السؤال :
شَابٌّ كَانَ صَالِحًا تَقِيًّا، حَافِظًا لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مُلَازِمًا الجُمُعَةَ وَالجَمَاعَةَ، فَأَغْوَاهُ الشَّيْطَانُ فَسَلَكَ طَرِيقَ الانْحِرَافِ، فَمَا نَصِيحَتُكَ لَهُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11697
 2022-01-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرُدَّ هَذَا الشَّابَّ وَجَمِيعَ شَبَابِ المُسْلِمِينَ إلى دِينِهِ رَدًّا جَمِيلًا، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ، وَنَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ لَا تَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، قَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. هذا أولًا.

ثانيًا: أَنْصَحُ نَفْسِي وَهَذَا الشَّابَّ وَكُلَّ شَابٍّ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ للهِ تعالى، بِأَنْ يُكْرِمَهُ اللهُ تعالى بِشَرْحِ الصَّدْرِ للإِسْلَامِ، وَبِتَحْبِيبِ الإِيمَانِ إلى قَلْبِهِ، وَأَنْ يُكَرِّهَ إِلَيْهِ الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الرَّاشِدِينَ، قَالَ تعالى: ﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾.

ثالثًا: أَنْ يَصْدُقَ في طَلَبِهِ مِنَ اللهِ تعالى، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾. وَمَنْ صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ اللهُ.

رابعًا: لِيَذْكُرْ هَذَا الشَّابُّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ فِينَا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾.

وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَدَبَّرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾.

خامسًا: عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ إثَارَةِ الشَّهْوَةِ بِمُشَاهَدَةِ الأَفْلَامِ الإِبَاحِيَّةِ، وَأَنْ يَغُضَّ مِنْ بَصَرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى حَذرٍ مِنَ الخَلْوَةِ بِالأَجْنَبِيَّةِ وَلَو  لِتَعْلِيمِ القُرْآنِ العَظِيمِ.

وَعَلَيْهِ الابْتِعَادُ عَنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ، وَعَلَيْهِ مُصَاحَبَةُ الأَخْيَارِ الذينَ وَصَفَهُمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه أبو يعلى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيْرٌ؟

قَالَ: «مَنْ ذَكَّرَكُمُ اللهَ رُؤْيَتُهُ، وَزَادَ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُمْ بِالْآخِرَةِ عَمَلُهُ». هذا، والله تعالى أعلم.