السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَعَنَ زَوْجَتَهُ بِقَوْلِهِ: لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْكِ كَمَا لَعَنَ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، يَقَعُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ الطَّلَاقُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10132
 2020-01-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى الشيخان عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ».

وروى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ، وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وَمِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ في دِينِنَا الحَنِيفِ أَنَّ اللَّعْنَ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، لِذَلِكَ مَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَلْعَنُ أَحَدَاً، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانَاً، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا أولاً.

ثانياً: روى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا الرَّجُلَ يَلْعَنُ أَخَاهُ، رَأَيْنَا أَنَّهُ قَدْ أَتَى بَابَاً مِنَ الْكَبَائِرِ.

وروى أبو داود عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئَاً صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينَاً وَشِمَالَاً، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغَاً رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلَاً وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا».

وروى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا وُجِّهَتْ إِلَى مَنْ وُجِّهَتْ إِلَيْهِ، فَإِنْ أَصَابَتْ عَلَيْهِ سَبِيلَاً، أَوْ وَجَدَتْ فِيهِ مَسْلَكَاً، وَإِلَّا قَالَتْ: يَا رَبِّ، وُجِّهْتُ إِلَى فُلَانٍ، فَلَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلَاً، وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَسْلَكَاً، فَيُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ».

ثالثاً: اللَّعْنُ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى العَلَاقَةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَلَا تَطْلُقُ بِهِ المَرْأَةُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَعْنَةُ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ حَرَامٌ شَرْعَاً، وَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَإِذَا كَانَتْ بِعِلْمِ اللهِ تعالى لَا تَسْتَحِقُّ اللَّعْنَةَ، عَادَتِ اللَّعْنَةُ عَلَى قَائِلِهَا.

وَمَا أَقْبَحَ هَذِهِ اللَّعْنَةَ التي تَصْدُرُ مِنْ مُسْلِمٍ لِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ ـ لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْكِ كَمَا لَعَنَ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى ـ لِمَاذَا هَذَا اللُّؤْمُ وَالحِقْدُ؟

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: اللَّعْنُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ. هذا، والله تعالى أعلم.