طباعة |
اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّهُ لا يَحِلُّ للإنسَانِ أن يَأخُذَ مَالَ الآخَرِينَ بِسَبَبِ السَّهْوِ والخَطَأِ، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾. ولِقَولِهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾.
وروى الإمام أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَلَا وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِطِيب نَفْسٍ مِنْهُ».
وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ عَصَا أَخِيهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ». وَذَلِكَ لِشِدَّةِ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَالِ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ.
وروى الشيخان عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «واللهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئاً بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَداً مِنْكُمْ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعِيراً لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ».
وبناء على ذلك:
فهذا المَالُ الزَّائِدُ الذي أَخَذْتَهُ عن ثَمَنِ السِّلعَةِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ بَينَكَ وبَينَ المُشتَرِي لخطئ وقع فيه المشتري يحَرمٌ عَلَيكَ، وقد ارتَكَبتَ خِيَانَةً من الخِيَانَاتِ، والتي هيَ من وَصْفِ المُنَافِقِينَ «وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَوَجَبَ عَلَيكَ أن تَبحَثَ عن المُشتَرِي حتَّى تَرُدَّ إِلَيهِ حَقَّهُ، فإن عَجَزتَ عن الوُصُولِ إِلَيهِ وَجَبَ عَلَيكَ التَّخَلُّصُ من هذا المَالِ الحَرَامِ، وذلكَ بِصَرْفِهِ للفُقَرَاءِ، وإنْ تَبَيَّنَ لَكَ صَاحِبُهُ في المُستَقبَلِ وَجَبَ عَلَيكَ رَدُّ الحَقِّ إِلَيهِ، إلا إذا سَامَحَكَ، وإن زاد لك في الثمن المتفق عليه برضاه قصد الهبة فلا شيء عليك في أخذه. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |