السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ بِأَنَّهُ إِذَا اتَّفَقَ جَمَاعَةٌ عَلَى قِرَاءَةِ خَتْمَةٍ مِنَ القُرْآنِ، كُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ جُزْءًا أَو جُزْأَيْنِ، يُكْتَبُ الأَجْرُ للجَمِيعِ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ خَتَمَ خَتْمَةً كَامِلَةً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10225
 2020-03-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: تِلَاوَةُ القُرْآنِ العَظِيمِ مِنْ أَجَلِّ أَنْوَاعِ العِبَادَاتِ، وَتِلَاوَتُهُ أَفْضَلُ الأَذْكَارِ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَبِهِ يَزِيدُ الإِيمَانُ، وَتُنَالُ الحَسَنَاتُ التي لَا يَعْلَمُ عَدَدَهَا إِلَّا اللهُ تعالى.

روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِـعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ».

وروى الحاكم عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَارَ الْخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ فَخَرَجْنَا مَرَّةً مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: يَا هَنَاهْ ـ أَيْ :يَا رَجُلُ ـ، تَقَرَّبْ إِلَى اللهِ بِمَا اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّكَ لَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِـشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ.

فَقِرَاءَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ أَفْضَلُ الأَذْكَارِ، وَأَفْضَلُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مَطْلُوبَةً.

وَتَتَأَكَّدُ فَضِيلَةُ تِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ في شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ، فَهُوَ الشَّهْرُ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ.

ثانيًا: الاجْتِمَاعُ عَلَى تِلَاوَةِ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَخَاصَّةً في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ تعالى شَأْنُهُ عَظِيمٌ، سَوَاءٌ قَرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ، أَو يَقْرَأُ أَحَدُهُمْ وَيَسْمَعُ الآخَرُونَ.

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».

وَالاجْتِمَاعُ عَلَى قِرَاءَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ فِيهِ خَيْرٌ، يَحْصُلُ الأَجْرُ للتَّالِي، كَمَا يَحْصُلُ للمُسْتَمِعِ، وَلَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَيَسْمَعُ، قَالَ تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالاجْتِمَاعُ لِتِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَأَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءًا أَو أَكْثَرَ لِقِرَاءَتِهِ، شَيْءٌ حَسَنٌ وَطَيِّبٌ وَمُبَارَكٌ، وَلَكِنْ لِنَعْلَمْ بِأَنَّ الذي يَقْرَأُ يَأْخُذُ أَجْرَ قِرَاءَتِهِ لَا أَجْرَ قِرَاءَةِ غَيْرِهِ.

وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ أَجْرَ خَتْمَةِ القُرْآنِ كُتِبَتْ للجَمِيعِ لِأَنَّهُمْ تَقَاسَمُوا الخَتْمَةَ، هَلْ إِذَا اتَّفَقَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا عَلَى صِيَامِ يَوْمٍ يُكْتَبُ لَهُمْ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ صَامَ شَهْرًا كَامِلًا؟

وَهَلْ إِذَا اتَّفَقَ عِشْرُونَ شَخْصًا عَلَى صَلَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ رَكْعَتَيْنِ يُكْتَبُ لَهُمْ أَجْرُ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً؟

لِذَلِكَ أَنْصَحُ بِأَنْ يَتَّفِقَ هَؤُلَاءِ الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ عَلَى قِرَاءَةِ خَتْمَةٍ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ في كُلِّ شَهْرٍ، وَيُكْتَبُ الأَجْرُ للتَّالِي بِمِقْدَارِ مَا تَلَى.

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.