السؤال :
نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ للرَّجُلِ الجَمْعُ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ مَعًا، وَلَكِنْ لَو تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً، ثُمَّ مَاتَتْ، ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْ أُخْتِهَا، فَإِنْ كَانَ هُوَ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَهَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ في الجَنَّةِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10610
 2020-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ ذَكَرَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ المُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾. ثُمَّ قَالَ: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾.

وَنَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الجَمْعُ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ في وَقْتٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ الجَمْعَ بَيْنَهُمَا يُـفْضِي إلى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، بِسَبَبِ مَا يَكُونُ عَادَةً بَيْنَ الضُرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرَةٍ مُوجِبَةٍ للتَّحَاسُدِ وَالتَّبَاغُضِ وَالعَدَاوَةِ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ حَرَامٌ، فَمَا أَدَّى إِلَيْهِ فَهُوَ حَرَامٌ.

أَمَّا إِذَا مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا، أَو طُلِّقَتْ، فَيَجُوزُ للرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ أُخْتِهَا، وَهَذَا بِالاتِّفَاقِ بَيْنَ الفُقَهَاءِ.

هَذَا الحُكْمُ في دَارِ التَّكْلِيفِ، أَمَّا في الآخِرَةِ فَالمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةٌ، لِأَنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ عِنْدَمَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يَنْزِعُ اللهُ تعالى مَا في قُلُوبِهِمْ مِنْ غِلٍّ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَقَدْ حَرَّمَ الإِسْلَامُ الجَمْعَ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ في وَقْتٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلى المُنَازَعَةِ وَالتَّحَاسُدِ وَالتَّبَاغُضِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَمَا أَدَّى إلى حَرَامٍ فَهُوَ حَرَامٌ.

أَمَّا في الآخِرَةِ فَلَيْسَ ثَمَّةَ حَسَدٌ وَلَا بَغْضَاءُ وَلَا تَدَابُرَ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾. لِذَا يَكُونُ الجَمْعُ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ، وَبَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَهَكَذَا. هذا، والله تعالى أعلم.