السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الذي يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ لَا يُسْأَلُ في قَبْرِهِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10174
 2020-02-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَد روى الإمام الترمذي في سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللهُ فِتْنَةَ القَبْرِ».

وروى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ».

وَأَخْرَجَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ في التَّرْغِيبِ ـ كَمَا في تُحْفَةِ الأحوذي ـ عَنْ إِيَاسِ بْنِ بُكَيْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَوُقِيُ فِتْنَةَ الْقَبْر» كذا في المطالب العالية.

وَجَاءَ في حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أُجِيرَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَجَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ».

وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالأَحَادِيثُ التي ذُكِرَتْ فِيمَنْ مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَو لَيْلَةَ الجُمُعَةِ هِيَ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ، وَلَكِنْ يُسْتَأْنَسُ بِهَا لِمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى وَالصَّلَاحِ، وَيُسْتَبْشَرُ بِهَا لِمَنْ حَسُنَتْ خَاتِمَتُهُ.

وَالحَقُّ الذي لَا خِلَافَ فِيهِ هُوَ أَنَّ العَمَلَ الصَّالِحَ مَعَ الإِخْلَاصِ للهِ تعالى هُوَ الذي يَنْفَعُ العَبْدَ في قَبْرِهِ، لِأَنَّ هُنَاكَ مِنَ الكُفَّارِ وَالفُسَّاقِ وَالفُجَّارِ مَنْ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَهَلْ هُمْ سُعَدَاءُ في قُبُورِهِمْ؟

روى الإمام أحمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ  ـ في وَصْفِ حَالِ المُؤْمِنِ في قَبْرِهِ ـ «فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الجَنَّةِ».

قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا، وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ».

قَالَ: «وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الوَجْهُ يَجِيءُ بِالخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ».

وَأَمَّا غَيْرُ المُؤْمِنِ: «فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا، وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ». هذا، والله تعالى أعلم.