السؤال :
مَنِ هُوَ الذي زَوَّجَ سَيِّدَنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ هَلْ هُوَ نَبِيُّ اللهِ سَيِّدُنَا شُعَيْبٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَمْ هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ اسْمُهُ شُعَيْبٌ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10995
 2021-03-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدِ اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ وَالعُلَمَاءُ في هَذَا الرَّجُلِ مَنْ هُوَ؟

فَقِيلَ: هُوَ سَيِّدُنَا شُعَيْبٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، الذي أَرْسَلَهُ اللهُ تعالى إلى أَهْلِ مَدْيَنَ، قَالَ تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا﴾. وَهَذَا هُوَ المَشْهُورُ عِنْدَ الكَثِيرِينَ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَيْهِ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

جَاءَ في تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ شُعَيْبًا هُوَ الذي قَصَّ عَلَيْهِ مُوسَى القَصَصَ قَالَ: ﴿لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَوَلَدِهِ، فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ، فَدَخَلُوا.

فَقَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ؟».

قِيلَ لَهُ: هَذَا وَفْدُ عَنَزَةَ.

فَقَالَ: «بَخٍ بَخٍ بَخٍ نِعْمَ الْحَيُّ عَنَزَةُ مَبْغِيٌّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ، مَرْحَبًا بِقَوْمِ شُعَيْبٍ، وَأَخْتَانِ مُوسَى، سَلْ يَا سَلَمَةُ عَنْ حَاجَتِكَ».

قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَمَّا افْتَرَضْتَ عَلَيَّ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْعَنْزِ، فَأَخْبَرَهُ، ثُمَّ جَلَسَ عِنْدَهُ قَرِيبًا، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ فِي الانْصِرَافِ، فَقَالَ لَهُ: «انْصَرِفْ».

فَمَا غَدَا أَنْ قَامَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْ عَنَزَةَ كَفَافًا، لَا قُوتًا وَلَا إِسْرَافًا».

وَقَدْ صَرَّحَ طَائِفَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ أَنَّ سَيِّدَنَا شُعَيْبًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَاشَ عُمُرًا طَوِيلًا بَعْدَ هَلَاكِ قَوْمِهِ، حَتَّى أَدْرَكَهُ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَتَزَوَّجَ بِابْنَتِهِ.

وَقِيلَ: إِنَّ صَاحِبَ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ شُعَيْبٌ، وَكَانَ سَيِّدَ المَاءِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ بِالنَّبِيِّ صَاحِبِ مَدْيَنَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَقِيلَ: إِنَّهُ ابْنُ أَخِي شُعَيْبٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَقِيلَ: ابْنُ عَمِّهِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالقَوْلُ المَشْهُورُ عِنْدَ الكَثِيرِ أَنَّهُ هُوَ سَيِّدُنَا شُعَيْبٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، الذي أَرْسَلَهُ اللهُ تعالى إلى مَدْيَنَ.

وَيَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَفْرَسُ النَّاسِ ثَلَاثَةٌ: الْعَزِيزُ حِينَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتِّخِذَهُ وَلَدًا﴾. وَالَّتِي قَالَتْ: ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾. وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ تَفَرَّسَ فِي عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. رواه الحاكم. هذا، والله تعالى أعلم.