السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ بِأَنَّ العَبْدَ إِذَا كَانَ يَنْطِقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَلَكِنْ لَا يَلْتَزِمُ أَوَامِرَ اللهِ تعالى، وَلَا يَجْتَنِبُ نَوَاهِيَهُ، يَدْخُلُ الجَنَّةَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10201
 2020-03-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الإمام مسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ».

ثانيًا: النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ يَجِبُ أَنْ تَظْهَرَ آثَارُهَا عَلَى المُسْلِمِ، الإِيمَانُ مَا وَقَرَ في القَلْبِ وَصَدَّقَهُ العَمَلُ.

ثالثًا: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَمَا يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ الجَنَةِ وَالنَّارِ يَقُولُ: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ * وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾.

وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾.

رابعًا: روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ؛ ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَا، أَوِ الحَيَاةِ ـ شَكَّ مَالِكٌ ـ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً».

قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الحِبَّةُ» بِـكَسْرِ الحَاءِ، بُزُورُ البُقُولِ، وَحَبُّ الرَّيَاحِينِ؛ وَأَمَّا الحَبَّةُ بِالفَتْحِ فَهِيَ الحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ مُقِرٌّ بِذَلِكَ وَمُصَدِّقٌ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ، فَمَآلُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى إلى الجَنَّةِ، وَلَكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنَ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ ابْتِدَاءً، وَمَنْ يَدْخُلُهَا نِهَايَةً. هذا، والله تعالى أعلم.