27 ـ دروس رمضانية: هل نسيت أيها المؤمن؟

 

 27 ـ دروس رمضانية: هل نسيت أيها المؤمن؟

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: يجِبُ عَلَينا أن لا نَنسى قَولَ الله تعالى في حُقوقِ المؤمنينَ تُجاهَ بَعضِهِمُ البَعضِ، وأن لا نَنسى أحاديثَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حُقوقِ المؤمنينَ تُجاهَ بَعضِهِمُ البَعضِ، وأن لا نَنسى قَولَ الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.

هل نَسيتَ أيُّها المؤمنُ؟:

هل نَسيتَ أيُّها المؤمنُ قَولَ الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون﴾؟

وهل نَسيتَ قولَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ الله فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»؟ رواه الإمام البخاري عن ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وهل نَسيتَ قَولَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ، رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ»؟ رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وهل نَسيتَ مُقتَضَياتِ هذهِ الأُخُوَّةِ؟ والتي من جُملَتِها:

أولاً: الخُلُقُ الحَسَنُ معَهُم:

يَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ الْمُسَدِّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجَةَ الصَّوَّامِ الْقَوَّامِ بِآيَاتِ الله بِحُسْنِ خُلُقِهِ وَكَرَمِ ضَرِيبَتِهِ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما.

إدخالُ السُّرورِ والفَرَحِ إلى قُلوبِهِم بِقَضاءِ حوائِجِهِم:

يَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِندَما سُئِلَ: أيُّ الأعمالِ أفضَلُ؟

قال: «أن تُدخِلَ على أخيكَ المسلِمِ سُروراً، أو تَقضِيَ عنهُ دَيناً، أو تُطعِمَهُ خُبزاً» رواه البيهقي عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «من أفضَلِ العَمَلِ إدخالُ السُّرورِ على المؤمِنِ، يَقضِي عنهُ دَيناً، يَقضِي له حَاجَةً، يُنَفِّسُ عنهُ كُربَةً» رواه البيهقي عن ابن المنكَدِرِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى الله تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِيَ عَنْهُ دَيْناً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ـ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ـ شَهْراً، وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ. وفي رواية: وإنَّ سُوءَ الخُلُقِ لَيُفسِدُ العَمَلَ كما يُفسِدُ الخَلُّ العَسَلَ ـ» رواه الطبراني في الكبير عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما.

ثالثاً: وُجوبُ السَّترِ عليهِ بعدَ نُصحِهِ:

يَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام البخاري عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عنهُما.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُل الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِع اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِع اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ» رواه ابن ماجه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَتَرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وُجوبُ صَونِ عِرضِ المُسلِمِ:

يَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سَابُّ المؤمِنِ كالمشرِفِ على الهَلَكَةِ» رواه البزار عن ابن عمرو رَضِيَ اللهُ عنهُما.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ» رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» رواه الإمام أحمد وأبو داود عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الزَّاني بِحَليلَةِ جارِهِ لا يَنظُرُ اللهُ إليهِ يَومَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِ ويَقولُ: ادخُلِ النَّارَ معَ الدَّاخِلينَ» رواه ابن أبي الدنيا والخرائطي عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَاباً، أيسَرُها مِثلُ أن يَنكِحَ الرَّجُلُ أمَّهُ، وإنَّ أربَى الرِّبا عِرضُ الرُّجُلِ المسلِمِ» رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

خامساً: الدُّعاءُ لهُ بِظَهرِ الغَيبِ:

يَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ» رواه الإمام مسلم عن أُمَّ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عنها.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوةُ الكرامُ: من سَعادَةِ المؤمنِ أن لا يَنسى حُقوقَ المؤمنينَ عَلَيهِ، ولن يَكمُلَ إيمانُ المؤمنِ حتَّى يُحِبَّ لأخيهِ ما يُحِبُّهُ لِنَفسِهِ، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 27 /رمضان /1434هـ، الموافق: 5/آب/ 2013م