طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِنَّ الرَّهْنَ جَائِزٌ شَرْعَاً، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبَاً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ﴾.
وَالرَّهْنُ هُوَ عَقْدُ تَوْثِيقٍ للدَّيْنِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَضْمَنَ الدَّائِنُ حَقَّهُ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ للدَّائِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنَ العَيْنِ المَرْهُونَةِ بِدُونِ أَجْرِ المِثْلِ، فَإِنِ انْتَفَعَ مِنَ العَيْنِ المَرْهُونَةِ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَو بِأَجْرٍ رَمْزِيٍّ، دَخَلَهُ شَيْءُ مِنْ شُبْهَةِ الرِّبَا، للقَاعِدَةِ: (كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعَاً فَهُوَ رِبَاً). أَمَّا إِذَا انْتَفَعَ مِنَ العَيْنِ المَرْهُونَةِ بِأَجْرِ المِثْلِ فَلَا حَرَجَ في ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ العَقْدَانِ في عَقْدٍ وَاحِدٍ، فَيَجْعَلُ عَقْدَ الرَّهْنِ لِوَحْدِهِ مِنْ أَجْلِ تَوْثِيقِ حَقِّهِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَتَّفِقُ مَعَ الرَّاهِنِ عَلَى اسْتِئْجَارِ العَيْنِ المَرْهُونَةِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ عَمَّهُ المَبْلَغَ المَذْكُورَ أَعْلَاهُ قَرْضَاً حَسَنَاً وَرَهَنَ عَمَّهُ الأَرْضَ عِنْدَهُ لِضَمَانِ حَقِّهِ، ثُمَّ جَعَلَ عَقْدَ آجَارٍ عَلَى العَيْنِ المَرْهُونَةِ بِأَجْرِ المِثْلِ فَلَا حَرَجَ في ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى.
وَتَجْدُرُ المُلَاحَظَةُ هُنَا بِأَنَّ الأُجْرَةَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً وَمُحَدَّدَةً لَا نِسْبَةً، وَهَذَا الحُكْمُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَخَالَفَ بِذَلِكَ الحَنَابِلَةُ وَقَالُوا بِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الأُجْرَةُ نِسْبَةً شَائِعَةً، وَالخُرُوجُ مِنَ الخِلَافِ بَيْنَ الفُقَهَاءِ أَوْلَى. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |