2ـ مع الحبيب المصطفى: كلما عظُمت النعمة عَظُم التَّواضع

 

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

2ـ كلما عظُمت النعمة عظم التواضع

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيأيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد أَمَرَ الحبيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أن يُحدِّثَ الأمَّةَ بِنِعمَةِ اللهِ عزَّ وجل عليهِ، وذلكَ من أجلِ أن تَعرِفَ حقَّهُ ومِقدارَهُ، وتُعظِّمَهُ وتُوَقِّرَهُ، وتُحبَّهُ وتتَّبِعَهُ، لِتَفوزَ الأمَّةُ بعد ذلكَ بِمَحبَّةِ اللهِ عزَّ وجلَّ لها، قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَّحِيم﴾. والاتِّباعُ الكامِلُ لا يكونُ إلا بعدَ المَحبَّةِ، والمَحبَّةُ لا تكونُ إلا بعدَ المَعرِفَةِ.

وخيرُ من يُعرِّفُنا على سيِّدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هوَ اللهُ تعالى، ثمَّ الحبيبُ الأعظمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي ﴿مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾. لذلك قال عن ذاتِهِ الشَّريفةِ:

أولاً: ما روى الإمامُ مسلم عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». كلامٌ لا يستطيعُ أحدٌ أن يَقتبِسَهُ أو أن يَصِفَ بهِ نفسَهُ، إلا الصَّادِقُ الأمينُ.

ثانياً: ما روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِالسُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَأَنْظُرَ إِلَى بَيْنِ يَدَيَّ فَأَعْرِفَ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ».

حافِظوا على الطَّاعَاتِ فإنَّ لَهَا أثراً على الجَوارِحِ، وبها يُعرَفُ المُتَّبِعُ من المُبتَدِعِ، وبها تُنالُ شفاعَةَ سيِّدِنا محمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ثالثاً: ما روى الإمام أبو يعلى عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوَّلُ مَن يُفتُحُ لَهُ بابُ الجَنَّةِ، إلا أَنَّهُ تَأتِي امرأةٌ تُبَادِرُنِي فَأَقولُ لَهَا: مَا لَكِ؟ وما أَنتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا امرأةٌ قَعَدتُ على أَيتَامٍ لِي».

يا أُختاهُ، يا مَن رُمِّلتِ في هذهِ الظَّروفِ القاسِيَةِ الصَّعبَةِ، وقَعَدتِ على تربيةِ هؤلاءِ اليتامى، أما يُرضيكِ أن تكوني بجانِبِ سيِّدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟.

وماذا سيقُول مَن رمَّلَ النِّساءَ ويتَّمَ الأطفالَ، ومَن كانَ سبباً في ترميلِهِم وتيتيمِهِم للهِ ولِرسولِهِ يومَ القِيامَةِ؟

رابعاً: ما روى البزار عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا خَاتَمُ الأنبياءِ، ومَسجِدِي خَاتَمُ مَساجِدِ الأَنبِيَاءِ، أَحَقُّ المَساجِدِ أن يُزارَ وَتُشَدَّ إِليهِ الرَّوَاحِلُ الَمسجِدُ الَحرامُ وَمَسجِدِي، وصلاةٌ في مَسجِدِي أَفضَلُ مِن أَلفِ صَلاةٍ فِيمَا سِواهُ مِنَ المَساجِدِ، إلَّا المَسجِدُ الحَرامُ».

الصَّلاةُ في مسجِدِ الحبيبِ الأعظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أفضَلُ من ألف صلاةٍ فيما سِواهُ، وضريحُ الحبيبِ الأعظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وصاحبَيهِ رضيَ اللهُ عنهُما فيهِ.

خامساً: ما روى الإمام مسلم عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، أَوْ لَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ، لَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي». من يستَطيعُ ويجتَرِئُ أن يقولَ مثلَ هذا الكلامِ سوى الحبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فهنيئاً لمن رآهُ في المنامِ فإنَّهُ سوفَ يراهُ في اليَقَظَةِ قبلَ أن يموتَ إن شاءَ اللهُ تعالى.

سادساً: ما روى البزار عن عمارٍ بنِ ياسرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ اللهَ وَكَّلَ بِقَبرِي مَلَكَاً أَعطاهُ أَسماعَ الخلائِقِ، فَلا يُصَلِّي عليَّ أحدٌ إلى يومِ القيامَةِ إلَّا أَبلَغَنِي باسمِهِ واسمِ أبيهِ، هَذا فلانُ ابنُ فلانٍ قَد صلَّى عليكَ».

فالسَّعيدُ من عُرِضَ اسمُهُ أمامَ الحبيبِ الأعظمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في كُلِّ يومٍ مئاتِ المرَّات.

لا يرى لنفسِهِ فضلاً إلا بالوحي:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: هذا غَيضٌ من فَيضٍ، مِمَّا آتاهُ اللهُ تعالى الذي قالَ لهُ مولانا عزَّ وجل: ﴿وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً﴾. والسؤالُ هل كانَ يرى لِنَفسِهِ فضلاً على غيرِهِ إلا بالوَحي، لأنَّ اللهَ تعالى قالَ لهُ: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ﴾؟

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: يقولُ سيدنا عثمان رَضِيَ اللهُ عنهُ  كانَ يعودُ مَرضَانَا، ويَتَّبِعُ جَنَائِزَنَا، ويَغزُو مَعَنَا، ويُواسِينَا بالقَليلِ والكَثِيرِ.

