14ـ مع الحبيب المصطفى: يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء؟

 

 مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

14ـ يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء؟

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: خُلُقُ الوفاءِ خُلُقٌ يَشِفُّ عن إنسانيَّةِ الإنسانِ، ويَكشِفُ عن سُمُوِّ نَفسِهِ، وعُلُوِّ قَدرِهِ، خُلُقٌ لا تَجِدُهُ عندَ طُلَّابِ الدُّنيا، ولا تجِدُهُ عندَ الأنانِيِّينَ، خُلُقُ الوَفاءِ خُلُقُ الكِرامِ البَاذِلينَ، خُلُقُ الرِّجَالِ الأجوادِ، خُلُقُ الأنبِياءِ والمُرسَلينَ، خُلُقُ الصَّادِقينَ العَارِفينَ باللهِ تعالى، خُلُقُ الرُّحَماءِ الذينَ جُبِلَت قُلُوبُهُم على الرَّحمَةِ، خُلُقُ الإنسانِ الكَامِلِ.

خُلُقُ الوَفاءِ هو اعترافٌ بالفَضلِ، والمُقابَلَةُ بالحُسنى لِمَن أسدى إليكَ مَعروفَاً، أو مدَّ لكَ يداً بالخيرِ.

لم تعرِفِ البَشَريَّةُ صاحِبَ وَفاءٍ مِثلَ سيِّدِنَا محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لو قرأنا سِيرةَ الرِّجالِ العِظامِ على مَمَرِّ التَّاريخِ، فإنَّنَا لا نَجِدُ صاحِبَ وَفاءٍ أعظَمَ مِن سيِّدِنَا محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وإليكُم صُوَرَاً مِن وَفائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ معَ مَن أَسدَى إليهِ معرُوفَاً، مَعَ أنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هوَ صاحِبُ المَعرُوفِ على الخَلقِ جَمِيعاً.

أولاً: وفاؤُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لعمِّهِ أبِي طالِب:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: عَمُّ سيِّدِنَا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أبو طالِبٍ، آوى سيِّدَنا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وأَنفَقَ عليهِ وأَسكَنَهُ مَعَ أبنائِهِ، ونَصَرَهُ وحَمَاهُ مِنَ المُشرِكينَ، فكانَ مِن وَفاءِ سيِّدِنَا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لهُ أنَّهُ لم يَتَخلَّ عنهُ مَعَ رَفضِهِ للنُّطقِ بالشَّهادَتينَ، وقَرَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أن يَستَغفِرَ لهُ ما لَم يُنهَ عَن ذلِكَ.

جاءَ في الحديثِ الصَّحيحِ الذي رواهُ الإمام البخاري عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ: «يَا عَمِّ! قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ» فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا واللهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾.

وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾. وهُنَا امتَنَعَ سيِّدُنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عنِ الاستِغفَارِ لهُ امتِثالاً لأمرِ اللهِ تعالى.

ولكن لِنَعلَمْ أيُّهَا الإخوَةُ الكرام أنَّهُ لولا أنَّ اللهَ تعالى حرَّمَ دُخولَ الجنَّةِ على المُشرِكينَ كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ باللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار﴾. لمَاَ بَعُدَ أَن تَنالَهُ شفاعَةُ سيِّدُنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِدُخولِ الجَنَّةِ، ولكن نَالتْهُ شفاعتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حيثُ صارَ أهوَنَ أهلِ النَّارِ عذاباً.

جاءَ في الحديثِ الصَّحيحِ الذي رواهُ الإمامُ البُخاري عَن العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ؟ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ، وَيَغْضَبُ لَكَ، قَالَ: «نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، لَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ».

وفي روايَةٍ للإمامِ مسلمِ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «نَعَمْ، وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنْ النَّارِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ».

وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ فَقَالَ: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ».

لذَا صارَ أهوَنَ أهلِ النَّارِ عذاباً بِشَفاعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كما جاء في الحديثِ الصَّحيحِ الذي رواهُ الإمامُ مسلم عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ».

هذا هوَ وفاءُ الحَبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَن أَسدَى إليهِ مَعروفَاً وكانَ مُشرِكاً، فكيفَ لو كانَ مؤمِنَاً.

