53ـ مشكلات وحلول: اشترطت على زوجها أن لا يتزوَّج عليها

 

سؤال: هل يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها أثناء العقد أن لا يتزوَّج عليها؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى الإمام الترمذي عن كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ المُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلا شَرْطًا حَرَّمَ حَلالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا).

وروى الإمام البخاري ومسلم عَن السيدة عائِشَةَ رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ).

وروى الإمام البخاري عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ).

ومن خلال هذا اختلف الفقهاء في مثل هذا الشرط، هل هو مُلزمٌ للزوج أم ليس بمُلزم، وهل يؤثر على صحة العقد أم لا؟

فذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ هذا الشرط لا يؤثِّر في صحة العقد، والعقد يكون صحيحاً، إلَّا أنَّهم اختلفوا هل هذا الشرط مُلزمٌ أم لا؟

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ هذا الشرط ليس بملزم، لأنَّه يحرِّم الحلال، ولأنَّ الشرع لا يقتضيه، وليس من مصلحة العقد ولا مقتضاه. وبإمكان المرأة إذا تضرَّرت بزواج زوجها عليها أن تطلب منه المخالعة.

وخالف في ذلك الحنابلة وقالوا: الزواج صحيح والشرط مُلزِم للزوج يجب الوفاء به، لأنَّ الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالعُقُودِ}. ولأنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ).

وبناء على ذلك:

فهذا الشرط لا يؤثر على صحة العقد، وعند جمهور الفقهاء هو شرط غير مُلزِم للزوج، خلافاً للسادة الحنابلة الذين قالوا بوجوب التزام الزوج بهذا الشرط. هذا، والله تعالى أعلم.  

**      **      **

تاريخ المقال:

الخميس: 15/ربيع الثاني/1433 هـ الموافق: 8/آذار /2012م