2020-04-18
 السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله اني اسكن منزل بالآجار وليس معي مالا يكفي لشراء بيت ، استرهنت بيتا يلزمه اكساء مقابل مبلغ من المال دون آجار ، علما اني لم اسكنه كونه غير مكسي او جاهز للسكن ، فقمت بِتَأجيرَهُ للراهن نفسه صاحب المنزل بآجار يوازي آجار البيت الذي اسْكُنهُ بموجب عقد مدته سنة ، علما انّ الراهن صاحب المنزل اكمل اكساء البيت بالمبلغ المرهون الذي قَبَضَهُ مِنّي ، وسكن المنزل هوَ مقابل الآجار الشهري الذي يدفعهُ لي . ارجو توضيح الحكم الشرعي للمسألة مفصّلا اذ قال لي أحد الأخوة الصالحين انّ هناك شبهة في المسأله
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10315
 0000-00-00

الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم, على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: عقد الرهن عقد توثيق لا عقد معاوضة، وما يجري اليوم ليس من عقود الرهن بل هو عقد معاوضة، حيث يدفع المرتهن المال للراهن على أن يسكن في بيته أو محله بدون أجر أو بأجر رمزي. وهذا لا يجوز شرعاً لأن التوصيف الشرعي لهذا العقد الذي يجري اليوم هو عقد قرض، فهناك مقرض وهو (المرتهن) وهناك مستقرض وهو (الراهن), والشرط في هذا العقد أن يدفع المقرضُ المالَ لصاحب الدار أو المحل على أن يسكن محله أو داره بدون أجر أو بأجر رمزي، والقاعدة معلومة لدى الجميع: كلُّ قرضٍ جرَّ نفعاً فهو ربا. وهذا هو الـواقع لأن الـراهن لو اشترط على المرتهن أن لا يسكن الدار لـرفض القرض، ولـو علم المُقرِضُ (المرتَهِن) بأنه سيدفع أجر المثل ما أقرضه ماله، فهو ما أقرضه المال إلا من أجل السكن بدون أجر، أو بأجر رمزي. لذلك: لا يجوز للمرتهن أن يسكن الدار إلا بأجر المثل, وألا يكون هذا الشرط في صلب عقد الرهن, حتى لا يكون عقدان في عقد واحد. وأما السؤال هل يدخل هذا تحت بيع الوفاء أم لا؟ أقول: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة والمتقدمون من الحنفية إلى أنه بيع فاسد، لأن اشتراط البائع أخذ المبيع إذا ردَّ الثمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع وحكمه، وهو ملك المشتري للمبيع على سبيل الاستقرار والدوام، وفي هذا الشرط منفعة للبائع، ولم يرد دليل يدل على جوازه، فيكون شرطاً فاسداً يفسد البيع باشتراطه فيه، ولأن البيع على هذا الوجه لا يقصد منه حقيقة البيع بشرط الوفاء، وإنما يقصد من ورائه الوصول إلى الربا المحرم، وهو إعطاء المال إلى أجل، ومنفعة المبيع هي الربح، والربا باطل في جميع حالاته. وذهب بعض المتأخرين من الحنفية إلى جواز هذا البيع، وحجتهم في ذلك: أن هذا البيع بهذا الشرط تعارفه الناس وتعاملوا به لحاجتهم إليه ، فراراً من الربا، فيكون صحيحاً. ويقول ابن عابدين رحمه الله تعالى: في بيع الوفاء قولان: الأول: أنه بيع صحيح. الثاني: القول الجامع لبعض المحققين أنه فاسد. وبناء على ما تقدم : 1ـ فلا يجوز الانتفاع من العين المرهونة إلا بدفع أجر المثل، وأن يكون عقد الإيجار مستقلاً عن عقد الرهن. 2ـ لا يجوز بيع الوفاء لأنه تحايل على الربا، وهذا هو قول الجمهور من فقهاء المالكية, والشافعية, والحنابلة, والمتقدمين من الحنفية, وبعض المتأخرين منهم. هذا والله تعالى أعلم.