ثانياً: وَفاؤُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للمُطْعِمِ بن عَدِيٍّ:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ رجُلٌ أجارَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حينَ رَجَعَ منَ الطَّائِفِ.

جاءَ في البدايةِ والنِّهايَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُرَيْقِطٍ إِلَى الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُجِيرَهُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ حَلِيفَ قُرَيْشٍ لَا يُجِيرُ عَلَى صَمِيمِهَا. ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو لِيُجِيرَهُ، فَقَالَ: إِنَّ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ لَا تُجِيرُ عَلَى بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ.

فَبَعَثَهُ إِلَى الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ لِيُجِيرَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، قُلْ لَهُ فَلْيَأْتِ. فَذَهَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ، فَبَاتَ عِنْدَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَ مَعَهُ هُوَ وَبَنُوهُ سِتَّةٌ - أَوْ سَبْعَةٌ - مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ جَمِيعاً، فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ وَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ : طُفْ. وَاحْتَبَوْا بِحَمَائِلِ سُيُوفِهِمْ فِي الْمَطَافِ.

فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مُطْعِمٍ، فَقَالَ: أَمُجِيرٌ أَمْ تَابِعٌ؟ قَالَ: لَا، بَلْ مُجِيرٌ. قَالَ: إِذًا لَا تُخْفَرُ. فَجَلَسَ مَعَهُ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ طَوَافَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ انْصَرَفُوا مَعَهُ، وَذَهَبَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَجْلِسِهِ.

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: حَفِظَ سيِّدُنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هذا المَعروفَ للمُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ، فقد جاء في صحيحِ البخاري عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي أَسَارَى بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيَّاً ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ».

عَلَّمَ سيِّدُنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الأمَّةَ الوَفاءَ حتَّى لِلحيوانِ:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: سيِّدُنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ البَشَرِيَّةَ جَمعَاءَ كيفَ يكونُ الوَفاءُ للأقارِبِ والأباعِدِ، بل علَّمَهُم كيفَ يكونُ الوَفاءُ للحيواناتِ العَجماواتِ.

روى البيهقي عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: أَنَّ قَوْماً أَغَارُوا فَأَصَابُوا امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ وَنَاقَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ وَالنَّاقَةُ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ انْفَلَتَتِ الْمَرْأَةُ، فَرَكِبَتِ النَّاقَةَ، فَأَتَتِ الْمَدِينَةَ، فَعُرِفَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ لأَنْ أَنْجَانِيَ اللهُ عَلَيْهَا لأَنْحَرَنَّهَا، فَمَنَعُوهَا أَنْ تَنْحَرَهَا حَتَّى يَذْكُرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «بِئْسَمَا جَزَيْتِهَا أَنْ نَجَّاكِ اللهُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرِيهَا، لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلا فِيمَا لا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ».

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: هذا هوَ نبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وهذا هوَ وَفاؤُهُ، وهذا تعليمُهُ للأُمَّةِ كيفَ يكونُ الوفاءُ بحقِّ البَهائِمِ والحيوانَاتِ، فأينَ وفاؤُنَا لِبَلَدِنَا؟ وأينَ وَفاؤُنَا لأُمَّتِنَا؟ وأينَ وفاؤُنَا لمَن نعيشُ مَعَهُم في هذا البَلَدِ الحبيبِ؟

بَل أقولُ: أينَ وفاؤُنَا لسيِّدِنَا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي أخرَجَنَا منَ الضَّلالِ إلى الهُدى، ومِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ، ومِنَ الشَّقاءِ إلى السَّعادَةِ؟ وهَل ما يُعرَضُ على سيِّدِنَا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من أعمالِنَا فيهِ شيءٌ منَ الوَفاءِ الذي يُدخِلُ السُّرورَ إلى قلبِهِ الشَّريفِ؟ أم أنَّهُ يُحزِنُ قلبَهُ الشَّريفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

أسألُ اللهَ تعالى أن يَرُدَّنَا إلى دِينِهِ ردَّاً جَميلاً.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 29/ربيع الثاني /1434هـ، الموافق: 11/آذار / 2013م