ البصر خوفَ الوقوعِ في الفتنة، فإذا كان أَمَرَهُم بِغَضَّ البصر خشية الفتنة، فإنَّ تحريم اللمس والمصافحة من باب أولى، لأن لمسَ اليدين والمصافحة أقوى في إثارة الغريزة، وأقوى داعٍ إلى الفتنة من النظر بالعين، وكلُّ منصفٍ عاقل يعلم صحة ذلك.

وأقول لمن يقول: المصافحة ما ثبت تحريمها، أما ثبت عندك بأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صافح امرأة أجنبية؟ الجواب: لقد ثبت.

فإذا ثبت لك هذا، فكيف تجيز المصافحة، وأنت تعلم عصمة النبي صلى الله عليه وسلم وطهارته، وأنت تعلم بأنَّك لست معصوماً، وأنك معرَّض للفتنة؟ وقال العلماء: الحديث الضعيف خير من آراء فحول الرجال.

فالمرأة المتبرِّجة في الحقيقة تعيث في الأرض فساداً، ترتكب المعصية وتوقع الآخرين في المعصية وستجد ذلك في صحيفة عملها يوم القيامة والعياذ بالله تعالى، المرأة المتبرِّجة تحمل وزرها ووزر الآخرين، كما قال تعالى: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُون}.

معصية الاختلاط:

أيها الإخوة الكرام: معصية التبرُّج تجرُّ من ورائها معاصي كثيرة والتي من جملتها الاختلاط بالرجال، لأنه في الحقيقة ما تبرجت المرأة السافرة إلا لتختلط بالرجال بعد شدِّ أنظارهم إليها، مع أننا جميعاً نعلم بأنَّه يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء الأجانب بدون حجاب ووجود محرم، ومن منَّا لم يحفظ قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.

لقد بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في الزجر عن الدخول على النساء وخاصة لقريب الزوج، لأنَّه قد جرت العادة بين الناس على التساهل في ذلك، هذا أخ الزوج وهذا عمه وهذا خاله وهذا صهره.

لقد سمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخول قريب الرجل على امرأته وهو غير محرم لها باسم الموت، ولا شك أن تلك العبارة هي أبلغ عبارة في التحذير، لأن الموت أفظع حادث يأتي على الإنسان في الدنيا.

الاختلاط صار أمراً عادياً مألوفاً بين الزوجة وأقارب الزوج، بل وجد بعض الرجال من يسمح لمحارمه بمجالسة الأصدقاء، ويحدث بعد ذلك تبادل النظرات، وربما المصافحات، والضحكات... فهل هذا من الإسلام في شيء؟

وقد وصل بنا الأمر إلى أسوأ من ذلك بكثير، المطاعم المختلطة، الحفلات المختلطة، المسابح المختلطة، ثم يزعم البعض أن هذه الاختلاطات كلها شريفة وطاهرة ونزيهة، ولا يجوز أن نكون من المتعصِّبين، ولا يجوز أن نكون من المتخلِّفين، غيرنا سبقنا ونحن قاعدون.

تساهل بالتبرُّج، تساهل بالاختلاط مع أقارب الزوج، حتى وصلنا إلى المسابح المختلطة، والعياذ بالله تعالى، وبذلك دُمِّرت البيوت من حيث ندري ومن حيث لا ندري ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عواقب ونتائج التبرُّج:

أيها الإخوة الأحبة: إذا أردنا أن نستعرض أخطار التبرُّج والاختلاط بغضِّ النظر عن عقوبته الأخروية التي هي حرمان المتبرِّجة من الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. فإنَّ أخطارها نراها واضحة في المجتمع الغربي، ونسأل الله تعالى أن يحفظ مجتمعنا من سوء التبرُّج وعواقبه.

من عواقب ونتائج التبرُّج ما يلي:

1ـ حلول الزنا والسفاح محلَّ الزواج الشرعي.

2ـ فساد الأسرة وانهدام العائلة وتفشي الطلاق.

3ـ شيوع الفواحش وسيطرة الشهوات.

4ـ انهيار الاقتصاد لضعف القوى وقلة الإنتاج وفساد التجارة.

5ـ القضاء على النسل البشري والنوع الإنساني، بسبب زوال الأسرة الزوجية، وحلول الزنا محلَّ الزواج علماً بأن الزانية لا ترغب بالحمل فتحاول الخلاص منه بكلِّ وسيلة، كما أنه مهدَّد بعدم رغبة الزوجين بالولد لاعتباره في نظرهم مصيبة نزلت عليهم.

6ـ انتشار العادات السيئة كعملية الاستمناء واللواط والسحاق، وخصوصاً بين المراهقين والمراهقات.

7ـ ظلم المواليد والأطفال، فالمولود تحضنه دور الحضانة لانشغال أمه عن حضانته بالوظيفة واللهو، فيعيش الطفل محروماً من حياة الأسرة المترابطة، كما يعيش حياة موبوءة بالأمراض حيث أنه يتعرَّض للعدوى ممن حوله من أطفال الحضانة، وبالتالي فهو محروم من الحياة الصحية اللائقة.

8ـ الإساءة إلى المرأة بالذات، فالمرأة حين تخرج من بيتها إلى المجتمع المختلط تحاول أن تستأثر بنفسها دون زميلاتها بإعجاب الرجال بها، ولفت أنظارهم إليها، فتراها تسعى لأن تلبس أجود القماش وأحدث الأزياء، وأن تستعمل جميع وسائل الزينة من مساحيق وأصباغ وتجميلات في الوجه واليدين، وإن وجدت مع نساء سبقنها وتفوَّقْنَ عليها في ذلك حَسَدَتْهنَّ، وحقدت عليهنَّ وضاقت بهنَّ ذرعاً، وامتلأت منهنَّ غيظاً، وأصابها همٌّ وغمٌّ وحسرة وحزن، تجدها إما متكبِّرة متعالية، وإما حاقدة حاسدة، وهذه أمراض خطيرة في النفس، وآفات مضعفة للعقل، بالإضافة إلى ضياع الوقت وإهمال البيت.

كما أن خروج المرأة متبرِّجة متزيِّنةً مخالطةً للرجال يُعرِّضُ عفافها وعِرضها للأذى والسوء والفحشاء، وخصوصاً من قبل الأشرار والسفهاء، فإن وافقتهم خرَّبت بيتها، وهدمت أسرتها، وخانت زوجها، وإن مانعتهم عرَّضت نفسها للتهم والظنون والريب والشكوك، مما يؤثر تأثيراً خطيراً على حياتها مع نفسها وزوجها وأولادها وأسرتها.

9ـ شقاء الروح والقلب بسبب أن المجتمع المختلط المتبرِّج في غفلة عن الله والإيمان به والتصديق برسله ورسالاته.

هذه الأخطار واقعة وملموسة، ويدركها الجميع، ولا يكابر فيها إلا من كان فاسد القلب والعقل، أعمى البصيرة، وهي أخطار أخروية ودنيوية، ويَصْدُقُ على من تعرَّض لها قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة الكرام: بعد هذا الذي ذكرناه من التبرج وما يعقبه من نتائج لا يسع المرأة المسلمة التي رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً إلا الاتباع والانصياع لأوامر الله تعالى، وذلك من أجل مصلحتها الدنيوية والأخروية.

وإني أحذِّر المرأة المسلمة من بعض الحجج الواهية التي تلقيها على مسامعها بعض المتبرِّجات لتبرِّر لها معصية التبرُّج، ومما لا شك فيه بأن العاصي إذا برَّر معصيته فإنه لا يراها معصية، وإذا لم يرها معصية فلن يستغفر الله عز وجل إذا وقع فيها، وبذلك يستدرجه الشيطان لارتكاب معاصي أخرى.

لذلك سوف نتعرَّض لبعض تلك الحجج الواهية ونرد عليها بإذن الله تعالى في الدروس القادمة إن شاء الله تعالى.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

**     **     **