طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ بَيَّنَ لَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ حُقُوقَ الوَالِدَيْنِ في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَقَـضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانَاً﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُـشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً﴾.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْـمَعْرُوفِ» رواه الشيخان عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وبناء على ذلك:
فَطَلَبُ الوَالِدِ مِنَ ابْنَتِهِ نَزْعَ الحِجَابِ هُوَ طَلَبُ مَعْصِيَةٍ وَكَبيرَةٍ مِنَ الكَبَائِرِ، وَلَا طَاعَةَ لَهُ عَلَيْهَا في هَذَا الأَمْرِ، وَهُوَ آثِمٌ فِيمَا أَمَرَ، لِأَنَّ المُؤْمِنَ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، وَأَمَّا المُنَافِقُ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنِ المَعْرُوفِ.
وَيَحْرُمُ على البِنْتِ أَنْ تَسْتَجِيبَ لِأَمْرِ أَبِيهَا هَذَا، وَلَوْ هَجَرَهَا، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا بِزِيَارَتِهِ، وَغَضَبُهُ عَلَيْهَا لَا يُؤَثِّرُ عَلَيْهَا، وَهِيَ لَيْسَتْ بِعَاصِيَةٍ لَهُ، وَلَا عَاقَّةٍ، بَلْ هُوَ عَاصٍ للهِ تعالى.
وَلَكِنْ عَلَيْهَا أَنْ تَصِلَهُ، وَأَنْ لَا تَتْرُكَ وَصْلَهُ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ، وَإِنْ طَرَدَهَا، لقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |