1ـ مع الحبيب المصطفى: ما أجملها من كلمة وأحلاها منك يا سيدي

 

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

1ـ ما أجملها من كلمة وأحلاها منك يا سيدي يا رسول الله

صلى الله عليك وعلى آلك وصحبك وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيأيُّهَا الإخوَةُ الكرام: ما أجمَلَ هذهِ الكَلمةَ وأحلاهَا عندما تَصدُرُ من فَمٍ طَاهرٍ صَادِقٍ مَعصومٍ شَهِدَ اللهُ تعالى بِطهارتِهِ ونزاهتِهِ بقولِهِ تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾.

ما أجمَلَ كلمةَ أَنَا وهيَ تخرُجُ من فَمِهِ الطَّاهِرِ الشَّريفِ الذي ما خَرَجَ منهُ إلا حقٌّ، كما قالَ عن ذاتِهِ الشَّريفَةِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ». رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما. وما خَرَجَت كلمَةُ أَنَا من فَمِهِ الشَّريفِ إلا امتِثَالاً لأَمرِ اللهِ تعالى القائِلِ لهُ: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث﴾.

من أنتَ يا سيِّدي يا رسولَ الله؟

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: تَعالوا لِنَسأَلَ سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ونقولَ لهُ: مَن أنتَ يا سيِّدي يا رسولَ اللهِ؟ لأنَّ خيرَ من يَعرِفُ العبدَ هوَ نَفسُهُ.

ونحنُ إذ نقولُ له: يا سيِّدي يا رسولَ اللهِ من أنتَ؟ لأنَّا عَرَفناهُ الصَّادقَ الأمينَ، الذي ما عَرَفَت عليهِ الأمَّةُ إلَّا صِدقَاً، فَمَن هوَ سَيِّدُنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

أولاً: هوَ خيرُ النَّاسِ نَفْسَاً: روى الإمام أحمد والترمذي عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: (جَاءَ الْعَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُ سَمِعَ شَيْئاً، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: «مَنْ أَنَا؟» فَقَالُوا: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْكَ السَّلَامُ، قَالَ: «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتاً فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتاً، وَخَيْرِهِمْ نَسَباً، فَأَنَا خَيْرُكُمْ بَيْتاً وَخَيْرُكُمْ نَفْساً».

ثانياً: هوَ أولَى بالمُؤمنينَ من أَنفُسِهِم: روى الإمامُ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ».

وروى الإمام البخاري أيضاً عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ».

ثالثاً: هوَ أوَّلُ النَّاسِ خُروجَاً حينَ البَعثِ: روى الترمذي عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجاً إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا، لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ».

رابعاً: لم يُصدَّقْ نبيٌّ من الأنبياءِ مثلُهُ: روى الإمام مسلم عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ شَفِيعٍ فِي الْجَنَّةِ، لَمْ يُصَدَّقْ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيَّاً مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ».

خامساً:هوَ إمامُ النَّبيِّينَ وخطيبُهُم ومُفَضَّلٌ عليهِم:  روى الترمذي عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كُنْتُ إِمَامَ النَّبِيِّينَ وَخَطِيبَهُمْ، وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ غَيْرُ فَخْرٍ».

وروى الإمام مسلم عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُوراً وَمَسْجِداً، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ».

سادساً: هوَ سيِّدُ النَّاسِ: كما جاءَ في صحيحِ البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْماً بِلَحْمٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وفي آخر الحديث يقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِداً لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يَفْتَحْهُ لِأَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَبْوَابِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى».

سابعاً: حِرصُهُ على أُمَّتِهِ في عَرَصَاتِ يومِ القِيامَةِ: روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُا، أَنَّهَا ذَكَرَتْ النَّارَ فَبَكَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُبْكِيكِ» قَالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَداً عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ، وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ، أَفِي يَمِينِهِ، أَمْ فِي شِمَالِهِ، أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ».

ولكنَّ الحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَفَقَّدُ أصحابَهُ.

خاتمة نسألُ اللهَ تعالى حُسنَهَا:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: أجملُ كلمَةِ «أَنَا» وأَصدَقُهَا هيَ التي صَدَرَت من سيِّدِنَا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لأنَّهُ عَظُمَت مَنزِلَةُ الله عندَهُ، فَعَظُمَت مَنزِلَتُهُ عندَ ربِّهِ، حتَّى قالَ لهُ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾.

ولكنَّ السُؤال: هل رأيتُم أو سَمِعتُم عن هذا الحبيبِ صاحِبِ هذهِ المَكانَةِ والمَنزِلَةِ عندَ اللهِ تعالى أنَّ الكِبرَ قَرُبَ من مَقامِهِ الشَّريفِ؟ حاشاهُ من ذلكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

أسألُ اللهَ تعالى أن يجعلَ إيمانَنَا بهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حُجَّةً لَنَا لا علينَا. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

 

الخميس: 10/ربيع الأول /1434هـ، الموافق: 21/كانون الثاني / 2013م