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: نعم، هكذا كانَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لا يَرى لنفسِهِ فضلاً إلا بالوَحيِ، بل كانَ يقولُ لِصَحبِهِ الكِرامِ:

أولاً: روى الإمام البخاري عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ».

ثانياً: روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ ـ فأجابَهُ بتواضُعٍ ونفى عن نفسِهِ هذا الَّلقَبَ ـ: «ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام».

ثالثاً: روى الإمام البخاري عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى».

رابعاً: روى الإمام عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ لَهُ: «هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِن قُرَيشٍ كانَت تَأْكُلُ الْقَدِيدَ».

بأبِي وأُمِّي وأصُولِي وفُروعِي وزوجَتِي ورُوحِي وكلِّ ما أملِكُ أنتَ يا سيِّدي يا رسولَ اللهِ، فجزاكَ اللهُ عنِّي وعنِ الأُمَّةِ كلِّها خيرَ ما جَزَى نبيَّاً رسولاً عن أُمَّتِهِ.

وَمِـــمَّا زَادَنِي شَــرَفًا وَتِـيهاً     ***    وَكِدْتُ بِأَخْمُصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا

دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِك يَا عِبَادِي    ***    وَأَنْ صَــيَّرْت أَحْمَدَ لِي نَبِيَّا

خامساً: أخرجَ الترمذي عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ»، قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوَسِيلَةُ؟ قَالَ: «أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ».

مع كلِّ هذا كانَ يتحمَّلُ جَفوَةَ النَّاسِ:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: مَعَ عِظَمِ قَدرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ورِفعَةِ قَدرِهِ وشأنِهِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، كانَ يتحمَّلُ جَفوَةَ الأعرابِ، ويُقابِلُ الغِلظَةَ بِلَطِيفِ المَقالِ والحَالِ، حتَّى لا يُفتَنُوا، ويَسلِكُ بِهِم مَسالِكَ الرَّحمَةِ والِّلينِ والتُؤدَةِ حتى لا يَشرُدُوا عنِ النَّهجِ القَويمِ.

أولاً: جاءَ في الحديثِ الصحيحِ الذي رواهُ الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: (كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ).

وروى البزار عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ أَعْرَابِيَّاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِينُهُ فِي شَيْءٍ، فَأَعْطَاهُ شَيْئاً، ثُمَّ قَالَ: «أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟»

قَالَ الأَعْرَابِيُّ: لا، وَلا أَجْمَلْتَ، قَالَ : فَغَضِبَ الْمُسْلِمُونَ وَقَامُوا إِلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ: أَنْ كُفُّوا.

ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الأَعْرَابِيِّ، فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ: «إِنَّكَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ» فَزَادَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَيْئاً، ثُمَّ قَالَ: «أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟»

قَالَ الأَعْرَابِيُّ : نَعَمْ ، فَجَزَاكَ اللهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْراً، فَقَالَ له النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، وَقُلْتَ مَا قُلْتَ، وَفِي أَنْفُسِ أَصْحَابِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَقُلْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا قُلْتَ بَيْنَ يَدَيَّ؛ حَتَّى يَذْهَبَ مِنْ صُدُورِهِمْ مَا فِيهَا عَلَيْكَ». قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَوِ الْعَشِيُّ جَاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا كَانَ جَاءَ فَسَأَلَنَا، فَأَعْطَيْنَاهُ، فَقَالَ مَا قَالَ، وَإِنَّا دَعَوْنَاهُ إِلَى الْبَيْتِ فَأَعْطَيْنَاهُ، فَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ، أَكَذَلِكَ؟» قَالَ الأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْراً. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلا إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ هَذَا الأَعْرَابِيِّ؛ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ نَاقَةٌ شَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلا نُفُوراً، فَنَادَاهُمْ صَاحِبُ النَّاقَةِ: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاقَةِ فَأَنَا أَرْفَقُ النَّاسِ بِهَا وَأَعْلَمُ، فَتَوَجَّهَ لَهَا صَاحِبُ النَّاقَةِ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَأَخَذَ لَهَا مِنْ قُمَامِ الأَرْضِ، فَرَدَّهَا هَوْناً حَتَّى جَاءَتْ وَاسْتَنَاخَتْ، وَشَدَّ عَلَيْهَا رَحْلَهَا وَاسْتَوَى عَلَيْهَا، وَإِنِّي لَوْ تَرَكْتُكُمْ حَيْثُ قَالَ الرَّجُلُ مَا قَالَ، فَقَتَلْتُمُوهُ، دَخَلَ النَّارَ».

خاتمةٌ نسألُ الله تعالى حُسنَها:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: هذا هوَ حبيبُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فهل نتَّقي اللهَ بِسَيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ولا نُنَفِّرَ أحداً عن دِينِ الله تعالى؟

اللهمَّ اجعل إيمانَنَا بسيِّدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حُجَّةً لنا لا علينا يا أرحمَ الراحمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 13/ربيع الأول /1434هـ، الموافق: 24/كانون الثاني / 2013م